وأوضح طباع، في حديثه إلى صحيفة “الوطن” شبه الرسمية، الاثنين، أن هدف المناهج الجديدة هو “عرض ما جرى في سوريا ليستفيد منه المجتمع بأكمله، وتحليل الأسباب والتداعيات والآثار والتعرف على كيفية تجنب مثل هذه الحرب في المستقبل”، مضيفاً أن المنهج الجديد سيعمل بشكل أساس على دراسة ومعرفة “الدوافع الأساسية التي أدت إلى ظهور وانتشار الإرهاب”، بالإضافة إلى “الآليات التي اتبعتها سوريا في هذا المشروع العدواني” حسب تعبيره.
وينظر النظام السوري إلى الثورة الشعبية التي طالبت بالإصلاح السياسي العام 2011 كمؤامرة خارجية نفذتها حركات إرهابية، وعمدت الدعاية الرسمية إلى تكريس ذلك طوال عشر سنوات بموازاة الحرب التي شنها جيش النظام وحلفائه على المدنيين في مختلف مناطق البلاد، ما أودى بحياة نصف مليون شخص وتهجير 12 مليوناً آخرين. والجديد في الدعاية الرسمية اليوم أنها تتعامل مع الثورة السورية والحرب في البلاد على أنها مجرد حدث تاريخي انتهى ويجب عدم تكراره.
وتعمل حكومة النظام السوري بشكل دائم على إنشاء مناهج تحتوي مضامين ذات ارتباطات سياسية تخدم وجهة نظرها وتعززها منذ عقود، ليس فقط في مادة “التربية الوطنية/القومية” بل في مواد كالتاريخ والديانة وحتى ضمن المواد العلمية نفسها. ووفقاً لحديث طباع، فإن مصادر برنامج المنهج ستدخل في عدد من المواد الدراسية، كاللغة العربية والتاريخ والعلوم الاجتماعية والديانة والوطنية، من دون تحديد الصفوف المدرسية المستهدفة.
وتضم اللجنة التي ستبحث في مصادر المنهج الجديد، عمداء كليات الآداب والحقوق والعلوم السياسية، وباحثين وأدباء كتبوا عن الحرب، بحسب طباع الذي أضاف: “بعد عشر سنوات من هذه الحرب إذا لم تكن لدينا القدرة على إيصال الحقائق التي مرت في البلاد إلى طلابنا، فلن نكون قد استفدنا شيئاً ونكون قد خسرنا الكثير من دون أي فائدة”.
وعن آلية العمل، أوضح طباع أنه ستكون ضمن المنهج، حصص دراسية مخصصة لمناقشة “ما جرى في سوريا وأسباب ذلك ونتائجه وانعكاساته على المجتمع والآليات التي تمت من خلالها المعالجة”، من أجل تحقيق أهداف عديدة، منها “التأكيد على دور القيادة السورية في تحقيق أمن المنطقة، ونظرتها الاستشرافية للمستقبل”.
والحال أن النظام السوري يخالف بهذه الممارسات، اتفاقية حقوق الطفل التي وقع عليها العام 1989، والتي تنص على حق الطفل بالتعلم من دون استغلال، واحترام حرية الطفل وحقه في الحياة والنمو، حيث تظهر التصريحات بوضوح كيف تعمل السياسات الرسمية على استغلال الأطفال لأغراض سياسية.
وازدادت قسوة النظام في المدارس منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، بعد فترة وجيزة من الانقلاب العسكري الذي أوصل الرئيس السابق حافظ الأسد للسلطة، وحتى أيار/مايو العام 2003 الذي شهد إلغاء الملابس العسكرية واستبدالها بلباس “مدني” موحد، وإلغاء مادة التربية العسكرية والمعسكرات العسكرية من المدارس والتخفيف من حدة الشعارات البعثية عموماً، مع الإبقاء على النظام العسكري عموماً لضبط الطلاب وتنظيمهم، ليس فقط كعقلية عامة للتعامل مع التلاميذ بل أيضاً كأسلوب لإنهاء الاستراحات والدخول إلى الصفوف عبر حركات “النظام المنظم” والإيعازات العسكرية.
المصدر: موقع المدن