اعتاد السوريون في شهر رمضان على تبادل أطباق الطعام والشراب من أجل إغناء السفرة في هذا الشهر، فترسل ربة المنزل ما يسمى بالـ “سكبة” وهو قسم مما قامت بتحضيره لجيرانها المقربين، الذين يقومون بدورهم بإرسال قسم مما أعدوه للإفطار.
فما ان يقترب موعد أذان المغرب في رمضان، حتى تضج الحارات بحركة النساء والأطفال وهم يتبادلون أطباق الطعام، وفي اليوم التالي لا يتم إرجاع الطبق فارغاً، بل يجب أن يملئ بالطعام من جديد.
وفي ظل الحرب التي عاشتها سورية على مدار ثمان سنوات تغيرت بعض تلك العادات، ولكن دوافعها بتوطيد العلاقات الانسانية ما زالت باقية.
محمد من محافظة حلب أكد أن “سكبة رمضان” هو إرث قديم واعتادت عليه العائلات في حلب، ولكن في ظل الظروف الحالية اختلف وتغير، ففي مخيمات اللجوء يتم إرسال الطعام إلى العائلات الأكثر عوزاً، أما على الصعيد الشخصي فقد بات يرسل الطعام إلى جيرانه الأكثر حاجة، وهم أطفال أيتام ، من الصم البكم، وأكثر حاجة من غيرهم.
ويرى أن نظرة الناس إلى “السكبة” بات يكسوها نوعاً من الخجل، فتراجع الأمر لأنه لم يعد بالإمكان طهي طعام فاخر شكل يومي، فباتت الأكلات الشعبية أكثر انتشاراً فتضطر العائلة خجلاً ألا ترسل لجيرانها كونها “أكلة مو قد المقام”.
أما عمر من محافظة درعا فيوضح أن تلك العادة موجودة في قريته منذ زمن طويل، فقبيل المغرب يتم تبادل الأطباق من طعام وحلويات وحتى شراب، وذلك كدليل على الالفة والمحبة بين الناس، ورغم أن تلك الظاهرة انحسرت بعض الشئ نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء الأسعار، إلا أنها ما تزال موجودة في قرى ريف درعا.
https://www.youtube.com/watch?v=HItQNEZ5P_o
بدوره اعتبر أنس وهو من محافظة حماه ويقيم بدمشق، أن تلك الظاهرة تراجعت بعض الشئ نظراً لاضطرار السكان للنزوح، الأمر الذي أدى إلى تغير الجيران، فيقول ” قبل الثورة كنا على علاقة وطيدة بجيراننا، نتبادل السكبة بشكل شبه يومي، وعلى الأخص الجيران الذين تربطنا بهم علاقات وطيدة، أما بعد النزوح فقد تراجعت تلك الظاهرة نظراً للانتقال إلى مكان جديد، فلم نبن علاقات أجتماعية بعد”.
واستبدل أنس وأسرته “السكبة” بتقديم معونات للفقراء فقال “اعتقد أن هذا عمل مجد أكثر في ظل الظروف التي تمر بها البلاد”.
ولم يكن الأمر يقتصر على تبادل “السكبات” بين المسلمين فيقول أنس “جارنا مسيحي، وكان يرسل لنا وقت الإفطار الطعام كنوع من الألفة والود، وكنا نرد عليه بذات الشئ”.
بغض النظر عن التغيرات التي طرأت على “السكبة” إلا أنها ما تزل ظاهرة ترسل رسائل حب وسلام بين أبناء الوطن، بغض النظر عن مضمون ما يقدم من طعام.