شرقي الفرات: لماذا انتهت الاحتجاجات ضد “قسد”؟

شرقي الفرات: لماذا انتهت الاحتجاجات ضد “قسد”؟

شرقي الفرات: لماذا انتهت الاحتجاجات ضد “قسد”؟

شرقي الفرات: لماذا انتهت الاحتجاجات ضد “قسد”؟

شرقي الفرات: لماذا انتهت الاحتجاجات ضد “قسد”؟

شرقي الفرات: لماذا انتهت الاحتجاجات ضد “قسد”؟

شرقي الفرات: لماذا انتهت الاحتجاجات ضد “قسد”؟

شارك

شرقي الفرات: لماذا انتهت الاحتجاجات ضد “قسد”؟

شرقي الفرات: لماذا انتهت الاحتجاجات ضد “قسد”؟

 

 

تلاشت الاحتجاجات الغاضبة التي تفجرت في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديموقراطية” شرقي الفرات في ديرالزور، بشكل مفاجئ من دون تحقيق أي من مطالبها. تلك الاحتجاجات لم تكن الأولى من نوعها، إذ سبقتها مظاهرات مماثلة في العام 2018، ودارت جميع مطالبها حول وقف عمليات سرقة النفط وإطلاق سراح المعتقلين تعسفياً، ووقف عمليات التجنيد الإجباري لأبناء المنطقة.

غياب التنظيم السياسي

أسباب كثيرة تقف وراء فشل الحراك الشعبي المناهض لـ”قسد”، أولها غياب التنظيم السياسي وعدم قدرة العشائر التي قادت الحراك على إنتاج آلية لإدارة الحراك سياسياً وميدانياً. وكان العمل يشكو من قلة التنظيم وغياب التنسيق بين المناطق المشتعلة، وغياب المطلب الجمعي الواضح، ودخول مطالب مصلحية لعشائر أو مناطق معينة على الخط، ما ساهم في إضعاف الحراك.

مناطق المظاهرات تفتقر بالأصل للنخب السياسية القادرة على إدارة الحراك وتمثيله، والموجود منها إما يعمل مع “قسد” أو يتجنب العمل السياسي خوفاً من عمليات تصفية تطاله.

رئيس المجلس المدني في ديرالزور غسان اليوسف، قال لـ”المدن”، إن عدم وجود جهة سياسية تنظم العمل وتقود المفاوضات مع “قسد” كان له دور في فشل الحراك، إذ تمكنت “قسد” من تشتيت مطالب الشارع والتفاوض على أساس عشائري ومناطقي، ما “أفقد الحراك صفته الجمعية والمطلب الموحد”.

التنافس العشائري

تصدع الجبهة الداخلية للعشائر ساهم أيضاً في إضعاف الحراك، فالاحتحاجات التي اندلعت لأول مرة في ريف ديرالزور الغربي الذي تقطنه قبيلة البقارة، لم يحظَ بالمساندة من قبل الريف الشرقي الذي تقطنه قبيلة العقيدات، إلى أن ارتكبت “قسد”، و”التحالف  الدولي” خلفها، مجزرة آل المظهور في قرية ضّمان ومجزرة بلدة الشحيل.

كما ساهم التنافس، والرغبة المبنية على أساس قّبلي في قيادة الاحتجاجات بين البقارة والعقيدات، بزيادة الانقسام وبدء مرحلة التفاوض المنفرد ومحاولة الحصول على مكتسبات للقبيلة بعيداً عن الأهداف المعلنة للحراك.

ويضاف إلى ذلك، نجاح “قسد” في تحييد عشيرة الشعيطات عن المشاركة في الاحتجاجات الأخيرة، واسترضائها ببعض المكتسبات على صعيد الثروة النفطية والاهتمام في تحسين المستوى الخدمي في المناطق التي تقطنها، إضافة لعدم استجابة عشائر محافظتي الرقة والحسكة لنداءات العشائر الديرية للانخراط بالعمليات الاحتجاجية، ما ساهم في تطويق الحركة ضمن منطقة جغرافية ضيقة.

الناشط من عشيرة الشعيطات عبدالرحمن الخضر، قال لـ”المدن”، إن عزوف عشيرة الشعيطات عن المشاركة في عمليات الاحتجاج، سببه تخوّف العشيرة من الفوضى التي قد تسمح بعودة “داعش” إلى المنطقة، لا المكتسبات المادية والمعنوية التي قدمتها “قسد”.

وأضاف: “عمليات الاحتجاج فتحت المجال للنظام وحليفه الإيراني للعمل على تشكيل خلايا لهما شرقي الفرات، هدفها زعزعة الاستقرار والترويج لرواية أن النظام الجهة الوحيدة القادرة على ضبط الأمن، تمهيداً لدخوله إلى تلك المناطق وهذا ما ترفضه عشيرة الشعيطات”.

مساهمة “قسد” في وأد الحراك

لعبت “قسد” الدور الأكبر في وأد حركة الاحتجاجات الشعبية المناهضة لها، عبر خلق حالة من الخوف ضمن المجتمعات المحلية التي احتضنت الاحتجاجات. واعتمدت “قسد” على إطلاق النار على المتظاهرين ما تسبب بسقوط قتلى وجرحى، كما حدث في بلدة الشحيل، واعتقلت المئات من المحتجين الذين تعرض الكثيرون منهم لعمليات تعذيب.

“قسد” عملت أيضاً على ربط التحركات بأطراف خارجية معادية لها ولحليفها الأميركي، عبر ربط المحتجين بإيران والنظام السوري تارة وبتنظيم “الدولة” وتركيا تارة أخرى. وقالت “قسد” إن الهدف من الاحتجاجات هو نشر الفوضى، ما أربك الحركة الاحتجاجية. اللقاءات التفاوضية أظهرت أن الجانب الأميركي يعتمد أيضاً رواية “قسد”، وكانت ترجمتها في عمليات المداهمة المشتركة للطرفين التي قتل فيها مدنيون بحجة أنهم خلايا من “داعش”، كما حدث في مجزرة الشحيل.

“قسد” لعبت أيضاً على عاملي الاستقرار والأمن لمواجهة الاحتجاجات. إذ أدخلت المنطقة في حالة فلتان وموجة من عمليات التفجير والخطف والسطو المسلح، وتبيّن أنها تقف وراء عدد منها، وذلك بهدف تأليب شرائح اجتماعية صامتة ضد المحتجين.

كما اعتمدت “قسد” على أساليب المراوغة ومماطلة المحتجين وتنفيذ بعض المطالب الجزئية، ما كان له دور في تهدئة الشارع مثل تنفيذ إيقاف مؤقت لإمداد النظام بالنفط وعدم توجيه التهم للمدنيين بـ”الدعشنة” والعمالة لـ”درع الفرات”. لكن، سرعان ما عادت “قسد” إلى تلك الممارسات بعد توقف الاحتجاجات.

ضرب العشائر العربية ببعضها البعض أثناء فترة الاحتجاجات كان من ضمن السياسة التي عملت عليها “قسد”، خاصة بعد دعمها لعشيرة البكير في هجومها على عشيرة البوفريو، بعد اتهامها بقتل عنصرين من “قسد” ينحدران من عشيرة البكير.

كما لعبت “قسد” على وضع المكون العربي أمام خيارين؛ الأول القبول بوجودها كطرف مُسيطر بكل ما يحمله من سلبيات، والثاني ترك المنطقة لقمة سائقة للنظام السوري وحليفته إيران. ودفع ذلك العشائر للتهدئة، خاصة أنها ترى “قسد” طرفاً لا يقارن بالنظام على مستوى الانتهاكات، كما تعتبرها عاملاً غير مؤثر على المستوى الديني والعقائدي على عكس إيران ومشروعها المذهبي.

دور سعودي

لعبت السعودية دوراً مهماً في إيقاف الاحتجاجات المناهضة لـ”قسد”، عبر الضغط على العشائر العربية خلال زيارات متكررة لوفود سعودية، أهمها زيارة وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان، إلى ديرالزور في حزيران، والتي التقى خلالها بشيوخ العشائر وممثلي الفعاليات المدنية.

الضغوط السعودية جاءت مع وعود بالاستمرار في دعم جهود الاستقرار وإعادة الإعمار في مناطق شرق الفرات، إضافة الى وعود مؤجلة بتحسين دور المكون العربي ضمن “قسد”، وتسليمه حكم مناطق وجوده وإيجاد آلية لتقاسم الثروات مع الإدارة الذاتية.

المدن ٨ آب/ اغسطس ٢٠١٩

شارك