أقسى شتاء في سوريا.. النبوءة تتحقق

أقسى شتاء في سوريا.. النبوءة تتحقق

أقسى شتاء في سوريا.. النبوءة تتحقق

أقسى شتاء في سوريا.. النبوءة تتحقق

أقسى شتاء في سوريا.. النبوءة تتحقق

أقسى شتاء في سوريا.. النبوءة تتحقق

أقسى شتاء في سوريا.. النبوءة تتحقق

شارك

أقسى شتاء في سوريا.. النبوءة تتحقق

أقسى شتاء في سوريا.. النبوءة تتحقق

إياد الجعفري

لم يكن ينقص السوريين في مناطق سيطرة النظام، سوى تجدد حرب الناقلات بين إسرائيل وإيران، كي تكتمل شروط تحقق النبوءة التي أطلقتها الأمم المتحدة قبل نحو شهرين، حينما بشّرت بواحدٍ من أقسى فصول الشتاء في سوريا، هذا العام، جراء نقص الوقود وتدهور الوضع الاقتصادي.

مثلّث أزمات الطاقة اكتمل. وبعد مرور أكثر من شهرين على فتح باب التسجيل على الدفعة الأولى من مازوت التدفئة (50 ليتراً للعائلة الواحدة)، وصلت نسبة التوزيع إلى نحو 43% من المستفيدين فقط. وهكذا ستتكرر تجربة العام الماضي من الانتظار العبثي، الذي انتهى باستلام غالبية العائلات للدفعة الأولى فقط (50 ليتراً) من أصل (200 ليتراً). أما الفارق بين الموسمين الماضي والحالي، فينحصر في أسعار السوق السوداء التي أخرجت شريحة جديدة من السوريين من خانة القادرين على توفير الدفء لأبنائهم.

وكذلك، تتفاقم أزمة الغاز المنزلي. ففي حماة، حُرم 22 ألف سوريّ من أسطوانته، بعد انتظار 90 يوماً. وفي حمص، تأخر تسليم الأسطوانات، أربعة أشهر. فيما حلّقت أسعار الأسطوانة في السوق السوداء لتصل إلى 150 ألفاً أو 200 ألف ليرة، في بعض المناطق.

وبالتوازي، مع أزمتَي المازوت والغاز، تفاقمت أزمة الكهرباء، التي باتت تأتي 4 ساعات فقط كل 24 ساعة، في أغلب أحياء العاصمة. وقد اختلف مسؤولو النظام في تبرير زيادة ساعات التقنين. إذ أرجعها بعضهم إلى ازدياد الحمولات على الشبكة الكهربائية جراء استخدام الكهرباء للتدفئة، فيما أرجعها بعضهم الآخر، إلى تراجع توريدات الغاز إلى محطات التوليد، بعد أن منعت “قوات سورية الديمقراطية – قسد”، ضخ أكثر من مليون متر مكعب من الغاز من حقول الجبسة، في “شرق الفرات”. وبطبيعة الحال، لم تتجرأ المصادر الرسمية على الكشف عن سبب قيام “قسد” بذلك الإجراء، والذي كان نتيجةً للحصار الذي فرضته الفرقة الرابعة على مناطق سيطرة الميليشيا الكردية في حلب، إثر خلافات بين الطرفين على الحصص من عمليات التهريب النشطة عبر خط التماس مع مناطق سيطرة الفصائل المُعارِضة بريف حلب الشمالي الغربي.

ومع اكتمال مثلّث أزمات الطاقة، زف الإعلام الموالي، قبل عشرة أيام، خبراً مفاده أن طهران قررت رفع كمية النفط المورّدة إلى سوريا، من 2 إلى 3 مليون برميل، شهرياً. ورغم أن هذا الرقم أقل بنسبة 50% من الاحتياجات الكلية لمناطق سيطرة النظام، وبنسبة 25% من الحد الأدنى لتلك الاحتياجات، إلا أنه كان بارقة أمل بأن احتدام أزمات مصادر الطاقة، قد يفتر قليلاً، مع اشتداد البَرد. وبالفعل، رُصدت ناقلتا نفط إيرانيتان، تعبران قناة السويس، نحو المتوسط، صباح الثلاثاء الفائت، قبل أن تخرجا عن الاتصال بنظام الملاحة، مما يرجح أن وجهتهما إلى الشواطئ السورية. ووفق المواقع المتخصصة برصد السفن، فإن حمولتهما نحو نصف مليون طن من النفط الخام. وهي كمية تكفي الحاجة السورية نحو 3 أيام.

والآن، وبعد الهجوم على ناقلة النفط المملوكة جزئياً لإسرائيل، في بحر عُمان، يصبح إمكان وصول ناقلات نفط إيرانية جديدة إلى السواحل السورية، موضع تساؤل. فإسرائيل سترد، مما يجعل تجدد حرب الناقلات التي توقفت في الأشهر الخمسة الفائتة، أمراً مرجّحاً. خاصةً مع عودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم. فالرجل هو عرّاب حرب الناقلات مع إيران، والتي وصلت ذروتها في ربيع العام 2021، حينما بدأنا نرى ناقلات نفط إيرانية تحترق قبالة السواحل السورية، واستهدفت إسرائيل ما لا يقل عن 12 سفينة إيرانية متجهة إلى سوريا، في تلك المرحلة. هذا المشهد مرشح لأن يتكرر الآن، إذ من الصعب توقُع أن يلتزم نتنياهو باتفاق السماح بنقل النفط الإيراني إلى سوريا، الذي قال الإعلام العِبري، إن حكومة إسرائيل أبرمته برعاية أمريكية، في حزيران/يونيو الفائت، وهو تاريخ آخر استهداف إيراني لناقلة نفط إسرائيلية قبالة ساحل عُمان، قبل الاستهداف الأخير.

لكن حتى لو أردنا أن نكون متفائلين، ولا نتوقع الأسوأ. ولنفترض أن إيران وإسرائيل ستقررا استئناف “حرب الظل” البحرية، بعيداً عما يتعلق بسوريا. تبقى المشكلة في تلك الأخيرة، أعقد من التأثيرات الخارجية. وهو ما أقرّت به مصادر رسمية، على استحياء. فالقدرة الاستيعابية والتكريرية لمصفاتي حمص وبانياس، انخفضت مؤخراً، بعد تفاقم الأعطال في المعدات، وصعوبة تعويضها. واللافت أن ذلك لم يحد من توافر المازوت والغاز في السوق السوداء. فالفساد وسوء الإدارة هو المُضلّع الرابع لأزمات الطاقة.

أما الحلول الحكومية لهذه الأزمات، فتنحصر بملاحقة سيارات السرفيس، للتأكد من التزامها بتركيب جهاز التتبع “جي بي إس”، للحد من بيع أصحابها لحصتهم من المازوت في السوق السوداء، بدلاً من نقل الركاب. فتجارة السوق السوداء باتت أكثر ربحية من أي نشاط آخر. لكن، حتى الوفورات المتحصّلة من إنجاز مراقبة السرافيس بالـ “جي بي إس”، والمقدّرة بنحو 130 ألف ليتر مازوت يومياً، لن تنعكس إيجابياً على تدفئة السوريين، بل ستنعكس وفورات في خزينة “الدولة”، بقيمة 700 مليار ليرة سورية، وفق الإعلام الموالي للنظام. فذاك أبرز ما يشغل مسؤوليه.

وهكذا تلوح نبوءة الشتاء الأقسى في سوريا، بصورة جليّة للعيان.

المصدر: المدن

شارك