جسر: متابعات:
أطلق أحمد داود أوغلو، الذي شغل مناصب مستشار الرئيس السابق ومستشار رئيس الحكومة ووزير الخارجية السابق والرئيس العام لحزب العدالة والتنمية، وتولى في نهاية المطاف رئاسة الحكومة في الحكومات 62 و63 و64، حزب المستقبل الذي كان يجهز له منذ فترة بشكل رسمي في الـ13 من كانون اﻷول/ديسمبر 2019 بعد انفصاله عن حزب العدالة والتنمية.
وجذبت اللغة المعارضة المطلعة جيداً على داخل السلطة لداود أوغلو، الذي يواصل تنظيم صفوف حزبه الجديد، الانتباه بشكل خاص في الآونة الأخيرة. وحصلنا على موعد في مقر رئاسة الحزب في مدينة إسطنبول لإجراء لقاء صحافي مع داود أوغلو. وكانت التدابير مطبقة بشكل صارم. كثير من أنصار الحزب موجودون في البناء الذي دخلناه، بعد أن قيست درجة حرارتنا بواسطة الكاميرات الحرارية.
لم يرغب داود أوغلو خلال المقابلة الطويلة في الحديث كثيراً عمّا حدث بالماضي، مؤكداً أن حزب المستقبل سيصبح “التيار الرئيس” في الفترة القريبة، وأن جميع المنزعجين من السياسة الحالية سيجتمعون تحت سقف حزبه في المستقبل القريب.
رهانات حزب المستقبل
رغم أن حزب المستقبل حديث الولادة، فإنه يواصل تنظيمه بسرعة، وعن الحزب وسبل تمويله يقول، “هدفنا الرئيس في أثناء تأسيس الحزب تماماً كما في المجلس الأول، هو إنشاء هيكل يمثل الشعب بكل أطيافه وتوجهاته. لديّ قناعة تامة بأننا ناجحون، وقد أثبتت الأشهر الستة الماضية ذلك بوضوح. إن التوجهات السياسية تتحدد من جديد، يجب تطوير لغة تتجاوز النطاقات الكلاسيكية القديمة اليمينية – اليسارية، والمحافظة – العلمانية، والقومية – الليبرالية. أعتقد أننا أمسكنا هذه اللغة. وانعكس هذا بالفعل على برنامجنا”.
وعن التمويلات أضاف، “جميعها من التبرعات الطوعية. بداية تُلبي تشكيلات الحزب في جميع المدن حاجاتها الخاصة تماماً، مثل قوات الكفاح الوطني (الاسم الذي يطلق على القوى الوطنية التطوعية التي شكّلها مصطفى كمال أتاتورك إبان حرب الاستقلال). يعلم الجميع أنه ليس لدينا إمكانات مادية ضخمة. لكن السياسة ليست مسألة إمكانات مادية. انظروا إلى أي من الأحزاب شئتم في الماضي، واجهوا صعوبات مالية في ظروف التأسيس. حتى إنّ الحركات السياسية التي يُعتقد أنها لم تواجه صعوبات مالية لم تنجح”.
خطايا العدالة والتنمية
معروف أن تاريخ تركيا مليء بدفع السلطة أو القوة الحاكمة إلى الخصم السياسي بطرق مختلفة وحتى بطرق توصف بغير الديمقراطية خارج الحلبة. فهل حدث معكم ذلك؟ يجيب داود أوغلو “نواجه ذلك كثيراً، بمعزل عن الآخرين وضعنا مؤلم، الأشخاص الذين كنا معهم يداً بيد قبل عدة سنوات هم من يحاولون دفعنا إلى خارج الحلبة، لكن بشكل عام إن الذين يعبرون بجرأة عن أخطاء السلطة هم من رسموا شكل الفترة اللاحقة وليس المقتدرين. حدث الشيء نفسه بعد الـ27 من مايو (أيار)، بعد تعريف الحزب الديمقراطي بأنه (منخفض)، كان هناك ضغط كبير على الأحزاب التي كانت على مسار الحزب الديمقراطي، جيلنا يعرف جيداً كيف كان يراد دفع المرحوم أوزال خارج الحلبة في خطاب أيفرين في اليوم الأخير. ظهر كنعان إيفرين عنواناً مفتوحاً وجنرال يقبع خلف ذلك العنوان، إنه الجنرال تورغوت سون ألب، وخلفه قوة السلاح. لكن كان أمامه رجل ودود هو تورغوت أوزال، لم يكن خلفه سوى الشعب. وهو من انتصر”.
وأضاف، “دخل أستاذنا الراحل أربكان التاريخ بصفته (الرجل المدافع)، أخذت منه رئاسة الحكومة بعد عدد من العمليات المليئة بالمعاناة، لكن مَنْ حدد المرحلة اللاحقة هم الخارجون من ذلك الكادر. هذا هو الشيء الذي لا يعيه الرئيس الآن أو نسيه، جرى تجاهله هو نفسه وقيل إنه (لا يستطيع أن يصبح مختاراً لحيّ)، وأهين وعُمِل على تنحيته جانباً، والآن هو يحاول تطبيق الأساليب نفسها ضدنا”.
واستكمل، “أرى مثل هذا الانقسام الآن. مؤلم جداً رؤية هذا، الرئيس يهاجم حزب الشعب الجمهوري، لكن يبدو أن مهمة إهانتنا متروكة لبهجلي (زعيم حزب الحركة القومية) وبرينتشك (زعيم حزب الوطن). هما بدورهما يهاجموننا، بهذه الطريقة يبدو الأمر كما لو أنه من الممكن دفع الأشخاص الذين حصلوا على مكانة في قلب الشعب خارج الحلبة، عندما تنظرون إلى هذا الماضي السياسي بأكمله، فإن أولئك الذين يصارعون من خلال تغيير قواعد اللعبة، والدفع، والعرقلة، والدفع خارج الحلبة كانوا هم الخاسرون دائماً، الذين يتعاملون بصبر في مواجهتهم ويواصلون طريقهم بغض النظر عن الوشايات من اليمين واليسار هم الذين فازوا، نحن مستمرون في طريقنا”.
وواصل، “سنعمل على أن لا نشابههم. أنا كشخص قرأ فلسفة السياسة وتاريخها لا أستخدم جُملًا تنطوي على أحكام في موضوع القدر، وأتحاشى أن أتجاوز حدودي بالقول (إننا منزّهون عن جميع الأخطاء وأصبحنا ملائكة). جميع الناس ممتحنون، وسنمتحن أيضاً. لقد عشنا امتحاناً في الماضي. ربما نكون ارتكبنا أخطاء، لكن لعدم وجود انحراف حول المبادئ، لا يزال بإمكاننا أن نكون بين الشعب اليوم”.
قال الرئيس في خطاب ألقاه خلال اليوم الذي أعلن فيه حزب العدالة والتنمية إن “اليوم سيدخل التاريخ على أنه اليوم الذي زالت فيه الأوليغارشية من حياة تركيا السياسية”. لكن لهذا السبب بالتحديد حدثت انقسامات في حزب العدالة والتنمية. لماذا لا يستطيع السياسيون التزام وعودهم؟ يجيب داود أوغلو قائلاً “هي مثل النار المستعرة، كلما ضغط من يأخذ السلطة ليمسك تلك النار تحرق يده. لكن عندما تنشرون هذه النار في المحيط بشكل صحيح، عندما يأخذ الجميع جزءاً صغيراً منها، تولد مشاعل من تلك النار. عندما أطلق الرئيس مسيرته بدأها بالمبادئ الصحيحة، على سبيل المثال مبدأ الفترات الثلاث، لمن يُوضع هذا المبدأ أولاً؟ للزعيم، يضع الرئيس مبدأ الفترات الثلاث من أجل نفسه، لا معنى لتطبيقه على رؤساء فروع الحزب في المدن ما لم يطبق في الأعلى”.
وأضاف، “في الحقيقة كانت الفترات الثلاث للسيد الرئيس بتقدير إلهي قد انتهت عندما ترقّى إلى منصب أعلى رئيساً للجمهورية، لذلك كانت هناك ظروف مواتية لتطبيق هذا المبدأ. أنا الآن لا أعود إلى الخلف لأجري محاكمة، لكن هذا كان ما كان يجب أن يكون، لو ظل مخلصاً للكلام الذي قاله لي في المؤتمر العام (أنا أراك رئيس حكومة مؤتمناً لا رئيساً عاماً، لا أريد ذلك)، ولو تجذّر حزب العدالة والتنمية بأيدينا، وواصل طريقه، ولو بقي الرئيس في الأعلى بصفته رئيساً للجمهورية، ولم يتدخل في شؤون الحزب، ولو سلّمت أنا بعد فترتين هذه المهمة لواحد من رفاقي، ولو لم يحدث أي محسوبية وتمييز في أي من هذه العلاقات لكان حزب العدالة والتنمية تقليداً ينافس العصور”.
وتابع، “كان المؤتمر العام الذي سلّمت فيه المهمة مشهداً محزناً للغاية. رأيت أن الأمور لم تكن لتستمر هكذا. كان هناك شيء متوقع أبعد من المؤتمن. أن الاستماع إلى رسالة الرئيس وقوفاً على الأقدام في أثناء عدم وجوده هناك، وإعلان أن (هذا الحزب هو حزب طيب). أنا أقول هذا لأن رئيس ديوان المجلس قال ذلك، فأنا لم أخاطب الرئيس باسمه قط. في تلك اللحظة وضع حزب العدالة والتنمية في الواقع خطأ حدد فيه حياته بشخص زائل. الآن هذا أيضاً خطر سارٍ بالنسبة إليّ أيضاً. بصفتي الرئيس الأول إذا تعاطيت مع حزب المستقبل بهذه الطريقة، وقبضت على السلطة بيدي من دون أن أشاركها مع أصدقائي، وإذا لم نتصرّف بعقل مشترك، فإن المصير نفسه سيضربنا”.
مساءلات نفسية وتوترات حزبية
تشهد الساحة السياسية إلى جانب حزب المستقبل، تأسيس حزبي الديمقراطية والتقدم، بكوادر مارست دوراً في حزب العدالة والتنمية فترة من الفترات، هل ينبئ ذلك بحدوث انشقاقات جديدة في حزب الرئيس؟ يجيب داود أوغلو “لا أرى أنه من الصحيح أن نقول أي شيء محدد بهذا الخصوص، لكن ما أراه هو: يوجد توتر داخلي كبير في “العدالة والتنمية”. ويوجد ضغط مرتفع. وتوتر داخل الكوادر المخلصة للحزب. أولئك الناس المخلصون، أعضاء حزب العدالة والتنمية الديمقراطيون في مساءلة في أي مستوى من المستويات. مساءلة: هل قدّمنا كل هذا النضال من أجل هذا، المساءلة التي قمنا به قبل ثلاث أو أربع سنوات منتشرة الآن في كل مكان. من هذا المنطلق نحن ندخل في عملية ديناميكية للجميع، وليس فقط حزب العدالة والتنمية بمفرده. في هذه العملية سيبحث كثير من الأشخاص عن وجهات جديدة”.
الانقسامات العرقية والممارسات السياسية
ومن العدالة والتنمية إلى حزب الحركة القومية الذي يستخدم أسلوباً قاسياً في القضايا المتعلقة بحزب المستقبل، ما يطرح تساؤلاً: لماذا هذه الغلظة؟ يجيب داود أوغلو “أتساءل عن السبب الحقيقي لذلك، سألت عن هذا كثيراً، لا سيما أن علاقتنا السياسية مع بهجلي كانت قائمة دائماً على الاحترام في الماضي، جاءت انتقادات مماثلة شديدة من حزب الشعوب الديمقراطي تجاهنا. إن الأحزاب السياسية التي تمارس السياسة القائمة على الانقسامات العرقية أو الطائفية في تركيا مع الأسف عند ظهور أشخاص تجاوزوا هذه الانقسامات المذهبية والعرقية وشخصيات محبوبة من قبل قطاعات مختلفة فإنهم يعتبرونها خطراً عليهم”.
وأوضح، “على سبيل المثال يُنظر إلى التركي الذي يحبه الأكراد كثيراً والكردي الذي يحبه الأتراك كثيراً على أنه خطر بالنسبة لحزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي. لأنهم يحصلون على أصوات عالية من السياسات التي تنتجها السياسة الاستقطابية. كان قول بهجلي (سيروك أحمد) الذي تحوّل تقريباً إلى رمز مجادلة حدثت بسبب استقبال أهالي ديار بكر لي بقولهم (سيروك أحمد) عندما كنت قائماً على مكافحة الإرهاب. لقد كان يكررها منذ ذلك الحين، وأنا ابتسم. لماذا لا تنزعجون إذا قال لي أحدهم بلغة أجنبية أو باللغة الإنجليزية (Mr. Prisident)، ولماذا أنزعج أنا إذا قال لي أحد مواطنينا الأكراد بلغة هذه الأراضي النقية اللغة الكردية سيروك أحمد Serok Ahmet؟ لماذا أنتم تنزعجون؟ هم ينزعجون لأنهم يتغذون على سياسة تضع التركية في مواجهة الكردية والأكراد في مواجهة الأتراك. وينطبق الشيء نفسه على حزب الشعوب الديمقراطي”.
وتابع، “يبدو كأنّ هناك اتفاقاً ضمنياً بين حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية ودوغو برينتشك. يتخاصم الرئيس مع (الشعب الجمهوري) من أجل الاحتفاظ بالشرائح المحافظة إلى جانبه، ويبدو أن مهمة مهاجمة حزب المستقبل، لعرقلة ظهوره بديلاً، مُنحت لبهجلي وبرينتشك. كل هذا يمضي. أنا أرى وأعلم أن أنصار حزب الحركة القومية صادقون، والناخبون الأكراد مخلصون يمنحون أصواتهم لحزب الشعوب الديمقراطي، لأنهم لم يتمكنوا من رؤية أي بديل آخر، فهم يفهموننا ويحبوننا، وينظرون إلينا على أننا أمل. أنزههم، فعبارات بهجلي وأصدقائه التي تصل إلى الإهانة لا علاقة لها بأعضاء حزب الحركة القومية. أينما نتقابل معهم يظهرون لنا المودة. وكذلك لا أعتقد أن انتقادات الأحزاب الأخرى تلقى قبولاً في القواعد الشعبية لتلك الأحزاب. الكل يعرف أننا أبناء هذه الأرض”.
هؤلاء يديرون حزب العدالة والتنمية
وفي ميزان القوة والضعف يرى داود أوغلو أن برينتشك “إذا نظرنا إلى الأصوات فهو ضعيف، لكن إذا نظرنا إلى الضوضاء فإنه يصدر كماً جيداً من الضوضاء. إن رئيس حكومة مارس رئاسة الحكومة في تركيا وحصل على أعلى نسبة أصوات في الديمقراطية التركية في الأول من كانون اﻷول/ديسمبر التي تعد مصدر كل السلطة التي تستخدمها الحكومة الحالية لا يمكنه الظهور على التلفزيون، لكن برينتشك يظهر كل يوم على شاشات التلفزيون، ويتحدّث بتهور. يقول (نحن ندير هذا البلد منذ أربع سنوات). لماذا أربع سنوات؟”.
وقال رئيس حزب المستقبل “يمكنكم التفكير في الأمر مع فترة رئاستي الحكومة. حدث تغيير في داخل (العدالة والتنمية). يقولون ذلك بكل إصرار. نعم خلال فترة رئاستي الحكومة كان الحزب يُدار من قبل أعضائه. لم يحكم أحد آخر (العدالة والتنمية). لكن يجيب برينتشك عن سؤال من يدير الحزب بقوله (نحن نديره). ولم يقل الأعضاء. لحظة من أنت؟ كم عدد الأصوات التي تحصل عليها في الألف؟ كيف تتحدث هكذا؟. الرئيس الذي يضبط الجميع لا يقول في مواجهة خطاب برينتشك (نحن من ندير البلاد، أنا القائد). عندما يخرج صوت في حزب العدالة والتنمية، لا ينبغي أن أقول زعيم، عندما يظهر شخص يظهر شخصيته، يُسكَت على الفور، ويقال له (انتظر دقيقة، يوجد قائد هنا. لا يستطيع أحد غيره التحدث)، لكن برينتشك يقول (نحن ندير البلاد) وليس هناك صوت”.
واستكمل، “عندما يحين الوقت لتخويف الشرائح الواسعة من الجماهير التي عانت الـ28 من شباط/فبراير، ونحن من بينهم، يقولون (انظروا، إذا ذهبنا، ستأتي عقلية الـ28 من شباط/فبراير، سنفقد مكاسبنا). لكن برينتشك يتنقّل من قناة إلى أخرى، ويقول (فترة الـ28 من شباط/فبراير تعيش عهدها الذهبي الآن، النضال ضد الجماعات والطرق الدينية يسير الآن)، ولا يستطيع أحد أن يقول: من أنت؟ لقد ناضلنا في ظروف الـ28 من شباط/فبراير وخرجنا منها. حزب العدالة والتنمية لا يستطيع قول ذلك. وبالمثل فإن أولئك الذين يدعوننا إلى قنواتهم ثم يظهرون أكثر المواقف غلظة ووقاحة، يصمتون أمام برينتشك. يعني عندما نجمع كل هذا معاً، يبدو من الواضح أن برينتشك لديه قوة غير مرئية وقوة غير محددة. القوة التي حددها لنفسه هي الوصاية”.
وواصل، “لا أقول ذلك، لأنني أهتم كثيراً بالنسبة إليّ ليس لديه قوة، ولا يمكن أن يمتلكها. لن يكون لأولئك الذين يدافعون عن الـ28 من فبراير أي قوة وأرضية في هذا البلد. لكن حزب العدالة والتنمية يكرر مرة أخرى خطأً ارتكبه في الماضي. على الرغم من فوز الحزب بالانتخابات في الماضي فإن العصابة الغادرة التي تسمى FETO (تنظيم فتح الله غولن) سيطرت على هياكل الدولة في أنقرة على الرغم من أننا حذّرنا منها مراراً وتكراراً. هذه طريقة وتُستخدم الآن من قبل مناصري الـ28 من فبراير، وهياكل أتباع برينتشك. حتى إنه إذا كان معدل أصوات بهجلي يبدو تسعة في المئة، فإن سبب اكتسابه لما هو أبعد من الأصوات وهي السلطة هو أنه استخدم حزب العدالة والتنمية أداة للرفع”.
منع انتقال النواب وتهديدات خاصة
يشاع أن هناك تعديلات قانونية لمنع انتقال النواب من أحزابهم إلى أحزاب أخرى، وقد سبق لرئيس كتلة حزب العدالة والتنمية أن أكد وجود عمل مشترك مع حزب الحركة القومية في هذا الخصوص، كيف ترى ذلك؟ أجاب داود أوغلو “لا أتكلم باسم الأحزاب الأخرى، لكن من الواضح أنها لمنعنا، ذلك أن تنظيمنا بات في كل مكان بأناضول، وندرك مدى الصعوبات التي نواجهها، فقبل يومين ترك مجهولون رسالة تهديد في فرعنا بمنطقة سينجان، وداهمت الشرطة فرعنا في بلدة توربلي، وحدثت أمور مشابهة في بلدة كتجي أوران، ويواجه كثير من رؤساء المقاطعات لحزبنا ضغوطاً مباشرة أو غير مباشرة”.
وأضاف، “قضية التعديل القانوني لمنع انتقال النواب لم تأتِ بناءً على حديث كمال قليجدار أوغلو. بالتأكيد لا يحاول العدالة والتنمية والحركة القومية وضع هذه القيود في إرادة نوابهما، لأنهما يعتقدان أنهما لا يملكان المصداقية لإقناع نوابهما بالاحتفاظ بهما تحت سقف واحد، أنا أؤمن بشخصية هؤلاء النواب، وكل نائب يعمل تحت مظلة البرلمان موقر ومحترم”.
وتساءل داود أوغلو، “أين نضع انتقال النائب من الحزب الجيد عن أنطاليا إلى حزب العدالة والتنمية قبل أشهر قليلة؟ وكذلك أين نضع دعوة دولت باهجلي (زعيم حزب “الحركة القومية”) الموجّهة إلى نواب حزب الجيد بالرجوع إلى حزبه وأن بابه مفتوح أمامهم؟ هل يستطيع أردوغان يا ترى أن يضع سداً في وجه النواب الذين ينوون الانضمام إلى حزبه؟”.
وبسؤاله عما إذ كان هل أجرى لقاءً بخصوص انتقال النواب؟ أجاب “لا. لم أجرِ أي لقاء، لم أفعل ما ليس بطبيعي طوال حياتي، ولا أسمح بذلك، لكن أقول: إن أراد شخص ما مارس السياسة معي، ويعاني اليوم التناقضات السياسية، ورغب في أن يكون معي فلن أرفضه”.
وكان وزير العدل التركي السابق، يشار أوكويان، قال إن 63 نائباً من حزب “العدالة والتنمية” الحاكم يستعدون للانتقال إلى حزب “ديفا” بزعامة علي باباجان، الحليف السابق للرئيس التركي.
وقال أوكويان، إنه وفقاً لمعلومات نُقلت إليه من “مصدر مهم جداً”، فإن هؤلاء النواب يستعدون للإستقالة من حزب أردوغان والإنضمام إلى حزب “ديفا” (التقدم والديمقراطية) تحضيراً للانتخابات المقبلة.
وقالت وسائل إعلام تركية، إن حزب “العدالة والتنمية” وحزب “الحركة القومية” اللذين يشكلان الإئتلاف الحاكم، يضغطان لتغيير قانون الأحزاب السياسية وقانون الانتخابات.
الانتخابات المبكرة
يتوقع البعض إجراء انتخابات مبكرة، وعن هذا يقول داود أوغلو “حين أنظر بعين سياسي أقول ينبغي أن لا تكون، أعرف الرئيس، لا يجب لسياسي محنك وسط الظروف الاقتصادية الراهنة أن يلجأ إلى الانتخابات المبكرة وأمامه ثلاث سنوات، لكن علمتني التجارب السياسية أن لا أقول (لا تحدث انتخابات مبكرة)، في انتخابات الأول من تشرين الثاني/نوفمبر حين حققنا انتصاراً مدوياً، نمت قرير العين، فكان أمامنا أربع سنوات، أربع سنوات نقية، كم من سنين لم تشهد فيها تركيا أربع سنوات كهذه، غمرتني سعادة كبيرة، وبدأت التخطيط من تلك الليلة، وكلي إيمان وأمل بأن تركيا ستسير نحو مستقبل مشرق بعد أربع سنوات، لكن ماذا حدث، أنجزنا جزءاً من الوعود والإصلاحات، زوّدنا الحد الأدنى للأجور 30 في المئة، أعلى زيادة في التاريخ، لكن النجاح في تركيا لا يخلو من العقوبة، بعد ستة أشهر من مباشرة مهامي، أُقصيت بانقلاب داخلي، من الرابح؟ هل ربح من ذلك حزب العدالة والتنمية؟ لا إنها الفتنة، يصطلي بنارها حزب العدالة والتنمية منذ ذلك الحين، فكل الوسائل التي اُستخدمت ضدي استخدموها ضد بعضهم بعضاً”.
وأضاف، “الكل ينظر إلى الدستور ويقول: (هذا مما يقرر فيه رئيس الجمهورية)، أمّا أنا فأنظر إلى علم النفس، وأقول: (هذا مما يقرره باهجلي). في الظاهر يبدو الأمر دستورياً بيد الرئيس، لكن من الناحية النفسية فإن الحبال بيد باهجلي”.
في حال وقعت الانتخابات ودعيتم إلى التحالف الوطني، ما ردك؟ يجيب “توجد ملابسات في الأمر، إنها لعبة مبيتة، نظراً إلى الحساسية الموجودة لدى شرائح واسعة من الجماهير تجاه حزب الشعب الجمهوري المنحدرة من فترة حكم الحزب الواحد، توجد ميول إلى تصنيف كل شخص غير مرغوب فيه مع حزب الشعب الجمهوري، بيد أن الحزب تغير كثيراً، فنحن لا نتحدّث عن حزب الشعب الجمهوري القديم، فشأنه شأن الأحزاب الأخرى تعرض للتغيير، فقد قلنا حين أسسنا حزبنا: أتينا لننهي سياسة الحرب الباردة في تركيا، يحاول رئيس الجمهورية استقطاب شريحة واسعة من الجماهير الذين لا يرغبون في حكم الشعب الجمهوري بالاتفاق مع حزب الحركة القومية، وبالمناسبة نجد بيرنجاك أقوى ممثل لعقلية الحزب الواحد يصطف معه، وفي المقابل يوجد استقطاب يرغب في رحيل أردوغان، هنا أخطأ الرئيس أردوغان إذ قال (نقيم هذا التحالف، وهيهات لهم أن يجتمعوا)، والجانب الآخر ألجأتهم الضرورات السياسية إلى إقامة تحالف آخر، عندها فقدنا البلديات الكبرى في إسطنبول وأنقرة والمدن الكبيرة، والحال أن البلاد اليوم دخلت في كماشة هذه التقاطبات، أقولها مرة أخرى: سنخرج هذا البلد من أجواء الحرب الباردة الثنائية القطب، لا نأتي للانضمام إلى أي حزب آخر، إنما نأتي بما هو صواب عندنا”.
إذن، ترفضون ما يشاع بأن حزب المستقبل جاء ليتسبب بالخسارة لا ليحقق فوزاً. يقول داود أوغلو “لا، من يقول هذا الكلام يملك أقل معرفة بي، نتسبب بخسارة مَن؟ هم خاسرون بالفعل، هل تتوقعون أن تنتظم الأمور في حزب العدالة والتنمية إن انزوينا وخنعت أصواتنا؟ إن كان (العدالة والتنمية) سيخسر فذلك بسبب أخطائه خرجنا عليه أم لا، وهل يأكل المرء إلا ما جنت يداه؟”.
وبسؤاله هل تتوقعون للحزب أن يجري تعديلات في النظام الرئاسي؟ أجاب “إنهم يفكرون في إجراء تعديلات، هذا في الواقع اعتراف مؤلم، فقد أشار باهجلي إلى ضرورة إجراء تعديل في النظام الرئاسي، لم يمض عامان بعدُ! لم ينه فترته الأولى بعدُ. لماذا لم تفكروا في ذلك من قبل؟ لأنهم لا يملكون أي مفهوم للنظام، نحن حين ننظر إلى الدولة ننظر بعين المعمار سنان باشا، وهو يتخيل جامع السليمية، ليكون كل شيء في مكانه المناسب، أمّا هم فينظرون إلى الدولة بالمصلحة الآنية، هل يتطلب جمع القوة بيد واحدة؟ حسناً لنفعل لكن إذا انتقلت هذه القوة إلى يدٍ أخرى؟ لا تسمع جواباً، والواقع أن إقامة الدولة وإنشاء الإدارة قضية معمارية وعمل جمالي، ولا يمكن بقوة فضّه”.
وأضاف، “إنهم نادمون الآن على عدم إنشائهم هيكلاً أكثر استبدادياً. لا يترك للمعارضة هذا القدر من الحرية، إن ما يقومون به ليس إصلاحاً، إنما هو ترسيخ لمفهوم الدولة الاستبدادية الذي يجول في خلدهم، يراد تفصيل ثوب للبلاد، عبرت عن ذلك إلى الرئيس أردوغان في كانون اﻷول/ديسمبر 2016، حين قدمت إليه حزمة قانونية، وهذا الثوب المراد تفصيله ليس لأردوغان بالتأكيد، إنما لتركيا، فالنظام الاستبدادي الذي أخفقوا في تأسيسه خلال عملية الـ28 من فبراير يحاولون اليوم تأسيسه على نجاحات كواهل المضطهدين في العملية”.
وكان الرئيس التركي لمح إلى أن سيناريو الانتخابات المبكرة غير مطروح على أجندة حكومته، وقال في لقاء عبر الفيديو مع رؤساء فروع حزبه في الولايات التركية في أيار/مايو الفائت، إن حكومته لن تتوقف عن خدمة الشعب حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2023.
وأضاف “أمامنا 3 سنوات لتنفيذ برامجنا وتمتين علاقتنا مع الشعب. لا توقف ولا راحة لأي منا، حكومة وحزباً، في مسيرة خدمة تركيا وشعبها حتى الانتخابات المقبلة وقت يحين تقديم الحساب أمام الشعب في الصناديق”.
وتابع “لن نسمح بتسميم عقول مواطنينا من قبل الذين لا يتقبلون الانتقال إلى النظام الرئاسي ومساهماته في تنمية بلادنا”، في إشارة إلى أحزاب المعارضة، مضيفاً “بفضل الفرص التي منحها النظام الرئاسي الجديد، تمكنا وبنجاح من مواجهة اختبارات عدة ابتداء من الزلازل إلى وباء (كورونا) وصولاً إلى التطورات في سوريا وليبيا”. وقال إنه ليس لديه شك في الحصول على ثقة الشعب مجدداً في الانتخابات.
وطبق النظام الرئاسي في البلاد عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة التي أجريت في 24 جزيران/يونيو 2018، عقب الاستفتاء على تعديل الدستور الذي أجري في 16 نيسان/أبريل 2017 والذي بموجبه أقر الانتقال إلى النظام الرئاسي بديلاً عن البرلماني.
وعود وأحلام
وبسؤاله عن وعوده في حزب المستقبل قال “نظام برلماني كامل بكل وضوح، يريدون أن يحرجونا، ويقولون: (يريدون العودة إلى النظام القديم). لا، لا أريد العودة إلى النظام القديم، لقد عانيت شخصياً النظام القديم، أتدرون ما أهمية البرلمان في دولة مثل تركيا. إننا دولة وريثة إمبراطورية، إذ لسنا بتلك الدولة التي يمكن تعريفها بهُوية واحدة، واتجاه وبنية ثقافية واحدة، البرلمان الذي انعكس عليه أصوات مواطنينا من أصول بوسنية والجورجية والشيشانية والعربية والكردية والأيغورية يمثل وحدة البلاد، وحين تنتخبون شخصاً ما وتنقلون إليه كل السلطات، فقد لا يستطيع أن يحتضن جميع الهُويات، وهذا ما يحدث اليوم”.
وتابع، “لم يعد هناك مقام رئاسي يحتضن الجميع في تركيا، وكذلك لا يوجد رئيس يمكنه مخاطبة الجميع، تصوّر مستقبل البلاد حين يكون هناك رئيس للجمهورية يستثني نصف المجتمع ممن لم يصوتوا له، ويستبعد أولئك الذين ساروا معه يوماً، ينبغي أن ندوّن دستوراً يبدأ بمخاطبة الإنسان وينتهي بمخاطبة الإنسان، الدولة ليست عنصراً أساسياً في الدولة، إنما هي جزء متمم له، يمكنك إعادة بناء السياسة حين تكون الدولة أداة لإسعاد الإنسان، وتتحوّل مؤسسات هذه الأداة إلى عناصر لمساءلته، وهذا هو هدفنا، وهذا ما سنحدثه للناس، ولن نتحدث عن ذلك في الممرات الديمقراطية في أنقرة فحسب، وكذلك لن نحدثه للشرائح المثقفة في إسطنبول فقط، سنتحدّث عن ذلك في كل حي وقرية وبلدة في أناضول، وسنقول لهم: ناصرونا كما ناصرتم المجلس الأول ذلك إننا نمثلكم”.
وعن موقفه تجاه مهمت ديشلي يقول داود أوغلو “عشت بمبادئي في حياتي السياسية، والتصريح الذي أدليته حول مهمت ديشلي لم يكن فارغاً، فقد أومأ باهجلي إلى أن اسم الحزب وُضِع من قبل فتح الله غولن، هذا ليس شأنه، وليس لأحد أن يتهمنا بإقامة علاقات مع حزب العمال الكردستاني أو فتح الله. الشعب يعلم مدى الكفاح الذي قدمناه ضد هؤلاء، كان رئيس الجمهورية برفقة باهجلي في جزيرة ياسي أدا، وزارا تلك القاعة المشؤومة، هناك حققوا مع بايار ومندريس طوال أشهر، ولم يسبق لمندريس وبايار أن تبادلا التهم رغم خلافات وقعت بينهما، ولم يتهما أي وزير هناك، وقد تحمّل مندريس كامل المسؤولية رغم بنيته الضعيفة، فكان مبجلاً، وهو يتقدّم إلى منصة الإعدام، وبقي كذلك إلى يومنا هذا، ويعلم الرئيس مدى الجهود التي بذلتها لمحاربة جماعة فتح الله غولن، ليس لأحد أن يتهمنا بالتواطؤ مع غولن، فإن فعلوا، يتأتى لنا أن نجيب، لا يمكننا أن نسكت”.
في أحد مؤتمرات حزب العدالة والتنمية في الـ26 من أيلول/سبتمبر عام 2014 أدليتم بتصريح قلتم فيه: “لن أسمح بالمحاباة أبداً”، فالمحاباة قضية طال الحديث حولها وتبرموا منها كثيراً، في الوقت الراهن غدت المحاباة إحدى أكثر التهم الموجهة إلى حزب العدالة والتنمية، لماذا لم تنجحوا في معالجة هذه المسألة؟ يجيب “من القضايا التي تشعرني بالقشعريرة تلك الخلافات العميقة التي نشأت من التمييز السني – الشيعي، هناك عائلتان تقودان سوريا: الأسد ومخلوف، وتربط هاتين العائلتين علاقة الزواج، وما جرى لسوريا كان لهذا السبب”.
وأوضح، “من المشكلات التي تعانيها الدول الديمقراطية لجوء القادة السياسيين فيها إلى علاقات القربى للشعور بالأمان، فلو لجؤوا بسياسة رجل محنك إلى مؤسسات الدولة، ووثقوا بأصدقائهم السياسيين، لكانوا أكثر أماناً، لكنهم يفضّلون الانحسار رويداً رويداً، وينغلقون على أنفسهم، ولا يوجد أضعف من الزعيم السياسي المنغلق على نفسه، لأن شكوكه تزداد مع الانغلاق، ولا يقتصر الأمر على عائلة أردوغان، فقد رأينا نماذجه في الماضي أيضاً في فترة تورغوت أوزال. هذه أمور طبيعية لا أراها صحيحة، لكنها عذر يحوم بالإنسان، فالمرء يرعى شؤون قريبه، لكن ما السبيل للحيلولة دون ذلك؟ حين توليت رئاسة الوزراء نظرت فرأيت أن عديداً من الأصدقاء عرفونني بأقاربهم وأبنائهم. تشعرون بذلك، ثم تأتي موجة أخرى، والسبيل للوقوف أمامها يكمن في مواجهة المحاباة بمبادئ دقيقة للغاية، الكل يحب ابنه وبنته وحفيده لأنهم عائلة، لكن توجد لحظات إن لم ينظر فيها رجل الدولة إلى أبناء وبنات الوطن نظرته إلى أولاده تفقد الدولة الاستمرارية، أخشى على نفسي من هذا، فإذا كان المال من أحد الأمور الذي يختبر به الإنسان فإن اختباره الآخر هو الولد، وعليه ينبغي عدم إقحام هذا الاختبار في أمور الدولة والسياسة، وهذا ما سعيت إليه”.
مفهوم الطاعة والتوريث الحزبي
حين نتخذ حزب الشعب الجمهوري مثالاً نجد أن هناك تسلسلاً لتوارث السلطة في الحزب، فقد ورِث إينونو زعامة الحزمة بولنت أجاويد وخلف أجاويد دنيز بايكال، لكن حين ننظر إلى الأحزاب المحافظة لا نجد هذا التسلسل، فهل لو ناضلتم داخل الحزب لغيرتم هذا الواقع؟ “سؤال صحيح. هنا يوجد خطأ في تلقي مفهوم الطاعة، في الشرائح المحافظة تبدأ الطاعة بالمبادئ، ثم ما تلبث أن تتحوّل إلى الأشخاص، فكّرت في مكافحة ذلك مرتين، بأن أترشّح لرئاسة الحزب مهما كان الثمن. سواء في المؤتمر الذي أقيم في الـ12 من أيلول/سبتمبر عام 2015. المؤتمر الذي جرى إقصائي منه، وفي المؤتمر الذي بعده، لكني شعرت أن النتائج لن تكون ديمقراطية، وساورني قلق بأن ذلك سيقحم البلاد في دوامة أزمة سياسية، قد يكون من الأصح حل مناقشة القائمة الأولى في المؤتمر، هذا ما أتصوره اليوم، لكن من الضرورة بمكان تغيير مفهوم المحافظين للطاعة، أن يكون هناك ولاء للمبادئ، ووفاء للأشخاص، ومن الوفاء للأشخاص الاعتراض عليه، فالصحابي الذي أنكر على عمر بن الخطاب لم يبتعد عن مفهوم الطاعة، بل أظهر وفاءه له، لأنه قوّمه، وأغمد سيفه، قائلاً أنت محق يا عمر، وأظهر طاعته له، هذا هو مفهوم الطاعة الذي نرغب في تبنيه بحزب المستقبل، لا أريد من أحد أن يطيعني ليظهر الولاء لمبادئ الحزب وبرنامجه، فالولاء لبرامج الحزب أولى من الولاء لزعيمه”.
إخفاق عملية السلام
وفي الختام وبالعودة إلى الوراء، لماذا أخفقت عملية السلام؟ يجيب داود أوغلو “السبب الرئيس في ذلك أنه حين انطلقت العملية كنت وزيراً للخارجية. نعم أيدتها، لكن مهندس العملية هو رئيس الجمهورية، وحين كلفني المهمة قال في المؤتمر أترك أمانتين، عملية السلام ومحاربة جماعة فتح الله غولن، فالقضية الرئيسة آنذاك كانت تحوم حول الضعف الذي يعتري مفهوم النظام العام، وحين أصبحت رئيساً للوزراء أدركت هذا الضعف في أحداث السادس والسابع من تشرين اﻷول/أكتوبر، وبدأت اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحياء النظام العام”.
وأضاف، “أيدنا عملية السلام وغيرها من المشروعات في ذلك الوقت، وكما قلت اعترض سبيلنا ضعف النظام العام، لا يمكن للدولة أن تظهر هذا الضعف، ويشكل هذا الضعف أساس التعليمات التي وجهتها لمكافحة الإرهاب بصفتي رئيساً للوزراء، وليس لأحد أن يقاضي مواطنين في دولة توجد فيها محاكم قضائية، ولا يحق لأحد أن يحتكر استخدام القوة ضد المواطنين في دولة تمتلك قوات أمنية، ولا يمكن لأحد في دولة توجد فيها الولاة ورؤساء البلديات أن يمارس عبر عديد من المنظمات الإرهابية ضغوطاً على رؤساء البلديات المنتخبة، ولا يمكنه تحديد سلطات الولاة، لهذا السبب قمنا بمكافحة الإرهاب في إطار دولة القانون، وعملية السلام كانت صحيحة في البدايات، لكن جرى استغلالها، واستغلت المنظمة الإرهابية العملية بعدم تخليها عن السلاح، وكذلك قوّضت هياكل جماعة فتح الله غولن المتوغلة في سلك الجيش والشرطة العملية لإظهار ضعف الدولة. كان لزاماً علينا تقويم النظام العام، ومع كفاحنا الذي أطلقناه في الـ23 من تموز/يوليو 2015 قوّمنا ذلك أيضاً”.
_____________________________________________________________________________________
*نشر في اندبندنت عربية الخميس 4 حزيران/يونيو 2020، للقراءة في المصدر اضغط هنا