جسر: خاص:
تتزايد التقارير والانباء حول دخول إيران في أتون الصراع الليبي الذي بات يمضي نحو التعقيد والتدويل، يوماً بعد يوم، في ظل تحول الساحة الليبية لصراع دولية وكأنها حرب الآخرين على ليبيا وفي ليبيا.
دعم إيران لحفتر لم تأكده حتى الآن سوى التقارير والتصريحات الإسرائيلية، حيث فجر ممثل إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، داني دانون، مفاجأة يوم الأربعاء الماضي عندما كشف عن إرسال إيران أسلحة متطورة لقوات اللواء خليفة حفتر في ليبيا.
وقال دانون في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي إن إيران انتهكت قرار المجلس بحظر إرسال أسلحة إلى ليبيا، مشيراً إلى أن “مقاطع الفيديو والصور أظهرت استخدام عناصر حفتر صواريخ من طراز “دهلاويه” المضادة للدروع والتي تصنعها إيران”.
وبحسب المسؤول الإسرائيلي فإنه تم التقاط صور لأربع قطع من هذه الصواريخ، والتي تعتبر بمثابة نسخة إيرانية عن صواريخ كورنيت الروسية المشهورة والفعالة باستهداف الدروع من مصفحات ودبابات.
ويبدو تدخل إيران كطرف جديد داعم لحفتر ضد قوات حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج طبيعياً، وغير طبيعي في آن واحد، فهو منطقي من حيث تدخل إيران بمحور حلفائها الداعم لحفتر، وبالتحديد روسيا ونظام الأسد حيث خاض الجميع صراعا مع الثورة السورية، فحافظوا على نظام الأسد من السقوط، ويمثل حفتر مشروعاً مماثلاً لمشروع بشار الأسد، فهو رمز من رموز الثورة المضادة التي تدعمها السعودية والإمارات في كل دول الربيع العربي.
لكن المفارقة تكمن في دخول إيران بذات محور السعودية التي تدعم حفتر أيضاً، وهما العدوان التقليديان اللدودان في منطقة الشرق الأوسط، ويخوضان منذ أكثر من عقد حرباً باردةّ، تشتعل بفترات متقطعة في إطارات سياسية واقتصادية.
كما تأتي المفارقة الأخرى من حيث وقوف إيران ضد حكومة الوفاق الوطنية المعترف بها دولياً، والمحسوبة على تيار “الاخوان المسلمين”، والذي يتمتع بعلاقات جيدة مع إيران في أكثر من بلد.
وبحال ثبوت انخراط إيران في الصراع الليبي، فيعتبر هذا التوجه هو الأول من نوع لطهران نحو المغرب العربي، حيث تقتصر إيران بمد أذرعتها نحو الشرق فقط، وبالتحديد اليمن والعراق ولبنان وسوريا بالإضافة لدعمها لجماعات معارضة شيعية في البحرين والكويت.
وتبدو خطوة إيران إلى ليبيا خطوة سياسية بحتة على عكس خطواتها في المشرق العربي، والتي تهدف للسيطرة الأيدولوجية، والدينية عبر نشر المذهب الشيعي كما يرى مئات المراقبين، فمن المحال أن تسعى إيران لتغيير مذهبي في ليبيا، في ظل انعدام وجود مذهبهم في ذاك البلد الممزق.
وتسعى جميع الدول المتدخلة في النزاع الليبي لتحقيق أهداف اقتصادية في البلد الطافي على بحيرة نفطية ضخمة، بالإضافة لتحقيق نصر سياسي ضمن مشروعين متناحرين في المنطقة، تمثل تركيا وقطر المشروع الأول والسعودية والإمارات المشروع الثاني.
وستكون الساحة الليبية جيباً جديداً للصراع بين إيران وتركيا، حيث تمثل الأخيرة رأس حربة في مجموعة الدول الداعمة لحكومة الوفاق الوطنية التي تحقق مكاسب عسكرية جديدة على حساب قوات حفتر منذ نحو شهر، وخصوصاً في شرق ليبيا.