عرض متواصل٭

عرض متواصل٭

عرض متواصل٭

عرض متواصل٭

عرض متواصل٭

عرض متواصل٭

عرض متواصل٭

شارك

عرض متواصل٭

عرض متواصل٭

جسر: رأيكم:

“ألم إسبانيا” للكوبي “يفريدو لام”/أنترنت

اليوم شدّني الحنين إلى أيام الدراسة في حلب، كم تمنيت اليوم أن أصادف صديقي القديم “الحاج” محمد وأنا ذاهب إلى امتحان المستوى الثالث في اللغة الألمانية B1، تذكرت اليوم كم صادفته أيام المذاكرات في المدرسة الثانوية، كان يدعوني إلى تغيير طريقي إلى مطعم “بربور” بدلاً من طريق المدرسة فأوافقه بسهولة وبلا تردد، نذهب معاً إلى المطعم القريب من “ثانوية الشهداء” في أول حي “المغاير” ونغير على صحن الفول بدل السين والجيم في المذاكرة، ونستمتع بالهروب من الدرس. بعد الدراسة الثانوية صادفته عدة مرات وأنا ذاهب إلى امتحان إحدى المواد المقررة في كلية الحقوق بجامعة حلب، يلقاني في الباص فيعزمني لمشاهدة فيلم سينمائي جيد، أو لحضور “عرض متواصل” إذا لم يتوفر الفيلم الجيد، أوافق على الفور وأقرر إلغاء الامتحان، ونكمل طريقنا إلى آخر خط باص الجامعة، وننزل في ساحة “سعد الله الجابري” لأجبر في خاطره..

لم أصادف اليوم أحداً في الباص أو قطار الأنفاق يعرض علي الذهاب لحضور فيلم أو تناول وجبة حمّص أو فول، أكملت طريقي إلى مركز الامتحان وجلست في مقهى يطل على مدخل بناء المركز، لعل أحد أصدقائي “محمد” أو “أحمد” أو “عاطف” أو “عبد المجيد” يراني خلف زجاج المقهى، فيدعوني للذهاب إلى السينما قبل أن يحين موعد الامتحان، وأدخل المركز خائباً كأي تلميذ نموذجي، لكن أمنياتي بقيت مجرد ذكريات وحنين ثقيل، وأُجبرتُ على أداء الامتحان بدون امتنان.

عدت إلى البيت بعد العصر، وبعد أن عصرت خلاصة ما تعلمته في “الكورس” على ورقة الإجابة في الفحص، تناولت الغداء مع زوجتي بهدوء ورواق، ولبّيتُ نداء استراحة القيلولة بعد الغداء بقليل، وسرعان ما انخرطت في النوم من شدة العياء، لا أعرف ولا أتذكر كيف زارني صديقي محمد في المنام، لكنني أتذكر ذلك اليوم الذي دعاني فيه لحضور فيلم شائق منذ أكثر من ربع قرن، بحثنا في كل دور السينما في مركز مدينة حلب عن فيلم جدير بالمشاهدة، فلم يستهونا سوى فيلم “سندريلا” الأجنبي في سينما “الكندي” جانب بناية “العدّاس” بشارع “القوتلي” الشهير، كان الفيلم مملاً جداً لدرجة أننا نمنا خلال عرضه، وندمنا لأننا لم نحضر أحد العروض المتواصلة في سينما “ليلى” أو “العباسية” أو “الريو” أو “القاهرة” أو غيرها من الصالات الرخيصة المنتشرة بكثرة في ذاك الزمان.

نمت كثيراً واستيقظت على صوت قدوم زوجتي من نشاط لها في أمسية تخص اللاجئين، دردشنا قليلاً ثم سرعان ما غطّت هي في النوم، وسرعان ما هرب مني وتركني صريع القلق ونديم السهر والأرق، تصفحت مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الأخبار لعلني أفرح بخبر سار، كل الأخبار كانت مثل “عرض متواصل” ممل يتكرر كل يوم :

– الجيش العربي السوري يقصف أوكار الإرهاب في محافظة “إدلب” ويتقدم نحو الشمال.

– الجيش الحر بدعم الجيش المحمدي يرفع علم الثورة في مدينة “تل أبيض” ويتقدم نحو “رأس العين” يا عين يا ليل.

– قوات سوريا الديمقراطية “قسد” تنسحب من الشريط الحدودي مع تركيا وتسلمه للجيش العربي السوري للدفاع عن الأرض السورية بالاتفاق مع روسيا وأمريكا.

– جيش الإسلام وجيش الفتح يدمر عدة آليات ومدرعات للنظام في جبهات الشمال يا سلام.

– الجيش الروسي يرصد عدة انتهاكات لاتفاق مناطق التهدئة، وهدوء نسبي على جبهة الساحل، ولا خجل على جبهة “أبو علي بوتين ” اللعين.

-الجيش الاسرائيلي يقصف مواقع عسكرية لإيران في الأراضي السورية قرب الجولان المحتل، وفي العمق قرب “بحيرة العمق” أقصى الشمال الغربي.

– الجيش الأمريكي وقوات التحالف الدولي ينسحب من منطقة الغزو التركي في الشمال الشرقي السوري الحزين.

– الجيش التركي يواصل عملية “نبع السلام” شرقي “الفرات” رغم الانتقادات، ويحيّد المزيد من عناصر إرهاب الأحزاب بمساعدة الجيش الوطني وفصائل الجيش الحر. ( وطني وحرّ؟ )

– فرار عدة عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” بعد القصف التركي على سجن لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” في الشمال، والخشية من عودة تنظيم داعش تقلق العالم المتحضر في الشمال والغرب، وتزيدنا تخلف وذل.

– فشل مجلس الأمن الدولي في اتخاذ قرار بشأن سوريا بسبب “الفيتو” الروسي الأمريكي الصيني، واعتراض العرب الضمني أو العلني لا بأس.

– إجماع كل الدول الأجنبية والعربية والعبرية على نفي الحل العسكري في سوريا، والتأكيد على ضرورة الحل السلمي فحسب.

– العودة الطوعية للاجئين السوريين مستمرة بحمد الله وبفضل الضغط الروسي – السوري وقهر دول الجوار والحبل على الجرار.

… أي عرض متواصل رخيص هذا وأي عهر دولي وصمت؟!

أرجو أن أغفو بلا كوابيس، وأصحو على غير هذا العرض الدنيئ المذل، وأرى سوريا واحدة موحدة تحفظ كرامة السوريين وترعى حريتهم وتملك قرارها بلا شك.

٭العرض المتواصل يكون بعرض ثلاثة أفلام (مثيرة أو أكشن غالباً) بآن واحد في دار السينما الشعبية، بلا وقت محدد للدخول والخروج للجمهور، وبتذكرة واحدة فقط.

شارك