حوار مع الدكتورة (نور سعدي) رئيسة “الغروب النسائي السوري” في هولندا
“نور سعدي” طبيبة سورية مختصة بالطب المخبري متزوجة من الدكتور سليم بشارة الذي له نفس الاختصاص. لديهما ابن وابنة. مارسا مهنتهما في حلب بشكل مشترك كما حال أسرتهما.
لم تقتصر حياة الزوجين على النشاط المهني في الحقل الطبي، فكانا من الناشطين على الصعيد المجتمعي، حاملين حلمهم بمستقبل أفضل لسوريا على أساس الحرية والعدالة وحقوق الانسان.
ومع انطلاق الثورة في سوريا ومنذ لحظاتها الأولى، لم يكن أمام نور وسليم من خيار، سوى الانتماء لهذا المشروع الذي انتظرا انبثاقه كغيرهم من أقرانهم السوريين، لكنّ النظام في سوريا استطاع وبخبرته الكبيرة تحويل الثورة عن مساراتها الأولى لتبدأ مرحلة جديدة، مرحلة باتت تدعى بالحرب السورية في دلالة واضحة على سيادة العنف والدمار على المشهد السوري الذي تميز بوحشية منقطعة النظير لم يشهد التاريخ مثيلا لها، هذه الوحشية التي كان لمدينة حلب منها نصيبا كبيرا
الدمار في حلب والوحشية التي واجه بها النظام الثورة والمظاهرات والنشطاء أجبرت هؤلاء الناشطين كما غيرهم على مغادرة البلاد إلى بلاد أكثر أمناً.
وصلت نور إلى “هولندا” في عام 2013 ليتبعها زوجها بعد فترة ويتسنى له الالتحاق بأسرته ومعاودة نشاطهما الاجتماعي، الذي كان قائماً بالأصل خلال وجودهما في بلدهم سوريا.
“نور سعدي” ناشطة في أكثر من منصة، وعضو بأكثر من منظمة، وتعمل بشركة “سانور” التي أسستها مع زوجها الناشط، الطبيب “سليم بشارة” في الدعم الثقافي والإرشاد الطبي.
أمّا الأنشطة التي قامت بها نور في هولندا، فنترك لها فرصة الحديث عنها من خلال الحوار التالي الذي أجرته “جسر” معها:
*بداية أرحب بك باسم فريق صحيفة جسر، ونهنىء فريق الغروب النسائي بالجائزة التي حصل عليها مؤخراً، كما نهنىء جميع النساء السوريات بهذه الجائزة التي تعبر عن إبداع المرأة السورية بشكل عام.
*في البداية أشكر اهتمام جسر التي أعطتنا الفرصة عبر منبرها للحديث والتواصل مع النساء السوريات بشكل خاص، والسوريين بشكل عام، وأقول إنّ هذا النجاح لا يخصنا بمفردنا بل نعتبره جزء من نجاح السوريين الذين أجبرتهم ظروفهم على مغادرة بلادهم إلى شتى بقاع الأرض
*دكتورة نور هل النشاط الذي تقومين به في هولندا هو امتداد لنشاطك أثناء تواجدك في سوريا، أم أنّه نشاط فرضته الظروف الجديدة؟
*بالتاكيد للظروف المستجدة دور كبير، لكن ثمة علاقة ما بين نشاطنا اليوم ونشاطنا خلال تواجدنا في سوريا، فالغاية واحدة، وهي محاولة النهوض بواقع المرأة السورية وتأهيلها لممارسة دور أكبر في مستقبل البلاد، أمّا من حيث ما هو مستجد، فنحن كأعضاء “غروب” نحاول مساعدة المرأة السورية المقيمة في هولندا، على التأقلم مع المجتمع الجديد للتخفيف من شعورها بالغربة الحضارية والاجتماعية.
*ماهي الظروف التي تأسس في ظلّها “الغروب” وهل من مصاعب واجهتكم كفريق خلال تأسيسه.
*بالتأكيد ثمة صعوبات كثيرة وجدية، لأنّ عملية التأسيس قامت على جهد فردي، وبدون مساعدة أو دعم من أية جهة كانت، فعملنا بظروف مالية صعبة وكذلك عملنا على تجميع النساء من كل الأقطاب على المشاركة على العمل بالغروب لصالح العيش المشترك وصعوبة أخرى هي كيفية مجاراة نشاط التنظيمات الموجودة في هولندا وأساليب وقواعد عملهم.
*هل من جسور للتواصل مع نساء الداخل السوري، سيما وأنّ ظروف الحياة التي يتعرضن لها تواجه مصاعب جمّة، أم أنّ نشاط “الغروب” يقتصر على النساء المتواجدات في هولندا، أو أوروبا على الأكثر.
*التواصل مع نساء الداخل غاية استراتيجية بالنسبة لنا، لكنْ في الوقت الحالي لا يوجد، لأنّ التواصل مع الداخل يحتاج إلى جهود مضاعفة ونحن ما زلنا في طور التأسيس، حتى هنا في هولندا لا تزال إمكانياتنا محدودة، فكل جهد أو نشاط له شروط واقعية لا بد من تحقيقها، لكنّ التواصل مع نساء الداخل قضية مهمة ونحن نعمل على توفير الإمكانيات لذلك، وقد بدأنا مؤخراً بعض المحاولات للتواصل مع بعض النساء الناشطات في داخل سوريا للبدء في بناء الجسور معهم.
*هل الغروب، يعنى فقط بقضايا المرأة السورية، أم بالقضية السورية بشكل عام؟
*للغروب تركيبته النسوية، لكنّه لايقتصر بأنشطته على عنصر النساء فقط، ويعتبر المرأة نافذة له على المجتمع السوري بكل مكوناته، وهنا لا بد أنْ أشير، أنّ ثمة تطورات على بنية فريقنا رافقت عملنا، فأصبح الغروب يضم نساء من غير السوريات، وبات متاحاً لكل الناطقات باللسان العربي، من النساء اللواتي يعانين من ذات المصاعب في مجتمعاتهم، فأصبحت بيننا اليمينة والمصرية والعراقية والسودانية وغيرها، الأمر الذي أعطى الغروب بعداً جديداً وطابعا إنسانيا عاماً ، فقضايا الشعوب الخاضعة لسلطات دكتاتورية مستبدّة متشابهة لحد بعيد.
*ماذا يعني نيل جائزة “سفراء التسامح” بالنسبة لأعضاء الغروب بشكل عام وللدكتور نور بشكل خاص، كونها صاحبة البصمة الأولى في تأسيسه.
*بالتأكيد شعور إيجابي، لي ولباقي أعضاء الفريق وتجعلنا نطمئن بأننا على الطريق الصحيح والسعادة الأكبر تتجسد، بأنّ حصولنا على الجائزة جاء نتيجة لجهد ذاتي محض، فكانت جائزة نقية بكل معنى الكلمة بدون توصيات أو مساعدات أو تبنيات من أية جهة، شعرنا بأننا أُنصفنا من قبل الجهة التي تمنح الجائزة.
*ومن هي الجهة التي تقوم على منح هذه الجائزة، هل تعطينا لمحة عنها وعن طبيعة أنشطتها؟
*هذه الجائزة تنظمها سنويا مؤسسة “قصر التسامح” بالتعاون مع منظمة (وطن واحد عيش مشترك واحد) لتسليط الضوء على المبادرات والمشاريع التي تعزز التسامح.، أمّا الجهة التي ترعى هذه الجائزة، فهي “اللجنة الوطنية لليونسكو “في هولندا وهكذا تقدم الجائزة للمؤسسات التي تعمل لصالح العيش المشترك بين الثقافات المتعددة في المجتمع الواحد والتي تجعل الحياة أغنى وأجمل وأكثر أمانا.
*هل من تجمعات أخرى نافستكم للحصول على الجائزة؟
*نعم، وكان التنافس قويا بين المرشحين عن مقاطعات هولندا، حيث كان هناك منظمة أو مؤسسة مرشحة عن كل مقاطعة، ومع هذا حاز الغروب على أعلى نسبة تصويت على مستوى هولندا وبهذا نال الجائزة الأولى بكل جدارة.
*متى تأسس الـ”غروب” ؟
*تأسس في سنة 2016.
*ما هي المجالات التي يهتم بها الغروب النسائي؟
المجالات التي يهتم بها الغروب النسائي السوري، تمكين المرأة وتسهيل الاندماج في البلد الجديد، إيماناً منه بأنّ المرأة هي مفتاح التغيير وهي مرآة المجتمع وانعكاس له، وذلك عن طريق إقامة نشاطات ومشاريع مختلفة تسهل الاندماج، إضافة إلى فعاليات ثقافية والتعاون مع منظمات أخرى بالأهداف المتقاطعة معنا والمشاركة مع الحملات الدولية والوطنية مثل حملة مكافحة العنف ضد المرأة، إضافة إلى حملات التشجير والحفاظ على البيئة وغيرها.
وأيضاً المشاركة ببحوث لجامعات أو جهات في مواضيع تتعلق باللاجئين واللاجئات والمساهمة بالرأي والاقتراحات.
كما أصبح الغروب من الموقعين على القرار 1325، وأصبح شريك في الخطة الوطنية في هولندا. الملتزمة بالمشاركة المتساوية والهادفة للنساء والفتيات في صنع القرار بشأن السلام والأمن.
*هل حصل الغروب على جوائز أخرى في فترات سابقة، أمْ أنّ جائزة سفراء التسامح” هي الأولى؟
*جائزة “سفراء التسامح”، ليست الأولى التي يحظى بها الغروب، فقد نال الجائزة الذهبية للمدينة في مدينة ايمن سنة 2017، وبعدها الجائزة الأولى (ليس فان اورك) للعمل النسوي في سنة 2018.كما حصل على جائزة المرأة في الاعلام 2019 بمشاركة لي ونلّت (المركز الثاني) لأكثر امرأة قرأ عنها في الإعلام.وآخرها جائزة اليونسكو “سفراء التسامح” 2022.
*في الختام هل من رسالة تودين توجيهها عبر صحيفة جسر؟
*أقول نحن السوريات نعتب على وسائل الإعلام ومنصات التواصل والنشطاء، لأننا فوجئنا بأنّ نجاح الغروب النسائي وحصوله على الجائزة، وهي قيّمة، لم ينلْ حظّه من الاهتمام، وأؤكّد أنّه نجاح لكل السوريات والسوريين وليس لنا فحسب، وأقول أننا حاولنا وندّعي أننا أشعلنا شمعة على طريق الظلام، وشكراً لجسر الصحيفة المتميزة التي سلّطت الضوء على “الغروب النسائي” وعلى نجاحه الأخير بحصوله على جائزة “سفراء التسامح”.