فنون الذاكرة: الموليّا بين الانتقال وخطر الاندثار

فنون الذاكرة: الموليّا بين الانتقال وخطر الاندثار

فنون الذاكرة: الموليّا بين الانتقال وخطر الاندثار

فنون الذاكرة: الموليّا بين الانتقال وخطر الاندثار

فنون الذاكرة: الموليّا بين الانتقال وخطر الاندثار

فنون الذاكرة: الموليّا بين الانتقال وخطر الاندثار

فنون الذاكرة: الموليّا بين الانتقال وخطر الاندثار

شارك

فنون الذاكرة: الموليّا بين الانتقال وخطر الاندثار

فنون الذاكرة: الموليّا بين الانتقال وخطر الاندثار

جسر: ثقافة:

الموليّا لون من الألوان الغنائية الفراتية، وتعتمد على الشعر الشعبي الغنائي التقليدي الذي اشتهرت به منطقة وادي الفرات، وتذكر بعض المصادر أن الموليّا ذُكرت وتغنوا بها الناس في بغداد منذ القرن الرابع الهجري، إلا أنه لا يوجد ما يُثبت ذلك، وهي مجهولة المؤلف، أو زِيدَ على القديم منها من وزنها وقافيتها مع المحافظة على ألحانها.

عبدالله حسين الحسن وزيد محمد الحسن، من الشباب القلائل المستمرين في أداء اﻷلوان الغنائية لوادي الفرات/انترنت

تستوعب الموليّا الكثير من مجالات التعبير، ورددها سكان وادي الفرات نساء ورجالا برفقة الدف والربابا أو بدونهما في كافة المناسبات الاجتماعية، وتناقلوها عن طريق الرواية الشفوية.

يذكر الباحث عبد القادر عياش أن الموليّا “شعر الزجل عند السكان رجالا ونساء ويسهل عليهم نظمه لكثرة معاناتهم، ولاستعدادهم الفطري لنظم الشعر”.

تتميز الموليّا بالصدق والبساطة وسهولة الكلمات والإيجاز في التعبير، بالإضافة إلى التنويع والعفوية ووحدة الموضوع، وأغلب مواضيعها الغزل المعبّر عن الحب الإنساني، وتعتمد أحياناً على القدرة على الارتجال والابتكار.

كما يُعتبر مجتمع منطقة وادي الفرات مجتمعا ريفيا، يتميز بقدرته على الحفاظ على تراثه القديم شأنه في ذلك شأن جميع المجتمعات الريفية، والمقصود بهذا المجتمع هو منطقة وادي الفرات الأوسط، أي أنها المنطقة المحصورة فيما بين جرابلس (كركميش) في الشمال السوري وحتى عانة في العراق أو مدينة هيت. وقد تُغنى الموليّا في المنطقة الوسطى من سورية كحمص وحماة وإنما تقليدا حديثا للون الغنائي الفراتي وليس لونا أصيلا لديهم.

ينتقل التراث في منطقة وادي الفرات بشكل شفاهي، على الرغم من وجود بعض الفرق الغنائية التي تهتم بالغناء وتوثيق الأغاني القديمة، ورغم ظهور بعض المؤلفات التي تتحدث عن التراث الشعبي، إلا أنها لم ترقى إلى تدوين الموليّا، أو لم تهتم بها، واعتمد تدوين الموليّا بشكل شخصي على بعض المهتمين، أو بعض الذين أجادوا وزادوا عليها كتابة وتأليفا. ويعتبر السماع المباشر هو الطريقة الأولى والمفضلة للناقلين أو (المهتمين)، ونعتمد في بعض الأحيان على تسجيلات قديمة لبعض الحفلات الخاصة أو الأعراس والتي وصلت إلينا بشكل متقطع، وبدون نية في حفظها كتراث؛ وإنما في حفظ حالة الحفلة بشكل عام.

وقد يبدأ المؤدي مشواره في الموليّا مرددا في فرقة ما؛ لا تنحصر أغانيها على الموليّا فقط، إلى أن يتعرف على فنون الألوان الغنائية، فيشق طريقه كمؤد لها أو غيرها من الألوان الفراتية.

ويذكر الباحث المرحوم عبد القادر عيّاش أن السكان من أبناء ديرالزور كانوا يغنون أكثر من مائة نوع من الأغاني الشعبية في أفراحهم أثناء الدبكة، ولم يبق منها حتى الآن إلا: العايل، النايل، الأبورداني، إلا أن أهم ما تبقى منها، الموليّا.

إن الخطر الذي يهدد الموليّا يتعدى عدم التوثيق، الضروري لحفظها من الضياع، وبالإضافة إليه يأتي احتكار بعض الموثقين لما يحفظونه، إلى جانب عدم اهتمام الحافظين بالنشر، وبالتالي فإن ضياع هذا العنصر التراثي قد يعود إلى عدم اهتمام الناس بنشره إضافة إلى عدم التوثيق، وإلى ظهور بعض الألحان الجديدة الطاغية على اللحن الأصيل.

أيضا، فإن عدم معرفة الناقل لبعض معاني النص الشعري، أو عدم التزامه بأمانة النقل، نتيجة لضعف إلمامه، مخاطر قد تؤدي إلى تغيير النص الأصلي أو تحويره، وبالتالي ضياعه وفقدانه، وظهور أبيات شعرية جديدة مشوهة عنه قد تبعده عن روحه اﻷصيلة. أما اللحن فلا خطر عليه من حيث الحفظ؛ لأنه ذو إيقاع واحد ونمط موحد لا يخرج عنه المؤدون.

شارك