جسر – متابعات
كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن اتفاق أبرمه القيادي البارز في ميليشيا “الحرس الثوري الإيراني”، قاسم سليماني، مع حركة “طالبان” الأفغانية المتشددة، قبل سنوات من اغتياله بغارة أمريكية مطلع عام 2020، مشيرة إلى أن جزءاً من الاتفاق بين الجانبين يتعلق بسوريا.
وبحسب الموقع فإن سليماني أبرم بشكل شخصي اتفاقات مع طالبان، عام 2015، تقضي بأن تحمي الحركة الأقلية الشيعية في أفغانستان، مقابل أن تتلقى تمويلاً وتدريباً من الحرس الثوري الإيراني، كما شملت الصفقة أن تمنع طهران عودة مقاتلي مليشيا “لواء فاطميون” الشيعة الأفغان إلى بلادهم، وهم الذين ينشطون في سوريا إلى جانب قوات نظام الأسد.
ولفت التقرير الذي ترجمه موقع “عربي 21” إلى أن تفاعل طهران وحلفاءها مع استيلاء طالبان على عموم أفغانستان، بما في ذلك العاصمة كابول؛ كان سريعاَ، فقد أصدرت القوات شبه العسكرية العراقية المدعومة من إيران في وقت سابق من هذا الأسبوع بيانات تهديدية، ملمحة إلى استعدادها في أي لحظة التوجه إلى أفغانستان لحماية الشيعة هناك، لكن بعد يومين، بدأت تلك النبرة بالتراجع، وانخفضت درجة التوتر بشكل كبير.
وقال القادة والسياسيون ورجال الدين العراقيون لموقع “ميدل إيست آي” إن إيران أعطت الجماعات شبه العسكرية والفصائل السياسية المتحالفة معها تعليمات صارمة، تقضي بأنه يجب ألا يكون لهم أي دور على الإطلاق في أفغانستان ويجب ألا يتدخلوا بأي شكل من الأشكال تحت أي ذريعة.
وفي المرة الأخيرة التي سيطرت فيها طالبان على كابول، قبل 11 سبتمبر / أيلول والغزو الأمريكي عام 2001، كانت الجماعة عدوا شرساً لإيران، بحسب تقرير الموقع البريطاني، لكن الأمور تغيرت في السنوات الأخيرة، ولم يكن لدى طهران أي نية للسماح بتقويض الاتفاقات التي تم الحصول عليها بشق الأنفس والتي طال أمدها مع طالبان، لا سيما الآن بعد أن سيطرت الجماعة السنية “المتشددة” على كامل أفغانستان، وتستعد لإعادة العلاقات عبر المنطقة.
وبعد مقابلات مع مصادر من بغداد إلى كابول، خلص تقرير “ميدل إيست آي” إلى أن:
– إيران لديها تأكيدات من طالبان بأنه ستتم حماية الأقلية الشيعية
– أبرم قاسم سليماني شخصيا صفقات مع طالبان في عام 2015
– شملت تلك الصفقات تدريبا وتمويلا من الحرس الثوري لطالبان
– وعدت طهران بمنع عودة لواء فاطميون الأفغاني إلى أفغانستان
وأوضح التقرير أن علاقة إيران مع طالبان تمتد إلى عقود سابقة، وتتأرجح بين الأعمال العدائية والتحالف.
وعلى الرغم من ظهور طالبان فقط في عام 1994، إلا أن أسلافها كانت لهم روابط دائمة مع جار أفغانستان الغربي.
وأثناء الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، دعم الإيرانيون حركة المقاومة الإسلامية – وأرسلوا لاحقا ضباط الحرس الثوري عبر الحدود لتدريب وإرشاد “المجاهدين الأفغان”، الذين انضم بعضهم لاحقا إلى طالبان.
وسليماني، الذي كان قائداً لفيلق القدس بالحرس الثوري، واغتالته الولايات المتحدة العام الماضي، كان من بين هؤلاء الذين نشطوا على الساحة الأفغانية حتى نهاية التسعينيات.
وفي عام 1998، انفصلت العلاقة بين إيران وطالبان تماماً، بعد اتهام الجماعة بقتل 10 دبلوماسيين إيرانيين وصحفياً في أفغانستان.
وأدى قمع طالبان العنيف للأقلية الشيعية في أفغانستان، والتي تشكل اليوم حوالي 20 بالمئة من السكان (وفق تقدير الموقع)، إلى تدهور العلاقات بشكل أكبر، ولكن في عام 2015، ومع ظهور فرع من تنظيم الدولة في أفغانستان، زار وفد من قادة طالبان طهران لمناقشة فتح مكتب سياسي هناك، وبدأت الصفحة القديمة تُطوى.
وفي ذلك العام، زار سليماني أفغانستان، وأبرم عدة اتفاقيات مع قادة طالبان، وفقا للقادة العراقيين للفصائل المسلحة المدعومة من إيران والذين كانوا مقربين من الجنرال.
وتضمنت الاتفاقيات الموقعة العديد من البنود الأُخرى، كان أبرزها منع إنشاء قواعد عسكرية أمريكية قرب الحدود الإيرانية، ووقف تهريب المخدرات إلى منطقة الخليج عبر إيران، وزيادة ورفع مستوى الهجمات التي تستهدف القوات الأمريكية المنتشرة في أفغانستان ، ووقف الهجمات ضد الأفغان الشيعة بشكل كامل.
وفي المقابل، وعدت إيران بتقديم دعم مالي وتقني غير محدود لطالبان، وأرسلت ضباط الحرس الثوري لتدريب مقاتلي طالبان وتقديم المشورة لهم، وسمحت لهم بإقامة معسكرات وملاذات آمنة لقادة الجماعة داخل الحدود الإيرانية، كما وعدت طهران أيضا بضمان عدم عودة لواء فاطميون، “أعتى الميليشيات الشيعية الأفغانية المدعومة من إيران”، إلى أفغانستان من سوريا، وفقا لما قاله القادة للموقع.