أنت تناقش.. إذن أنت تستحق السجن!

أنت تناقش.. إذن أنت تستحق السجن!

أنت تناقش.. إذن أنت تستحق السجن!

أنت تناقش.. إذن أنت تستحق السجن!

أنت تناقش.. إذن أنت تستحق السجن!

أنت تناقش.. إذن أنت تستحق السجن!

أنت تناقش.. إذن أنت تستحق السجن!

شارك

أنت تناقش.. إذن أنت تستحق السجن!

أنت تناقش.. إذن أنت تستحق السجن!

سناء العاجي

أن تكتب أن الرسول كان يعاشر كل زوجاته في غسلة واحدة، وأنه حاول الانتحار. وأن تكتب وتفصل في جواز مفاخدة الرضيعة شرعا، وعن شروط ضرب الزوجة دون ترك علامة على جسدها. وأن تكتب أن الله سيضع ذنوبنا على اليهود والمسيحيين كي يدخلوا النار وكي ندخل نحن جهنم، وأنت لا تسأل حتى تصورك عن الله وعن العدل الإلاهي.

وأن تكتب تفاصيل مرعبة عن جواز زواج الأب من ابنته التي ولدت من “الزنا”، وجواز ذلك للعم والأخ أيضا، مادامت ليست ابنته شرعا (طبعا، أليست ابنة زنا). وأن تسرد عشرات الأحاديث الضعيفة سندا ومتنا، والتي تهين النساء أو غير المسلمين أو فئات أخرى من المجتمع.

وأن تكتب أن الله يفرض علينا كراهية اليهود والمسيحيين وعدم تهنئتهم بأعيادهم، ويحلل لنا سرقتهم. وأن تدعو على اليهود والمسيحيين في صلاتك وتتمنى موتهم وهلاكهم باسم الدين، بدعوات من قبيل: “اللهم يتم أطفالهم ورمل نساءهم”؛ بل وتؤمن أن الله سيستجيب لك وفق منطق أخرق للعدل الإلاهي. كل هذا لا يهين الإسلام ولا يشكل أي ازدراء له.

لكن، أن يكون اسمك المستشار أحمد عبده ماهر وأن تؤلف كتابا ينتقد الفقهاء وتأويلاتهم الدينية المهينة للإسلام، فأنت تستحق السجن لمدة خمس سنوات بتهمة ازدراء الأديان. أنت لا تقذف ولا تهين أشخاصا، ولا تدعو للكراهية ولا للعنف. ولا حتى تهاجم الإسلام كدين أو كتابه أو نبيه. أنت فقط تناقش أفكارا وتأويلات بشرية.. لكن ما تجهله، أن الفقهاء اليوم أصبحوا مقدسين أكثر من الدين نفسه ومن القرآن نفسه.

مشكلتنا اليوم أننا نعيش زمنا أصبح المقدس فيه ليس الله أو الإسلام أو القرآن، بل فقهاء الدين وتأويلاتهم وخطباء المساجد ونجوم البرامج الدينية. لست مضطرا للهجوم عليهم كأشخاص، بل أن مجرد مناقشة أفكارهم قد تأخذك للسجن.

نفس المسلم الذي يقول لك إن ميزة الإسلام أن ليس به وساطة وكهنوت كالمسيحية مثلا، سيقول لك في نقاش لاحق أنك لا تستطع الحديث في الدين لأنك لست من أهل الاختصاص وأنه يفترض أن تبحث عما يقوله الفقهاء في الموضوع وتطبقه.

أولوا القرآن نفسه ليناسب تصوراتهم. على سبيل المثال، فإن عددا من الفقهاء يعتبرون أن الله، بقوله “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون” (سورة النحل 43)، يتحدث عن رجال الدين والفقهاء؛ بمعنى: اسألوا علماء الدين ليدلوكم على المعاني الحقيقية. بينما، في الحقيقة، تتحدث الآية عن اليهود والمسيحيين، حيث خاطب الله المشككين في الوحي ليطلب منهم، في حالة الشك، أن يسألوا أهل الذكر السابقين: اليهود والمسيحيون. يقول القرطبي مثلا في تفسيره: “يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما أرسلنا من قبلك يا محمد إلى أمة من الأمم، للدعاء إلى توحيدنا ، والانتهاء إلى أمرنا ونهينا، إلا رجالا من بني آدم نوحي إليهم وحينا لا ملائكة، يقول: فلم نرسل إلى قومك إلا مثل الذي كنا نرسل إلى من قَبلهم من الأمم من جنسهم وعلى منهاجهم (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ). يقول لمشركي قريش: وإن كنتم لا تعلمون أن الذين كنا نرسل إلى من قبلكم من الأمم رجال من بني آدم مثل محمد صلى الله عليه وسلم وقلتم: هم ملائكة: أي ظننتم أن الله كلمهم قبلا فاسألوا أهل الذكر ، وهم الذين قد قرؤوا الكتب من قبلهم: التوراة والإنجيل، وغير ذلك من كتب الله التي أنـزلها على عباده”.

حين سندرك أن الأفكار تقارع بالأفكار وليس بالسجن، وأن الدعوة للكراهية أو العنف وحدها تستحق العقاب، وأن من حق أي شخص أن يناقش جميع الأفكار، سنتحول لمجتمعات تعيش عصرها وتعيش الإنسانية بقيمها.
لكن، لعل الخوف من الأفكار والخوف من العقل والخوف من النقاش والخوف من خطوات التنوير التي أصبح تأثيرها يزداد تدريجيا… هو ما يولد هذا الكم من العنف في التعامل مع المنتقدين.

اسجنوا المستشار أحمد عبده ماهر. لكن أعماله وكتبه ومقالاته وفيديوهاته حاضرة بيننا تستفز العقل وتدعو للنقاش…. سواء اتفقنا أو اختلفنا مع مضامينها.

المصدر: الحرة

شارك