جسر (خاص)
أشار مراسلو صحيفة جسر في دير الزور إلى معطيات تفيد بوجود شعور إيراني بفشل كبير لميلشياتها في دير الزور وعجزها عن اختراق المجتمع المحلي والتغلغل فيه، وبناء على ذلك وضع الحرس الثوري الإيراني استراتيجية جديدة ترتكز على الاستعاضة عن العملاء السابقين من شيوخ القبائل ووجهاء العشائر، الذين تأكد فشلهم، بفئات واشخاص جدد، ورصدت لذلك ميزانية تبلغ مليون دولار امريكي.
المعطيات المشار إليها صرح بها لجسر مصدر محلي مطلع، طالبا عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، قال أن الحرس الثوري والميلشيات التابعة له، خاصة حزب الله اللبناني، يعتقدون بأن الوجود الإيراني في دير الزور يقتصر على الحضور عسكرياً في مقرات معزولة اجتماعياً وثقافياً، وأن المحيط العشائري معاد بشدة، وأن ذلك تم استغلاله من قبل أطراف “معادية” لتجنيد عملاء لتحديد مقرات ومخابئ الميلشيات وضربها. وتحدث المصدر عن خشية قيادة الميلشيات من تطور ذلك إلى صراع مسلح مع المجتمع المحلي في حال تفجر أي خلاف وخروجه عن السيطرة، ولفت النظر إلى تراجع الاقبال على التجنيد للميلشيات المدعومة ايرانياً، وتسربهم المتسارع في الآونة الأخيرة، حيث فضل عدد كبير منهم الشبان الهجرة من المنطقة على الانخراط في صفوفها رغم المغريات الكثيرة.
زعماء قبائل مناهضون وشبكات تجسس محلية
مصدر تحدث أيضا عن أن قيادة الحرس الثوري في دير الزور تعتقد أن ما تبقى من المجندين المحليين في الميلشيات الإيرانية معظمهم باق لمزاولة اعمال الجاسوسية على تلك الميلشيات، حيث كشفت تحقيقات أجريت مؤخرا شبكات تجسس بين المجندين المحليين وطلب تسريح المئات منهم، وأشار ايضاً إلى وجود تيار بين عسكريي وضباط النظام معاد للوجود الإيراني.
الميلشيات والزعامات المصطنعة تتفكك وتنهار
تصريحات المصدر أكدها لجسر الشيخ راوي محيسن درويش، وهو أمام مسجد وأحد وجهاء قبيلة البكارة من قرية مراط التي تقع تحت سلطة ميلشيات إيرانية ولبنانية، الذي قال ” اصطنعت الميلشيات شيوخ عشائر مزيفين لا قيمة اجتماعية لهم سوى الوساطة للأهالي في بعض المسائل الأمنية البسيطة أو تسيير بعض المعاملات بمقابل مادي دائماً، وينظر إليهم الناس كعملاء لسلطة احتلال ومن لا يكون لديه حاجة يتحاشاهم”. وأضاف “بأن لا أحد يحضر النشاطات الإيرانية ولا يتردد على المراكز الثقافية الإيرانية أو غيرها سوى المستفيدين، ومن خلال اطلاعه المباشر فإن المركز الثقافي الإيراني في حطلة بدأ يعلن عن الندوات والمحاضرات مع القول بأن هناك هدايا ستوزع في نهاية المحاضرة من اجل اجتذاب بعض الفقراء والأطفال، لأنه يوزع بعض السكاكر والهدايا الصغيرة”.
فيما صرح عسكري يبلغ من العمر 32 سنة، كان عضوا في ميلشيا “حراس القرى” الإيرانية، وانتسب مؤخراً إلى الفرقة الرابعة، بأن الميلشيا التي كان من مؤسسيها قد تراجعت مخصصاتها المالية بسرعة، وان الايرانيون يتذرعون بالعقوبات لخفض الرواتب باستمرار، الامر الذي أدى إلى تفكك هذه الميلشيا تقريبا”. كما أكد بان الحرس الثوري قد “استبعد بالفعل الميلشيا التي يقودها نواف البشير من الدعم، مما اضطر البشير إلى الحاق تلك القوة التي يقودها ابنه ليث بالفرقة الرابعة، فيما نقل البشير مقر اقامته إلى دمشق وبدأ العمل في التجارة، وخاصة تصدير الكمأة إلى الخليج”.
مليون دولار لشراء الولاء لإيران.. لكنه لا يكفي
تمكن مراسلو صحيفة جسر داخل مدينة دير الزور من التواصل مع مقاول محلي يقدم خدمات لوجستية للميلشيات الإيرانية، وأفاد بأنها تعاني من ضائقة مالية منذ سنتين على الأقل، وتراجعت انشطتها الهادفة إلى استقطاب وتجنيد السكان المحليين، لكن قيادة الحرس الثوري قررت مؤخرا ضخ مليون دولار في أنشطة دعائية لترميم صورة الميلشيات عبر تقديم الأموال بطريقة مشابهة للرشوة، خاصة “في أوساط النساء والشباب”، لكنه أكد أن هذه الرشوة صغيرة ولن تترك اثراً ملموسا، وذكر اسم سيدة تدعى “أم مرتضى الديرية” كإحدى عرابات المخطط الجديد، وقد تتبع مراسلونا المحليون أنشطتها التي كشفت بالفعل عن وجود شبكة لاختراق المجتمع المحلي والتجسس عليه، الأمر الذي يؤكد ما ذهبت إليه مصادرنا من وجود فجوة بين المجتمع المحلي العشائري، والميلشيات التي جلبتها ايران، ولم تستطع تسويقها ودمجها بالمجتمع المحلي، بل أن هذا المجتمع اصبح يشكل خطراً عليها سواء لجهة تسريب المعلومات بشكل متعمد لإلحاق الأذى بالميلشيات أوافساد خططها، أو حتى مهاجمتها في وقت من الأوقات.
إن الخطة الجديدة التي حصلت جسر على خطوطها العامة وجزء مهم من تفاصيلها، تسعى إلى اختراق المجتمع المحلي من أكثر جوانبه خطورة وهشاشة، وهو العائلة وجيل اليافعين والشبان إضافة إلى النساء، وتتطلع من وراء ذلك إلى التأثير في السكان المحليين من الداخل، ومراقبتهم عن كثب وبفاعلية، وتصحيح خططها على ضوء ذلك وصولا إلى الهدف الاستراتيجي وهو الهيمنة الكاملة على سكان المنطقة وتحطيم المقاومة التي ابدتها المنطقة العشائرية حتى الآن.