خاضت فصائل المعارضة المسلحة معارك عنيفة ضد مليشيات النظام الروسية، لأكثر من 9 ساعات متواصلة، ليل الثلاثاء/الأربعاء، قبل أن تعلن استعادتها بلدة كفرنبودة بشكل كامل.
وظهر تنسيق مرتفع بين فصائل المعارضة بمختلف تشكيلاتها في المعارك التي شارك فيها “جيش النصر” و”أحرار الشام” من “الجبهة الوطنية للتحرير” و”جيش العزة” ومجموعات من “العصائب الحمراء” من “هيئة تحرير الشام”. وانتشرت تعزيزات المعارضة التي قدمت من مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون” في سهل الغاب بريف حماة الغربي واللطامنة وكفرزيتا، وأهمها “الجبهة الشامية” و”تجمع أحرار الشرقية” و”لواء درع الحسكة” و”لواء المجد”، والتي بدأت القتال إلى جانب “الجبهة الوطنية للتحرير” و”جيش العزة”.
واتبعت المعارضة خطة محكمة في معركتها الأخيرة، واستخدمت التمهيد المدفعي والصاروخي على أكثر من محور في ريف حماة الغربي والشمالي، لتشتيت قوات النظام، وقصفت المغير وكفرنبودة وتل هواش وصولا إلى الحويز والمباقر غرباً. واستخدمت توقيتاً مفاجئاً لقوات النظام في الهجوم على مواقعها، إذ بدأت الهجوم بعد عصر الثلاثاء. إذ اعتادت قوات النظام على هجوم المعارضة على مواقعها خلال ساعات الليل، أو مع ساعات الصباح الأولى.
واستهدفت المعارضة أهدافاً عسكرية حساسة لقوات النظام. وقصفت “الوطنية للتحرير” مطار جبة رملة بصواريخ الغراد ما أدى إلى خروجه عن الخدمة بشكل جزئي، وأجبر الطيران المروحي الخارج منه على الهبوط في مطار حماة العسكري. كما قصفت “تحرير الشام” مطار أسطامو العسكري في ريف اللاذقية بصواريخ الغراد. ويقع هذا المطار شمالي قاعدة حميميم بـ9 كيلومترات، وكان سابقاً كتيبة دبابات. كما تم استهداف قاعدة بريديج العسكرية ومراكز تجمعات قوات النظام في السقيلبية بصواريخ الغراد والفيل على طول جبهات القتال.
ولعبت “العصائب الحمراء” في “تحرير الشام” دور رأس الحربة في المعركة، إذ استبقت تقدم المعارضة بإدخال عربة مفخخة، انفجرت في موقع متقدم لقوات النظام كانت تعمل على تحصينه من الجهة الجنوبية لكفرنبودة. وبعد الانفجار دخلت مجموعات من الانغماسين تمكنت من الوصول إلى السواتر الترابية التي انشأتها قوات النظام على أطراف البلدة، وسيطرت على مواقع متعددة بعد انسحاب عناصر النظام منها، وأهمها التل الواقع إلى الجنوب الشرقي من البلدة. ودخل خلف الإنغماسيين عناصر من كافة الفصائل المقاتلة، لتبدأ المعارك الطاحنة داخل كفرنبودة.
ومشطت فصائل المعارضة كفرنبودة منزلاً منزلاً، فسقط عشرات القتلى في صفوف مليشيات النظام الروسية. وانسحبت مليشيات النظام أمام تقدم المعارضة، وتحصنت في بعض المنازل حيث دارت اشتباكات عنيفة. قوات النظام المنسحبة عشوائياً من البلدة تعرضت لاطلاق نار من مليشيا “النمر” التي كانت تستعد لدخول المعركة. وانتشرت أنباء عن حالات إعدام ميداني نفذتها مليشيات النظام بالقوات المنسحبة من كفرنبودة. ونقل جرحى مليشيات النظام إلى مشفى السقيلبية ومنه إلى مشفى حماة الوطني. سيارات الإسعاف كانت تعبر السقيلبية وحماة، كانت ترافقها سيارت عسكرية تطلق النار أمامها لفتح الطرقات.
وعلى جبهة كفرنبودة، كانت تتمركز مليشيات “الفرقة التاسعة” و”الفيلق الخامس” و”فوج الطرماح” التابع لـ”قوات النمر”. وتمكنت المعارضة من أسر العقيد عبدالكريم السليمان، وعنصرين من “الفيلق الخامس”. ويعتبر السليمان من قادة غرفة العمليات على محور بلدة كفرنبودة. كما تمكنت فصائل المعارضة المهاجمة من تدمير دبابتين ومدفع من عيار 23 مم وقاعدتي كورنيت، واغتنمت عربة شيلكا ودبابة وناقلة جند ورشاشاً متوسطاً 14.5 مم.
القيادي في “جيش العزة” العقيد مصطفى بكور، قال لـ”المدن”، إن قيادة العمليات العسكرية لقوات النظام اصدرت قراراً باعدام كل من ينسحب، واعطت لقادة المجموعات أمراً بقتل من ينسحب أو يتخاذل من عناصرهم. مليشيا سهيل الحسن الروسية، قامت بتصفية عشرات المنسحبين من مليشيات النظام. وأضاف العقيد بكور، أن قيادة عمليات النظام الروسية المتواجدة في السقلبية طلبت مؤازرات مستعجلة من مجموعات الطرماح 1 و2 و3، لقربها من المنطقة وسرعة وصولها، والتي تتخذ من قمحانة مقراً لها وتتألف من أبناء قمحانة والقرى المحيطة بها. كما استقدمت تعزيزات من مجموعات الشواهين وعناصر المليشيات الروسية المنتشرة في مصياف، وذلك لمنع تقدم المعارضة. وأبدت هذه المجموعات مقاومة عنيفة أمام فصائل المعارضة، لكنها انسحبت تحت ضربات الفصائل.
كما حاولت قوات النظام منع تقدم المعارضة المسلحة بقصف خطوط الإمداد بقذائف المدفعية والطيران الحربي، ولكنها لم تنجح، وانسحبت باتجاه المغير وتل عثمان، حيث قامت بقصف الأطراف الشمالية الشرقية لبلدة كفرنبودة بعد دخول قوات المعارضة إليها. كما استهدف الطيران الحربي والمروحي بلدة الهبيط وحرش القصابية بالغارات، عدا عن مئات القذائف المدفعية.
فصائل المعارضة دخلت أيضاً بلدة الحميرات، والتي كانت خالية من قوات النظام أو فصائل المعارضة، وتقدمت إلى قرية تل هواش الواقعة شمال غربي كفرنبودة، وتمكنت من تدمير رشاش من عيار23 مم. وبعدما سيطرت عليه لفترة وجيزة، عادت الفصائل وانسحبت من تل هواش.
وبعد فشل مليشيات النظام في إيقاف المعارضة المسلحة، قام الطيران الحربي بقصف مناطق مدنية انتقاماً من الحاضنة الشعبية. وارتكب الطيران الحربي مجزرة في مدينة معرة النعمان راح ضحيتها 11 قتيلاً و20 جريحاً، حيث استهدفت الغارات السوق الرئيسي وسط المدينة. كما قام الطيران الحربي باستهداف بلدة أريحا في ريف إدلب الغربي ما ادى إلى وقوع جرحى في صفوف المدنيين. وتعتبر معرة النعمان وأريحا من المناطق المزدحمة بالنازحين.
الطيران المروحي بدأ مباشرة إلقاء البراميل المتفجرة على كفرنبودة ومغر الحمام وعابدين، في حين قصف الطيران الحربي بلدة الهبيط ومعرة حرمة، وقامت مدفعية النظام بأوامر روسية بتمشيط المنطقة بشمل كامل بقذائف المدفعية.
عبيدة الحموي-المدن