قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ على قوات التَّحالف الدولي فتح مزيد من التحقيقات وتعويض الضحايا مع نهاية تنظيم داعش في سوريا.
وذكر التقرير الذي جاء في 14 صفحة أنَّ الانتهاكات المرتبكة من قبل قوات التحالف الدولي قد أصبحت نمطاً واسعاً ومتكرراً في العديد من المدن والبلدات في سوريا، وهذا بحسب التَّقرير يقوِّض مصداقية قوات التَّحالف الدولي على الرغم من إعلانها هدفاً نبيلاً في مساعدة الشعب السوري وشعوب العالم في تخلصيها من التنظيمات الإرهابية وخطرها، كما أنَّ تأخُّر تلك القوات بعد أكثر من عام على دحر تنظيم داعش في عدة مناطق في البدء بعمليات إعادة البناء وتعويض الضحايا والتأسيس لانتخابات محلية حقيقة تؤدي إلى استقرار حقيقي في شمال شرق سوريا، قد أثَّر بشكل كبير على غاياتها وأهدافها المعلنة بحسب التقرير.
ونوَّه التَّقرير إلى أن الدول المشتركة في التَّحالف الدولي في سوريا لم تقم -فيما عدا الولايات المتحدة الأمريكية- بنشر أية تقارير وتحقيقات عن حوادث الانتهاكات التي قتل فيها مدنيون، وطالبها جميعاً بإصدار تقارير دورية في حال ارتكاب قواتها حوادث خلَّفت خسائر بشرية أو مادية، وأن تواجه مسؤولياتها الحقوقية والقانونية، وتراجع منهجية عملها بحيث تتجنب وقوع أية انتهاكات لاحقاً.
واستعرض التَّقرير مجموعة التَّقارير التي توثِّق أبرز هجمات قوات التَّحالف الدولي منذ تدخلها في أيلول/ 2014 وما تبعها من انتهاكات قتل وتشريد قسري كما سلَّط الضوء على الهجمات غير المشروعة، التي نفَّذتها قوات التَّحالف الدولي في سوريا منذ 23/ أيلول/ 2018 حتى آذار/ 2019، وأوردَ تحليلاً لبيانات تضمُّ الانتهاكات التي ارتكبتها قوات التَّحالف الدولي منذ 23/ أيلول/ 2014 حتى آذار/ 2019.
وأشار التقرير إلى تصاعد انتهاكات قوات التَّحالف الدولي مع مرور السنوات بدلاً من الاستفادة وتخفيف الأضرار وتضمَّن تحليلاً لحوادث هجمات قوات التحالف الدولي التي تم توثيقها بناءً على مُتغيرين: حصيلة الضحايا، واستهداف المراكز الحيوية وخلصت عملية التحليل إلى أنَّ الهجمات بدأت تتَّخذ منحى أكثر فوضوية وعشوائية في العام الثاني لتدخل قوات التحالف الدولي مُشيراً إلى تصاعد وتيرة الهجمات والغارات الجوية التي شنَّتها قوات التحالف الدولي في العام الثالث (أيلول/ 2016 حتى أيلول/ 2017) حيث بدا واضحاً استهتار قوات التَّحالف الدولي بمبادئ القانون الإنساني العرفي وفي العام الرابع عقبَ انتهاء معركة الرقة في تشرين الأول/ 2017 انخفضت وتيرة الهجمات التي تشنُّها قوات التَّحالف الدولي وتراجع معها بالتالي حجم الانتهاكات، وتركَّزت عملياتها العسكرية بعد ذلك باتجاه محافظة دير الزور وريف الحسكة الجنوبي في حين شهدت المدة بين أيلول/ 2018 و آذار/ 2019 تراجعاً كبيرا لعناصر تنظيم داعش الذين لم يتبقَ تحت سيطرتهم سوى بضعة كيلومترات.
وثَّق التقرير مقتل 3035 مدنياً بينهم 924 طفلاً، و656 سيدة (أنثى بالغة) على يد قوات التَّحالف الدولي منذ تدخلها العسكري في سوريا حتى آذار/ 2019 و أوردَ توزيعاً لحصيلة الضحايا حسب السنوات، كما أشار إلى توزُّعها بحسب المحافظات، حيث سقط العدد الأكبر من الضحايا في محافظة الرقة تلتها محافظتي حلب ودير الزور.
كما وثَّق التقرير ما لا يقل عن 172 مجزرة ارتكبتها قوات التَّحالف الدولي، وما لا يقل عن 181 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة بينها 25 حادثة اعتداء على مدارس، و16 حادثة اعتداء على منشآت طبية، و4 حوادث اعتداء على أسواق، ذلك منذ تدخلها العسكري في سوريا حتى آذار/ 2019.
وقال التقرير إن ما لا يقل عن 560 ألف نسمة قد تعرضوا للتشريد القسري بفعل هجمات قوات التَّحالف الدولي ومعظم المشردين اضطروا للإقامة في مخيمات أنشأتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية حيث يتم احتجازهم ومصادرة أوراقهم الثبوتية ويمنعون من المغادرة.
وعقدَ التقرير مقارنة بين حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات التَّحالف الدولي في عهدي الرئيسَين الأمريكيَين “باراك أوباما” و “دونالد ترامب”، وشهدت الحقبة التي تولى فيها الرئيس “باراك أوباما” مقتل ما لا يقل عن 976 مدنياً بينهم 194 طفلاً، و294 سيدة (أنثى بالغة) أي ما يقارب 32 % من مجمل حصيلة الضحايا، الذين قتلتهم قوات التَّحالف الدولي، إضافة إلى 32 مجزرة و61 هجوماً على الأعيان المدنية، أما في عهد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” فقد تصاعدت بحسب التقرير عمليات القتل على نحو مخيف وبلغت نسبة الضحايا الذين قتلوا في هذه الحقبة ما لا يقل عن 2059 مدنياً، بينهم 730 طفلاً و362 سيدة أي ما يقارب 68 % من مجمل حصيلة الضحايا، الذين قتلتهم قوات التَّحالف الدولي، وبدأت هجمات التَّحالف تحمل بشكل أكثر منهجية طابعاً فوضوياً وعشوائياً، ووفق التقرير فقد شهدَت تلك المدة ما لا يقل عن 140 مجزرة، وما لا يقل عن 120 هجوماً على الأعيان المدنية، واستخدمت لأول مرة الذخائر الحارقة، حيث تم تسجيل ما لا يقل عن 5 هجمات شنَّتها قوات التحالف الدولي مستخدمةً ذخائر حارقة وفقَ التقرير.
أشار التقرير إلى أنَّ قوات التحالف الدولي اعترفت بـ 119 هجمة تسبَّبت في وقوع ضحايا مدنيين في سوريا، منها 31 هجمة أدَّت إلى مجزرة (5 ضحايا قضوا في مكان واحد ودفعة واحدة) أي بفارق 141 مجزرة عما وثَّقه تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وأكَّد التقرير أنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب وغير المميز التي نفَّذتها قوات التَّحالف الدولي تُعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وأنَّ الانتهاكات الخطيرة لقواعد القانون العرفي الإنساني ترقى إلى جرائم حرب، بما يشمل استهداف المدنيين أو الأعيان المدنية.
وجاء في التقرير أنَّ عمليات القصف قد تسبَّبت بصورة عرضية في حدوث خسائر طالت أرواح المدنيين أو إلحاق إصابات بهم أو في إلحاق الضَّرر الكبير بالأعيان المدنيَّة. وهناك مؤشرات قوية جداً تحمل على الاعتقاد بأنَّ الضَّرر كان مفرطاً جداً إذا ما قورن بالفائدة العسكرية المرجوة.
طالب التَّقرير القيادة المشتركة لقوات التَّحالف الدولي بزيادة الفريق العامل في متابعة وتحقيق الحوادث، وبذل جهود وإمكانيات أكثر في هذا المجال وإعداد خريطة بيانات تُظهر المناطق الأكثر تضرراً من الهجمات الجوية، والدَّفع باتجاه البدء في معالجة الآثار الاقتصادية والمعنوية لتلك الهجمات.
وشدَّد على ضرورة متابعة الانتصار العسكري على تنظيم داعش وتخليص بقية المناطق من آثاره، والعمل الجدي على تأسيس قيادة مجتمعية ديمقراطية يُشارك فيها بشكل فاعل أبناء تلك المناطق وأكَّد على أهمية العمل بشكل جدي على توفير سبل حياة كريمة للمشردين قسرياً في مخيمات النزوح ومحاسبة علنيَّة وعزل لكل من أثبتت التَّحقيقات تورطه في هجمات تسبَّبت في وقوع مجازر بحق مدنيين.
كما طالب التَّقرير القيادة المشتركة لقوات التَّحالف الدولي بمساعدة المجتمع السوري في التَّخلص من تنظيمات إرهابية على غرار تنظيم داعش كالتنظيمات الإرهابية التي تدعمها الدولة الإسلامية الإيرانية، وتقوم ببناء قواعد لها في محافظتي حلب وريف دمشق.
وحثَّ التقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان على متابعة حالة المشردين قسرياً في المناطق التي تُسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية وإصدار تقرير عن الانتهاكات التي يتعرضون لها وتداعيات قصف قوات التحالف الدولي على تلك المناطق وأن يتناول التقرير مناطق وبلدات عدة.