جسر: تقارير:
يتنافس كل من الروس والايرانيين في الحضور في مناطق العاصمة السورية دمشق وريفها، التي كان لكلا الدولتين دور كبير في استعادة نظام الأسد وانتزاعها من قبضة المعارضة، فما الذي يحدد نفوذ كل دولة في العاصمة وما يجاورها؟ وما هي الأسباب التي دفعت كل دول على حدا لسيطرة على مناطق بعينة والتخلي عن أخرى وما هي السياسية الأمنية والعسكرية لكل دول في المناطق التي تخضع لسيطرتها؟.
تقاسم السيطرة
يتفق معظم المحللين العسكريين على توزع الخارطة العسكرية بدمشق وريفها، حيث يرى معظمهم أن التواجد الإيراني العسكري يظهر بقوة جنوب العاصمة دمشق وشرقها، ولا سيما المنطقة المتصلة بين مطار دمشق الدولي حتى الحدود الإدارية لمحافظة درعا، كما يرزح الريف الشمالي من العاصمة وخصوصاً منطقة القلمون والبادية لسيطرة الإيرانية أيضاً حتى الحدود مع العراق.
أما روسيا فتتركز سيطرتها العسكرية على منطقة الغوطة الشرقية، وأحياء محددة من العاصمة دمشق أبرزها المزة، كما تسيطر على وادي بردى الملاصق للحدود اللبنانية ومنطقتي الكسوة وصحنايا غرب العاصمة ايضاً.
عن الوجود الإيراني
يقول المحلل العسكري والعقيد السابق علي ناصيف لـ “جسر” إن “إيران متمسكة بجنوب دمشق وطريق المطار لعدة أسباب أهمها أنها تجد في جنوب دمشق الحجة المقنعة لوجود عناصرها في سوريا، وهي الدفاع عن المقدسات والمقامات بالإضافة لوجود بعض العائلات الشيعة في المنطقة “.
ويوضح ناصيف أن طهران تتمسك بتلك المنطقة برؤيتها أنها “امتداد للجنوب السوري حيث تشرف عليه بشكل كامل، وقد وضعت أكبر وأهم مراكز وقواعد لها في المنطقة بين السيدة زينب وطريق المطار”.
ويرى ناصيف أن إيران من خلال تواجدها وتحركاتها في العاصمة وريفها تسعى لتغيير ديمغرافي، وهدفها ديني بحت وتحاول تطويق العاصمة بمذهب مغاير لما هو موجود.
أما بالنسبة لأهداف الروس، بحسب ناصيف، فتتركز بالمصالح الاقتصادية البحتة، ولا يتقاسمون مع الإيرانيين مشروعها وفكرها الايديولوجي.
ويعتبر ناصيف أن السيطرة الإيرانية أكبر وأعمق من السيطرة الروسية في دمشق وريفها، فعظم الافرع الأمنية والفرق العسكرية التابعة للجيش بيد الإيرانيين، منوها إلى أن التعامل بين النظام والروس والإيرانيين عسكرياً وامنياً يتم عن طريق ضباط ارتباط لا يملك النظام منها إلا التنفيذ .
وروسيا
أما الباحث العسكري والنقيب السابق رشيد حوراني، فيرى أن موسكو تمتلك التأثير الأكبر في دمشق وريفها، حتى لو كانت أقل من حيث الانتشار العسكري من إيران.
ويؤكد حوراني أن الروس لا يهتمون كثيراً إلى تواجدهم الجغرافي لأنهم يحرصون على إظهار أنفسهم كمدبر ومحرك لكل العملية العسكرية الخاصة بنظام الأسد، كما أن العمليات العسكرية تبدأ وتنتهي بأمر من روسيا، وليست القوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها إلا أحد أطراف التنفيذ كحال قوات النظام، وقد أثبتت زيارة الرئيس الروسي بوتين إلى مركز القيادة الروسي في دمشق ذلك.
ويتفق حوراني مع ناصيف بالحضور الصوري لقوات النظام عسكرياً واستراتيجياً، كما يرى حوراني أن انتشار القوات الإيرانية المركز جنوب العاصمة دمشق وغربها مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمحافظات الجنوب السوري درعا والقنيطرة، حيث تنتشر تلك القوات ضمن نطاق جغرافي واحد يطلق عليه نطاق الحيطة الثالث.
ويختم حوراني تصريحه بالقول إن “إيران تسعى من خلال نطاقها الثالث هذا للضغط على الدول المؤثرة والمتدخلة في الصراع السوري بما فيها روسيا نفسها”.