جسر: ثقافة:
عُرفت بـ”نجمة داود” والبعض يُطلق عليها خاتم سليمان، أو “ماجن ديفيد” بالعبرية؛ مجّن داود، درع داود بالعربية، إذ تُعتبر من أهم الرموز اليهودية إلى جانب الشمعدان، فيما يعدها البعض الآخر رمزا “صهيونيا”.
وفي الحقيقة يُعتبر هذا الشكل نمطا زخرفيا هندسيا، ولا يختص باليهود، حيث عُثر على هذا الشكل في الحضارة الصينية والمصرية ومعظم الحضارات القديمة، إلا أن اليهود اتخذوها رمزا في معظم فنونهم لا سيما الدينية منها، حيث عُثر على هذا الشكل الهندسي على ختم عبراني يعود للقرن السابع قبل الميلاد، وعلى معبد يهودي يعود للقرن الثالث قبل الميلاد في منطقة الجليل، ومواقع كثيرة أخرى.
وعلى الرغم من ظهور هذا النمط الزخرفي على المباني اليهودية إلا أنه لم يكن له غاية دينية أو دلالة رمزية ذات هدف معين، وإنما مجرد شكل هندسي. فيما يقول بعض “الإسرائيليين” أنها ترمز للحرف “د” في اليونانية القديمة في إشارة إلى الحرف الأول من اسم “داود”. وقد يكون انتشار هذا الرمز بعد أن اتخذته بعض الجماعات الدينية اليهودية شعارا لها في منتصف القرن السابع عشر الميلادي، ثم أصبحت رمزا لهم وعُرفت بـ”نجمة داود” لا سيما بعد أن اعتمدتها عائلة روتشيلد شعارا لقصورها في مطلع القرن التاسع عشر، وفي عام 1879 اقترح تيودور هرتزل أن يكون هذا الرمز شعارا للحركة الصهيونية. وعلى الرغم من ذلك فإن عالم الآثار التلمودية أساف أفرام يشير إلى أن هذا الشكل الهندسي استُخدم أيضاً في فنون الريازة (العمارة) الإسلامية، حيث تظهر في العديد من المساجد، وهي رمز فني ساحق في القدم، كما زيّنت هذه النجمة العملات الإسلامية عبر القرون.
وبالعودة للجذور التاريخية لهذا الشكل الزخرفي، نجد أنه مُستخدم بشكل كبير في أعمال العرافة والتنجيم، أما في مصر القديمة فكانت رمزا لـ”أرض الأرواح”، حسب رأي د. بلبل عبد الكريم، كما أنها إشارة للإله حوروس. وتؤكد الدراسات الأثرية أن هذا الرمز عُثر عليه في مقبرة بمدينة أون عاصمة مصر في فترة ما قبل الأسرات في منطقة عين شمس والمطرية، حيث كان منقوشا على خاتم يعود للملك ثيش. كما استُخدمت هذه النجمة أيضا كشعار تزييني عند الكلدانيين (القرن السادس قبل الميلاد) في جنوب بابل.
أما في الهندوسية فكانت رمزا مختلفا يُشير إلى التضاد كالليل والنهار، والذكر والأنثى، والماء والنار، وغير ذلك،ضمن ما يعرف في الهندوسية برموز “ماندالا” المعبرة عن الكون. وكذلك أيضاً في الديانة الزرادشتية كرمز هام من الرموز الفلكية.
وفي الديانة المسيحية، فقد استُخدم هذا الشكل من قبل طائفة المورمون المسيحية في كنائسهم، ويعود ذلك إلى أن هذه الطائفة تعتبر نفسها امتدادا لأسباط بني إسرائيل الاثني عشر.
وقد ظهرت النجمة السداسية أيضا في عام 1250 للميلاد وبلون أزرق على علم يعود لإمارة إسلامية تدعى “إمارة قرمان” التي نشأت في جنوبي غربي الأناضول، واستمرت حتى عام 1487 للميلاد، وكان حكّامها من أصول أرمنية، كما ظهرت أيضا على الرايات العثمانية؛ راية خير الدين بارباروسا في منتصف القرن السادس عشر، واستخدمها أيضا السلاطين العثمانيين القدامى كرمز يضعونه على ملابسهم بشكل تزييني.
وأيا يكن فإن النجمة السداسية حسب علم الرمز تُشير إلى الذكر والأنثى، حيث يشير المثلث المعدول للذكر والمثلث المقلوب للأنثى، ومما لا بد ذكره أن هذه الرموز سواءً أكانت نجمة أم هلالا أم صليبا أو غير ذلك، فما هي إلا أشكال هندسية في الأصل تسافر بين الأديان والتواريخ، وظهرت جميع هذه الأشكال وغيرها بشكل كبير على اللقى الأثرية والمباني المعمارية العائدة لفترات تاريخية مختلفة وحضارات في شتى بقاع اﻷرض.