جسر: ترجمة:
أكدت صحيفة “سفوبودنايا بريسا” (الصحافة الحرة) الروسية أن هناك احتمال كبير ألا تنتهي المشاكل في سوريا أبداً، وهذا يعني أن روسيا ليس لديها آفاق كبيرة هناك، لافتة أن ما تشهده البلاد الآن يفضي إلى الحاجة إلى تغييرات كثيرة في هياكل السلطة في سوريا، داعية إلى تسليم السلطة لشخص آخر يقود البلاد بشكل مؤقت لينقذها من “الاحتجاجات التي لا تحتاجها روسيا على الإطلاق”.
وقالت الصحيفة في مقال نشرته، يوم الاثنين 7 حزيران الفائت، بعنوان “السوريون يثورون مرة أخرى: ليرحل الأسد وليخرج الروس” إنه “فضلاً عن الأمريكيين والأتراك والأكراد والإيرانيين والأسديين والإرهابيين والعديد من القوى الأخرى، يبدو أن أن روسيا تعاني من صداع آخر، نحن نتحدث عن المدنيين الذين عادوا إلى سيطرة السلطات الشرعية منذ عدة سنوات”. في إشارة إلى المظاهرات التي خرجت في محافظتي درعا والسويداء.
ووفقاً للصحيفة “في السابق، كان المدنيون يعيشون تحت سيطرة الإرهابيين والمعارضة المسلحة ولم يفكروا بطريقة ما في الاحتجاجات ـ ربما لم يُسمح لهم بذلك ـ ولكن مع قدوم الأسد ، ظهرت فرصة التمرد مرة أخرى”.
حراك درعا
ووصفت الصحيفة الأحداث التي مرت بها محافظة درعا، في الشهر الأخير، بـ “الخطيرة للغاية”، فقالت “في جنوب غرب سوريا، لمدة شهر تقريبًا ، لوحظت اضطرابات خطيرة للغاية. كل شيء يبدأ مرة أخرى من محافظة درعا، منها بدأت الثورة السورية، خيث خرج المتظاهرون الأوائل، ومنها نمت الحرب الأهلية، التي حولت سوريا مؤقتاً إلى ليبيا، ثم في وقت لاحق إلى نوع من العراق.. التاريخ يعيد نفسه”.
وتضيف “في “مهد الثورة” ، كما سماها معارضو بشار الأسد ، بدأت الهجمات على الجيش والمسؤولين، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام والمنشورات على الشبكات الاجتماعية ، يمكننا أن نستنتج أنه في كل يوم تقريباً، يتم قتل أشخاص من السلطة في المحافظة. هناك أيضاً نوع من الانتقام – رفاق من الماضي من المعارضة الذين انضموا إلى صفوف النظام يتعرضون للاضطهادـ هذا إرهاب بالكامل، أو محاولة أخرى لبدء “حرب تحرير”.
وأكدت الصحيفة أن الوضع صعب للغاية، لدرجة أن دمشق قررت في النصف الأول من شهر أيار / مايو البدء بعملية “مكافحة الإرهاب” في محافظة درعا، بإرسال مقاتلي جيش النظام، حيث وصلت الكثير من المعدات إلى المحافظة.
وقالت الصحيفة “الآن، تنتشر الحواجز في جميع أنحاء المحافظة، وتم فرض عدد من القيود. لكن هذا لا يمنع السوريين الساخطين من التظاهر ، فقبل أيام قليلة في مدينة طفس شرق محافظة درعا، تم تنظيم مسيرة احتجاجية، الناس غير راضون عن مستوى المعيشة المنخفض، وارتفاع الأسعار في المحلات التجارية، وهبوط خطير آخر في سعر صرف الليرة”، مضيفة “بالطبع ، يربط السكان بطريقة أو بأخرى جميع مشاكلهم بالسلطات – شعارات مناهضة للأسد تبرز في التجمعات، وتطالب بإزالة القيود الصارمة التي فرضها النظام السوري، فيما يتعلق بعملية مكافحة الإرهاب”.
حراك السويداء
ولفتت الصحيفة أيضاً إلى تطور وصفته بـ “الخطير”، في محافظة مجاورة وهي السويداء، حيث توجه المدنيون، إلى أحد المباني الحكومية، ولم يعبروا فقط عن استيائهم من الفقر وقلة المال، ولكنهم دعوا علناً إلى الإطاحة ببشار الأسد: “تعيش سوريا يسقط الأسد !!”.
ولم ينس المتظاهرون وفقاً للصحيفة الأجانب، إلا أنهم، لم يذكروا الجميع، فقط الإيرانيون والروس، “لم يطالب المحتجون بخروج الأمريكين أو الأتراك، ولكن فقط حلفاء الأسد، أمر غريب أليس كذلك؟”.
وقالت الصحيفة “المشكلة الرئيسية في هذه المظاهرات هي أن جغرافيتها آخذة في التوسع. هذا هو المكان الذي بدأ فيه كل شيء في عام 2011، من التجمعات في درعا التي نمت فيها الأحداث إلى اشتباكات، ثم أصاب مدن وقرى أخرى برغبة مماثلة في معارضة السلطات، نتذكر جميعا ما أسفر عنه ذلك، بدأت حرب شاملة ، أودت بحياة عدد كبير من الناس وهجرت ملايين المدنيين، الحرب التي خسرت خلالها سوريا بالفعل دولتها”.
روسيا يجب أن تتصرف بحكمة
ودعت الصحيفة روسيا إلى التعامل بحكمة مع الأوضاع الناتجة عن استياء الشعب الشديد من الأسد.
وتضيف “من الناحية المثالية، بالطبع، ما على النظام سوى استعادة الاقتصاد واستقرار الليرة السورية وإعطاء الوظائف وما إلى ذلك ، ولكن من غير المحتمل أن يتم ذلك في العشر سنوات القادمة، ربما سيكون من الأفضل لروسيا أن يظهر شخص آخر في منصب رئيس سوريا، فالمشكلة مع الأسد أن صورته بالنسبة للعديد من السوريين ، مرتبطة بالدمار والمصائب والفقر”.
وتتابع “إذا كنا نتحدث عن أشخاص يبلغون من العمر 18 عاماً أو أكبر بقليل، فقد أمضوا الجزء الأكبر من حياتهم في ظروف الحرب، وفي الوقت نفسه ، كان بشار الأسد هو الرئيس طوال الوقت. من غير المحتمل أن تحب الرئيس، حتى لو كان أفضل ألف مرة، إذ أن أصوات الانفجارات كانت تروعه بدلاً من أن يمضي حياته في اللعب، من الصعب أن تحبه بعد أن عشت حياة كهذه ومات والديك في فقر وذل”.
وختمت الصحيفة بالقول “سيكون من الحكمة تجديد السلطة، ووضع شخص آخر لا يرتبط بالمشاكل بين السكان، حتى لو كان هناك نظير سوري مثل ميدفيديف (الذي تناوب مع بوتين على تولي السلطة) سيكون قادراُ على الأقل على إنقاذ سوريا مؤقتاُ من الاحتجاجات ، التي لا تحتاجها موسكو على الإطلاق”.
للاطلاع على المقال اضغط هنا