توفيق حميد
بعد انضمامي ثم تركي للجماعة الإسلامية بكلية الطب جامعة القاهرة في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، دخلت في ماراثون مناقشات مع العديد من أعضاء الجماعة وغيرهم من المتطرفين الذين كانوا وما زالو يسعون بكل ما لديهم من قوة لعودة منطقة الشرق الأوسط والعالم – إن أمكنهم ذلك – إلى مرحلة العصور الوسطى.
وخضت غمار جولات عديدة من المناقشات ولم أزل أتذكر بعضها بالتفصيل.
فذات يوم، حاول أحد المتطرفين من أتباع الجماعة الإسلامية إقناعي بالعودة مرة أخرى إليهم وإلى فكرهم ومفهومهم للدين. فعرضت عليه أن نجلس سوياً في مقهى نستطيع الكلام فيه بحرية ولكني اشترطت عليه أن نتحاور بهدوء وأن من يستخدم أي نوع من العنف اللفظي أو البدني يعتبر خاسراً في المناظرة أوبمعنى آخر يكون فكره منهزماً. وَقبِل هذه المناظرة واتفقنا على موعد اللقاء ومكانه.
ووجهت له مجموعة من الأسئلة كما سأذكر في الأسطر التالية.
السؤال الأول:
قلت له هل تؤمن بحديث البخاري “أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله”؟
قال نعم وهو حديث متفق عليه!
فقلت له ما رأيك في ديانة أخرى يعلن أتباعها وهم من دولة عظمى الحرب على المسلمين ويقولون لهم أن عليهم اتباع ديانتهم وإلا سيتم قتالهم حتى يذعنوا لدينهم؟ هل ترى هذا دينا أم أنها عصابة قطاع طرق تفرض رأيها عليك! لم يرد!
فتابعته قائلاً ما أكننته في نفسك الآن من مشاعر واحتقار لهذه الديانة التي يفرضونها عليك بالقوة هو ما سيتم وصف الإسلام به من الآخرين! فرد علي قائلاً هناك فارق كبير فنحن على دين الحق! فقلت له وأصحاب الديانة الأخرى يقولون نفس الشيء وأنهم هم الذين على دين الحق… فهل عندك دليل يقيني على رأيك أنك على دين الحق لأنك اتبعت ما ألفيت عليه آباؤك (مثلما هم اتبعوا ما وجدوا عليه آباءهم!) – هو الرأي السليم!
فلم يرد!
وهنا قلت له: وما رأيك إن قرر هؤلاء الغزاة – الذين احتلوا أرضك لنشر دينهم – أخذ أمك واحدة من سباياهم وقالوا لك أن رجالهم يحبون أن “يتسروا” بالنساء المسلمات! ماذا كنت ستشعر ناحية هذا الدين الذي يفعل ذلك باسم الله!
اشتاط المتطرف غضباً، وقال لي كيف تجرؤ على قول ذلك فقلت له هذا ما تبيحون فعله بالآخرين وما تكتبونه في كتب تراثكم! فلتشعر الآن بما يشعر به الآخرين حين يقرأون ما تكتبون عليهم في كتبكم!
نظر إلي نظرة عميقة وكأنه يفكر في الأمر، فقلت له أنا لن أنتظر أن أسمع إجابتك على هذا السؤال فالإجابة مفهومة من نظراتك المملؤة بالغضب من مجرد ذكر السؤال، فما بالك بفعله وتمجيده بل وتقديسه كما تفعلون في كتبكم!
ثم أعقبت ذلك بالسؤال التالي: ماذا كنت ستفعل إن رجع بك الزمان إلى دولة الخلافة، ورأيت الإماء والسبايا وهن واقفات شبه عرايا عاريات الصدور كما يقول الشرع (عورة الأمة من السرة إلى الركبة) ويتحسس الرجال أجسادهن في الشوارع علانية أمام الناس كما كان يفعل ابن عمر بن الخطاب! (عن علي بن مسهر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا أراد أن يشتري الجارية وضع يده على أليتيها أو بين فخذها وربما كشف عن ساقيها)!
هل كنت ستعترض على هذا الفساد والفجور والانحلال والدعوة إلى الفسوق؟ أم أنك كنت ستقف تصفق للشريعة الغراء لأنها تدعوا إلى الحشمة والفضيلة!
ووسط ذهوله أكملت الأسئلة فسألته: هل تعتقد أن البخاري من أهل الجنة أم من أهل النار؟ فقال بثقة زائدة طبعاً من أهل الجنة! فقلت له إن كان الرسول نفسه لا يعرف ماذا سيحدث له أو لأتباعه كما ذكر القرآن الكريم “قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ”، فهل تعرف أنت ماذا سيحدث للبخاري في يوم الدين!
ثم قلت له وأخيرا وليس آخراً ماذا كنت ستقول عن شخص يذكر على الملأ للناس عدد مرات الممارسة الجنسية بين أمك وأبيك ومعدلاتها؟ فنظر إلي بانفعال. فقلت له هذا هو ما فعله البخاري ورواة الأحاديث مع الرسول عليه السلام الذي تتشدق بأنك تدافع عنه. ثم ذكرت له الحديث التالي “حديث أنس بن مالك قال (ولا أدري كيف عرف أنس هذه المعلومة!) : ” كان النبي صلى الله علیه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من اللیل والنهار، وهن إحدى عشرة “! فهل ترضى أن يتكلم أحد عن أمك وأبوك هكذا!
فاشتاط المتطرف غضباً وقلب المائدة ثم إنصرف! فتعشمت خيراً لعله بدأ يفكر!
وللحديث بقية.
المصدر: الحرة