تحالف أميركي مع عرب شرق الفرات.. صار وشيكاً

تحالف أميركي مع عرب شرق الفرات.. صار وشيكاً

تحالف أميركي مع عرب شرق الفرات.. صار وشيكاً

تحالف أميركي مع عرب شرق الفرات.. صار وشيكاً

تحالف أميركي مع عرب شرق الفرات.. صار وشيكاً

تحالف أميركي مع عرب شرق الفرات.. صار وشيكاً

تحالف أميركي مع عرب شرق الفرات.. صار وشيكاً

شارك

تحالف أميركي مع عرب شرق الفرات.. صار وشيكاً

تحالف أميركي مع عرب شرق الفرات.. صار وشيكاً

عبد الناصر العايد

تعكف القوات الأميركية العاملة في منطقة شرق الفرات على تهيئة “شبكة أمنيّة” من أبناء القبائل العربية في المنطقة لتعقب واصطياد خلايا إيرانية، يبدو أن إيران أعطتها أمراً تنفيذياً لاستهداف الجنود الأميركيين هناك بشكل مباشر. وتجري الدعوة للانخراط في هذه الشبكة بطرق شخصية، تركز على الفاعلين والنشطاء العرب، بمعزل عن “قوات سوريا الديموقراطية” وقيادتها الكرديّة وأجهزتها الأمنيّة.

التحرك الأميركي جاء بالتزامن مع تحذير شديد اللهجة من مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك ساليفان، لإيران التي ستواجه “تبعات خطيرة” في حال مهاجمتها “أي مواطن للولايات المتحدة”، وبالتزامن أيضاً مع فرض إيران عقوبات على أكثر من 50 مواطناً أميركياً بتهمة المشاركة في اغتيال قاسم سليماني، وعقب تصريح لحسن نصر الله بمناسبة ذكرى اغتيال سليماني والمهندس، قال فيه إن تشكيل مقاومة شعبية في الجزيرة السورية هو الخيار الأمثل الذي سيؤدي الى خروج الجيش الأميركي من سوريا.

فكرة المقاومة الشعبية في شرق الفرات ليست جديدة، أعلنتها أطراف غير رسمية تابعة للمحور الإيراني منذ أشهر طويلة، وتبعتها تحركات منظورة على الأرض، مثل اجتماعات لوجهاء قبائل عربية من الجزيرة السورية في حلب وغيرها، تسربت معلومات مهمة عنها للصحافة وللأميريكيين بطبيعة الحال. كما أن للأذرع الإيرانية، مثل “حزب الله” اللبناني، تواجداً معلناً في الجزيرة السورية، مثل مطار القامشلي وجبل كوكب، ولديه أيضاً شبكة من المتعاونين المحليين، أرسل بعضهم إلى إيران للتدريب، إضافة إلى شبكات “مقاولين” يعملون انطلاقاً من مناطق سيطرة النظام في غرب الفرات.

الفكرة لم تبقَ مجرد خطط، ثمّة عمليات نفّذت بالفعل على امتداد الأشهر الماضية، بدأت باعتراض الدوريات الأميركية من قبل “سكان مدنيين” في الحسكة، وتصاعدت إلى قذفها بالحجارة، واضطرت القوات الأميركية إلى التعامل بالنيران مع إحداها، ما أسفر عن قتيل وجرحى. ثم أخذ الأمر منحى عسكرياً من خلال إطلاق القذائف الصاروخية على قاعدتي العمر وكونيكو في ريف دير الزور الشرقي، من قبل “مجهولين”، تبعتها عمليات بطائرات الدرون على قاعدتي التنف والعمر النفطي، بعضها أعلن عنه، فيما بقي البعض الآخر طي الكتمان باعتباره يمثل رسائل عالية الحساسية.

ويبدو أن التصعيد المرتقب يتمثل في استهداف عسكريين أميركيين بشكل مباشر، وإيقاع خسائر بشرية بينهم، بعدما كانت العمليات السابقة مجرد عمليات تحرش تتفادى الإيذاء الفعلي خوفاً من ردّ الفعل، ويبدو الآن أن تلك العلميات كانت مجرد تدريبات، وأن الاستعداد للعمل اكتمل، وسيجرى الانتقال إلى المرحلة التالية.

هدف تحركات إيران، ومن ورائها روسيا، معلن وليس خافياً على أحد، وهو إرغام واشنطن على الانسحاب من شرق الفرات، وقد يكون على خلفية إدراك طهران بإن ذلك الانسحاب بات قريباً وتريد أن تحقق نصراً إعلامياً مزدوجاً من خلال القول بأنها كانت وراء تلك “الهزيمة”، أو أنه قد يكون جراء تعثر المفاوضات مع واشنطن حول الملف النووي، وفي الحالات كافة فإن التصعيد سيستمر خلال الأشهر المقبلة.

إن لجوء الجانب الأميركي للقبائل العربية في شرق الفرات، هو خيار فعّال للغاية، إذا ما تكرس بالفعل. فقبائل دير الزور معروفة بعدائها الشديد لكل من النظام السوري وإيران، رغم محاولات الأخيرة استرضاء تلك القبائل بشتى السبل، إلا أن الموقف من الزحف المذهبي الذي تفرضه المليشيات الشيعية، حاسم. عدا عن ذلك، يعيش في شرق الفرات عشرات الآلاف ممن قارعوا نظام الأسد عشر سنوات، ولا يمكنهم مهادنته أو قبول فرض سيطرته على المنطقة، ولطالما خرجوا في تظاهرات عارمة مع كل تحرك يبدو أنه يمهد لعودته إلى مناطقهم. وهذه الكتلة “العربية” الأوزن في شرق الفرات، هي التي يستهدفها النظام وحلفاؤه من خلال المصالحات التي يعقدها، لأن الكتلة الكردية التي يجري التفاوض معها، تستقوي بالمكوّن العربي الرافض لعودة النظام بشكل أساسي.

إن عدم ايكال هذه المهمة لـ”قوات سوريا الديموقراطية”، الحليف الرئيسي لواشنطن، والمسيطرة في تلك المنطقة، يأتي على خلفية سيطرة جناح قنديل على الساحة الكردية السورية. فكما هو معلوم، ثمّة انقسام حالياً بين تلك القيادة، يتزعم مظلوم عبدي والهام أحمد فيه الجناح الموالي لواشنطن، وهو يفقد قدرته على الصمود يوماً بعد آخر أمام الجناح القنديلي الموالي لإيران وروسيا ونظام الأسد، والمرتبط عضوياً بالقيادة التاريخية لحزب العمال الكردستاني. وقد بدا ذلك واضحاً في حديث لمظلوم عبدي لمعهد واشنطن للدراسات، نفى فيه أن تكون لحزبه مشاكل مع إيران، وقال إن “مشكلاتنا مع إيران حُلّت حتى قبل وصول الأميركيين، لا توجد مشاكل حالياً معها، وإن كانت هُناك مشاكل فإنها تظهر بعيداً منا”.

تشكل المرحلة الراهنة فرصة للسكان العرب في منطقة شرق الفرات لبناء استقلاليتهم العسكرية والسياسية بالاعتماد على الدعم الأميركي، وتغيير المعادلة المجحفة في حقهم حتى الآن، خصوصاً إذا تم الربط بين الفعاليات في منطقة القبائل شرق وغرب الفرات وقاعدة التنف على الحدود العراقية السورية الأردنية، التي تنتشر فيها قوات عربية من دير الزور أيضاً، ويقتضي الوصول إلى تلك النقطة تصعيداً فعلياً من جانب إيران وحلفائها، واستمرار القادة الكرد في رفض التعاون الجدي مع الأميركيين بهذا الخصوص.

عوامل التحالف الأميركي مع قبائل شرق الفرات، البشرية والسياسية والتنظيمية متوافرة، وهي ستصبّ في خانة استئصال تنظيم داعش أيضاً، تلك المعركة التي فشلت فيها “قسد”، وستفشل طالما أنها قوة من خارج النسيج الاجتماعي حيث ينشط فيه التنظيم الإرهابي الذي سيجد نفسه أمام خصم اجتماعي قوي ومقتدر، يستمد شرعية مجتمعية غير محدودة من مقاومته لنزعة التمدد المذهبي لإيران ومليشياتها، وقد يشكل هذا أيضاً نافذة لعودة المعارضة السورية إلى الأرض مجدداً في شمال شرقي سوريا.

المصدر: المدن

شارك