سانتياغو نصّار
بعد تصريح الشيخ معاذ الخطيب بشأن “الشروط الأولية التي ينبغي للنظام تحقيقها قبل الشروع بأية مفاوضات”، كُتبت مئات المقالات والتحليلات في الدوريات والمواقع الغربية بشأن هذه الخطوة.
اخترنا مقالة تحليلية نشرها موقع “أوبن ديموكراسي” بتاريخ الأول من شباط 2013 فيها تعداد لستة أسباب يرى كاتب المقال في الموقع بأنها “أسباب تغيّر رأي معاذ الخطيب بشأن التفاوض مع الحكومة السورية”.
في مقدمة المقال شرحٌ بسيطٌ للشّرطَيْن اللذين وضعهما الخطيب، وهما: إطلاق 160 ألف معتقل من السجون السورية، وتجديد أو تمديد صلاحية جوازات السفر للممنوعين من ذلك الذين يقيمون خارج البلاد. وقد أثارت هذه الخطوة الكثير من الجدل ضمن صفوف الائتلاف الوطني بشكل خاص، وصفوف المعارضة السياسية والعسكرية عمومًا، ولكن الخطيب أكد بأنه المسؤول الوحيد عن هذه “المبادرة”. ولكن ما الأسباب التي أدّت إلى هذه المبادرة برغم مؤتمر الدوحة الذي نصَّ بشكل صريح على “عدم الحوار مع النّظام”؟
1- بعد اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالائتلاف الوطني إثر تشكيله، صدر قرار أميركيّ بوضع “جبهة النّصرة” على لائحة المنظمات الإرهابية، وقد أدى هذا القرار إلى “فلترة” المساعدات العسكرية للمعارضة لا سيما من السعودية وقطر، إضافة إلى أن التدخل العسكري الفرنسيّ في مالي أعاد الجدل المحتدم أساسًا في تقسيم المجموعات الإرهابية وغير الإرهابية لا سيما بعد الاتّهام الفرنسيّ لقطر بدعم الجماعات الإسلامية المتطرفة في المغرب.
2- منذ ما يقارب الشهر ألقى الأسد خطابًا أبدى فيه استعداده للحوار مع المعارضة بعيدًا عن “الإرهابيين”، وقد قالت مصادر رسمية سورية بأن بإمكان المعارضين المقيمين خارج البلاد العودة دون أية مشاكل إلى سوريا بهدف التحضير لمؤتمر حوار وطنيّ. ولكن هذا الخطاب كان واضحًا في رفضه لمبادرة الأخضر الإبراهيمي الذي كان، بحسب كثير من المصادر، “قريبًا جدًا من تخفيف الهوّة بين الرؤيتين الأميركية والروسية لمستقبل سوريا”. لذلك كانت مبادرة الخطيب محاولةً لإرغام النّظام على التفاوض بشروط جديدة.
3- يوم الخميس الماضي وافق وزراء الخارجية الأوروبيون على ضبط تصدير الأسلحة للمعارضة السورية، وهذا القرار أحبط مساعي بعض أعضاء الائتلاف للحصول على مساعدات مالية بقيمة 500 مليون دولار إضافة إلى مساعدات عسكرية. وكذلك كان لتصريح وزير الخارجية الفرنسيّ الذي أكد “عدم وجود إشارات لقرب سقوط الأسد” أثرٌ سلبيّ على مساعي الائتلاف الذي كان يخطّط لتشكيل حكومة انتقالية وما لبث أن “تأجل” هذا الإعلان.
4- بالمقارنة مع فشل المؤتمرات في القاهرة وباريس، حققت مؤتمراتٌ أخرى، مثل مؤتمر الكويت الذي عقد بهدف مساعدة اللاجئين السوريين ودعم جهود الإغاثة، نجاحًا كبيرًا بسبب ابتعاده عن المحور السياسيّ، حيث تمّ جمع أكثر من 1.6 مليار دولار خلال يومين. وبرغم غياب التمثيل الرسمي للحكومة السورية إلا أن تلك المساعدات سيتم توزيع قسم منها بإشراف أمميّ وتعاونٍ مع الحكومة السورية، ولعل هذا كان السبب وراء طلب الخطيب لتجديد جوازات السفر. كما كان لمؤتمر جنيف الأخير، الذي ضمّ “المعارضة السياسية السلميّة” وعدد من المنظمات غير الحكومية دورٌ آخر في تسليط الضوء على أهوال الحرب الدائرة في سوريا.
5- شهد هذا الأسبوع كذلك اكتشاف 80 جثةً مرميةً في نهر بالقرب من حلب. سارع النظام إلى اتهام “إرهابيين” باختطاف وقتل عددٍ من المواطنين الموالين للسُّلطة، فيما ردّت المعارضة هذا الاتهام قائلةً بأن النظام هو المسؤول الوحيد عن مثل هذه الجرائم الوحشية والإعدامات الميدانية. وبصرف النظر عن الجهة المسؤولة عن القتل، كان لهذه الصور دورٌ كبير في عرض جانبٍ مرعب من الوضع السوري الحاليّ.
6- إضافةً إلى كل هذه التطورات المتسارعة أعلن الناطق باسم الائتلاف الوطنيّ بأن الشيخ الخطيب سيلتقي نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية الروسيّ سيرغي لافروف والمبعوث العربي والأممي الأخضر الإبراهيمي. وعلى الرغم من عدم الاحتمالية الكبيرة لقرب وجود حلٍّ في الأفق القريب، لا سيما وأن روسيا لا تزال ممتعضةً من تصريح الخطيب في أحد لقاءاته بأن “على روسيا الاعتذار من الشعب السوريّ”، الذي ردّت عليه حينها بأن “الخطيب لا يمتلك خبرةً سياسية تؤهله للقيادة”. ولكن ربما سيكون لهذه اللقاءات المنفردة أملٌ ضئيلٌ في إمكانية تقريب وجهات النظر بين أميركا وروسيا، وتخفيف حدّة الخلافات بين أعضاء الائتلاف الوطني أنفسهم.