الأمن والعشائر: مفتاحا السيطرة والمنافسة في شرق الفرات

الأمن والعشائر: مفتاحا السيطرة والمنافسة في شرق الفرات

الأمن والعشائر: مفتاحا السيطرة والمنافسة في شرق الفرات

الأمن والعشائر: مفتاحا السيطرة والمنافسة في شرق الفرات

الأمن والعشائر: مفتاحا السيطرة والمنافسة في شرق الفرات

الأمن والعشائر: مفتاحا السيطرة والمنافسة في شرق الفرات

الأمن والعشائر: مفتاحا السيطرة والمنافسة في شرق الفرات

شارك

الأمن والعشائر: مفتاحا السيطرة والمنافسة في شرق الفرات

الأمن والعشائر: مفتاحا السيطرة والمنافسة في شرق الفرات

منهل باريش

دخلت منطقة شرق الفرات في سوريا مرحلة جديدة من الصراع بعد هزيمة تنظيم «الدولة» الإسلامية في جيب الباغوز نهاية شهر آذار/مارس الماضي، عنوانها الأمن والعشائر في شرق سوريا. حيث يراهن تنظيم «الدولة» على العمليات الأمنية والتفجيرات ضد قوات الأسايش (الأمن الداخلي) التابعة لوحدات حماية الشعب الكردية وحواجز الأخيرة، وملاحقة المدنيين العاملين في المجالات النفطية والمدنية التي تشرف عليها قوات سوريا الديمقراطية «قسد». وتتنافس تركيا وإيران على كسب العشائر التي خرجت ضعيفة ومحطمة إثر سيطرة التنظيم على المنطقة مدة خمسة أعوام متواصلة.
ويحتدم الصراع الأمني بشكل كبير بين الخلايا الأمنية في التنظيم وقوات الأسايش التي يقع على عاتقها العبء الكبير في كشف ومطاردة تلك الخلايا بمساعدة وتنسيق عالي من مقر قيادة «التحالف الدولي لمحاربة داعش» في شرق سوريا. حيث تشن عمليات دهم واعتقال وإنزال بالمروحيات الأمريكية ومساندة برية من قبل قوات الأسايش. ورغم أن عمليات الإنزال حصلت في مناطق متنوعة تتبع إداريا للمحافظات الشرقية الثلاث، الرقة ودير الزور والحسكة، إلا أنها تركزت في مدينة الرقة بشكل واضح. حيث قامت القوات الأمريكية باعتقالات متكررة في المدينة التي اتخذها تنظيم «الدولة» مقر عاصمة خلافته.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد وثق مقتل 268 مدنيا وعسكريا خلال السبعة أشهر الفائتة بينهم 187 مقاتلاً في «قسد» إضافة إلى 4 جنود في التحالف الدولي قضوا في تفجير مطعم «قصر الأمراء» في مدينة منبج شرق حلب في 16 كانون الثاني/يناير الماضي.
وتعتبر «الولايات الأمنية» التي أعلن عنها التنظيم مؤخرا هي التحول الجديد في بنيته بعد القضاء على هرميته العسكرية والإدارية وانحسار أراضيه وحصر تحركه في بادية الحماد وبادية السويداء أقصى شرق وشمال محافظة السويداء جنوب البلاد.
وتقدر مصادر أمنية في وحدات «حماية الشعب» الكردية أعداد الخلايا الأمنية في ولايات كل من حلب والحكسة والرقة ودير الزور بأكثر من 3 آلاف عنصر أمني تسربوا على فترات متعددة منذ انحسار سيطرة التنظيم في محافظة دير الزور، عدا عن الخلايا العاملة في محافظات إدلب وحماة والتي خرج قسم كبير منهم من جيب وادي العذيب شمال منطقة السليمة بتسهيل من النظام السوري إلى منطقة الرهجان ومنها إدلب. حيث اعتقلت هيئة «تحرير الشام» المقاتلين وأطلقت سراح النساء والأطفال والجرحى منهم، وأخلت سبيل أغلبهم بعد فترة قصيرة بعد تجريدهم من سلاحهم وأموالهم. وعاد هؤلاء مع بعض المنتقلين إلى إدلب عبر ريف حلب الشمالي إلى نشاط أمني ملحوظ تجلى في عمليات اغتيال قادة عسكريين في «تحرير الشام» وتفجير سيارات قادة وأماكن تجمع لهم.
الإنفلات الأمني هو مصلحة تركية أيضاً، فهي تسعى جاهدة إلى مطاردة عدوها حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه على لوائح الإرهاب والذي يشكل خطرا على أمنها القومي. وتتهم قيادة وحدات حماية الشعب أنقرة بالوقوف وراء اغتيال عدد من الفاعلين مثل مسؤول العلاقات العامة في مجلس الرقة المدني عمر علوش في اذار/مارس 2018 ومحاولة اغتيال الناطق باسم مجلس منبج العسكري، شرفان درويش بعد نحو أسبوع من اغتيال علوش. كما جرى استهداف قائد منبج العسكري، إبراهيم البناوي في آب/اغسطس 2018 عبر تفجير موكبه بعبوة ناسفة.
ويشكل الصراع على دعم العشائر العربية في شرق الفرات وخصوصا في دير الزور ملمحا هاماً لجأت إليه إيران من خلال نشاطها في مدينة دير الزور والبلدات الشرقية الواقعة على ضفة الفرات اليمنى أو ما يعرف محليا بالبادية الشامية. وتعتمد إيران على «لواء الباقر» بشكل رئيسي لتجنيد وربط قبيلة البكارة بها. وهو ما اتضح من خلال تسهيل عودة شيخ قبيلة البكارة من تركيا إلى حضن النظام السوري. أو من خلال دعم بعض وجهاء العشائر المحليين. وتدعم إيران «المجلس القومي لشيوخ العشائر والقبائل العربية» بشكل غير مباشر عبر قائد «لواء الباقر» خالد حسين الحسن، وهو أكبر الأذرع العسكرية الإيرانية في المنطقة القبلية وينشط غرب دير الزور التي تعتبر معقل قبيلة البكارة. وتحاول إيران استقطاب الوجهاء المحليين في الضفة الأخرى للنهر والتي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية من خلال تلك الصلات الاجتماعية والعشائرية.
من جهتها فإن تركيا تنبهت إلى أهمية ملف العشائر مؤخرا، بعد اهمال طويل فدعمت تشكيل «المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية المعارضة» في كانون الأول/ديسمبر 2018. واستقبلت قائد الائتلاف الوطني الأسبق، أحمد الجربا من أجل بلورة لملمة ما تبقى من قوات النخبة التي يتزعمها، والبحث في إنشاء قوة عربية قد تكون بمثابة «حرس حدود» تحل مكان وحدات الحماية الكردية في حال توصل أنقرة وواشنطن إلى حل يهدئ الهواجس الأمنية لتركيا. وحصل ذلك بعد منع السلطات التركية الجربا من دخول أراضيها دام أربعة أعوام.
وكذلك زار قائد جيش «مغاوير الثورة» المقدم مهند الطلاع العاصمة التركية أنقرة، الشهر الماضي، قادما من معسكر التنف الذي تسيطر عليه القوات الأمريكية بعد أكثر من سنتين ونصف على آخر زيارة له لتركيا. وعلمت «القدس العربي» أن زيارة الطلاع تأتي ضمن جهود حثيثة يقوم بها رئيس الحكومة السورية المؤقتة السابقة، أحمد الطعمة إضافة إلى دوره في اقناع أنقرة بأهمية تأسيس «المجلس الأعلى للقبائل» بهدف الاستعداد لأي تغيير يحصل في المنطقة الشرقية، مثل انسحاب أمريكي مفاجئ أو توافق تركي أمريكي على قضية «حرس الحدود» أو عملية عسكرية تركية مع «الجيش الوطني» في منبج أو تل أبيض.
وتبتعد أمريكا حتى اللحظة عن الاعتماد على العشائر العربية في سوريا، واقتصر دورها على دعم قوات سوريا الديمقراطية في دمج كتائب منبج العربية في مجلس منبج العسكري ودعم مجلس دير الزور العسكري الموحد الذي شكلته «قسد» قبيل معركة الهجوم على محافظة دير الزور في آذار/مارس 2017 والذي انضم إليه بعض الأفراد والمجموعات الصغيرة من أبناء قبيلة البكارة، إلا أن إبعاد «قسد» للقادة العرب عن مركز القرار منع الكثير من المقاتلين من الالتحاق بالمجلس.
ويفضي اهتمام الأطراف الإقليمية في منطقة شرق الفرات إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار ويتوقع أن يتطور إلى فوضى وانفلات أمني ولن يقتصر الدور الإيراني والتركي على استقطاب العشائر فقط بل سيأخذ طابعا أمنيا مع الوقت. وتعتبر الجغرافيا أيضا عاملا هاما في منطقة التدخل، بمعنى أن حصة إيران ستكون في دير الزور وصولا إلى الحدود الإيرانية فيما ستنشط تركيا في منبج والرقة والشريط الحدودي المجاور لها.

المصدر: القدس العربي ٧ ابريل ٢٠١٩

شارك