عودة غربية للملف السوري

عودة غربية للملف السوري

عودة غربية للملف السوري

عودة غربية للملف السوري

عودة غربية للملف السوري

عودة غربية للملف السوري

عودة غربية للملف السوري

شارك

عودة غربية للملف السوري

عودة غربية للملف السوري

عبد الناصر العايد

تتواصل الجهود الروسية والإيرانية لعزل المسألة السورية عن سياقها الدولي، وحصرها في المجالين الإقليمي والعربي، تمهيداً للمرحلة الثالثة وهي إعادتها إلى الحدود السورية ودفع العالم للتعاطي معها كأزمة داخلية لواحد من بلدان كثيرة تعاني معضلات في الحكم لكن أمر معالجته متروك للسلطة القائمة لتتصرف فيها. لكن العالم الغربي بمجمله ما زال يمانع ذلك ويميز ما حدث في سوريا بأنه جريمة ضد الإنسانية ولا يجوز أن تنتهي بهذه الطريقة، كما لا يجوز خفض مستوى العمل عليه لينحصر في الأطراف الإقليمية والعربية ووفق ما تقتضي مصالحها، ويتبنى الغرب مواقف جذرية سياسياً وقيمياً وعسكرياً، وبمناسبة موجة التطبيع العربي أكد الغرب مواقفه تلك في مناسبات ثلاث، قابلة للتطوير والتصاعد.

سياسياً، أبلغت الدول الغربية الأطراف العربية برفض عمليات التطبيع الجارية، بلغة تحذيرية واضحة، خصوصاً من طرف واشنطن. ولا يعني تجاهل بعض الدول لتلك التحذيرات أنها لا تنطوي على الجدية الكافية، بل يأتي ذلك من كون ما جرى حتى الآن بسيطاً وسطحياً ولا يتعدى مدّ السجادة الحمراء وإرسال الصدقات والمعونات، وعندما ستحلّ لحظة الحقيقة، أي عند التفكير في تحريك الأموال التي هي الاحتياج الرئيس للنظام، سيكون هناك موقف أميركي حازم وسيكون قانون قيصر هو الحكَم لحظتها، وعندها سنشهد تراجعات عن مواقف وانقساماً في مواقف أخرى، لتذهب جهود التطبيع سدى.

قيمياً وأخلاقياً، يسود بقوة مضاعفة اليوم الموقف الصلب بين النخب الثقافية والسياسية الغربية بتجريم نظام الأسد بشكل كامل لا عودة فيه، وترتفع الأصوات مجدداً بضرورة محاسبته بوصفه عصابة تحترف الجريمة المنظمة على المستوى المحلي من خلال قتل السوريين، وعلى المسرح الدولي من خلال تحوله إلى أكبر عصابة مخدرات عابرة للحدود. ولعل رسالة القادة الأميركيين السابقين الموجهة إلى الرئيس بايدن ووزير خارجيته، دليل واضح في الضفة الغربية من الأطلسي، تضاف إليها مواقف لا تقل أهمية في الضفة الأوروبية، منها حكم قضائي يجرّم أركاناً رئيسية لنظام الأسد سيصدر مطلع الأسبوع المقبل في العاصمة الفرنسية باريس.

أما على الصعيد العسكري، فمن الواضح أن الولايات المتحدة بدأت بربط الشرق الأوسط من جديد باستراتيجية الأمن القومي، وذلك بعد اقتحام هذه المنطقة من قبل الدبلوماسية الصينية والمصالحة بين السعودية وإيران، التي تعني قبل أي شيء آخر استقرار النفوذ الإيراني في سوريا حيث تتموضع قوات أميركية وتتعرض لتحرش مستمر من مليشيات الحرس الثوري هناك. وعلى هذه الخلفية، اتُّخذ قرار سريع بتمديد مهمة حاملة الطائرات “جورج إتش دبليو بوش”، ومجموعة السفن المرافقة لها، لتوفير خيارات لصانعي القرار في منطقة الشرق الأوسط. والأهم هو نشر سريع لسرب من طائرات “إيه-10” الهجومية، التي استُخدمت في إبادة القوات العراقية في الكويت، وفي سحق تشكيلات تنظيم داعش في سوريا والعراق، وبوضوح أشد هذا أنسب سلاح أميركي للتعامل مع المليشيات الإيرانية في سوريا وإزالتها تماماً.

إذن، فإن خطة “حلحلة” القضية السورية في كواليس أجهزة المخابرات الإقليمية وروسيا، تواجه مقاومة غربية فاعلة، كما تعترضها خلافات وصدوع بين الأطراف الإقليمية ذاتها بسبب تباين وجهات نظرها وعدم تضمين مصالح كافة الأطراف بالشكل الكافي. لكن بقاء المسألة السورية في أجندة العمل الدولي، وضمان عدم ابتلاعها في كواليس أجهزة المخابرات الإقليمية، يقتضي أيضاً تحرك المعارضة في هذا المنحى، وملاقاة الاستعداد الغربي بالجهد والعون المحلي الذي لا يُستغنى عنه.

المصدر: المدن

شارك