جسر: متابعات
حين دخلت القوات العراقية منذ ثلاثة أعوام، على خط مواجهة تنظيم داعش، واستعادت المدن التي احتلها داعش، قد مع التنظيم عشرات الآلاف من رجال تلك المناطق.
وتُتهم فصائل مسلحة موالية لإيران، باختطاف الرجال والشبان النازحين لدوافع طائفية، وأخرى من أجل استغلالهم سياسياً، ويؤكد سياسيون ومراقبون من المدن المحررة، أن المختطفين تم إيداعهم في بلدة “جرف الصخر” التابعة لمحافظة بابل، وتغييبهم في سجونٍ سرية.
ولعل قصة قرية “ألبوعكاش” أو الأزركية بالصقلاوية في محافظة الأنبار، هي الأكثر غرابة في العراق، حيث اختطف كل رجالها من قبل مجموعات مسلحة كانت ترافق القوات الأمنية خلال عملية إخلاء الأهالي قُبيل الهجوم على “داعش”، عام 2016، واختفى قرابة ألف رجل، وما بقيّ فيها سوى النساء والأطفال.
الرواية على لسان شاهد
يقول أبو أحمد المحمدي، وهو من سكان قرية “البوفياض” المجاورة لقرية “البوعكاش”، إنه «أثناء تقدم القوات الأمنية من الفلوجة باتجاه الصقلاوية لتحريرها من سيطرة “داعش”، وحاولنا الخروج من القرية عبر النهر للوصول لمكان آمن خوفاً على حياة عوائلنا لكن شدة المعارك والقصف أجبرتنا على العودة».
وأوضح خلال حديثه لـ”الحل العراق” أنه «في اليوم التالي، وصلت القطعات الأمنية على مقربة من القرية وأشتدت المعارك فخرجنا باتجاه النهر، واستطعنا عبوره عبر الزوارق ووصلنا إلى الفلوجة».
وبيَّن أنه «في الأثناء تقدمت القوات الأمنية وبينها فصيل مسلح وبعد سيطرتهم على قرية “البوعكاش”، قاموا بعزل النساء عن الرجال واقتيادهم إلى سوق القرية، فيما نقلوا النساء إلى المخيمات».
وأضاف أن «في ذلك اليوم، قُتل حوالي 17 عشر مواطناً فيما لا يزال مصير الآخرين مجهولاً، رغم مرور أكثر من 3 سنوات على الحادثة».
وأشار إلى أن «الأهالي تواصلوا مع مختلف الجهات الأمنية وبعضهم اضطر إلى دفع أموال لشخصيات مرتبطة بالحشد الشعبي، من أجل معرفة مصير المختطفين ولكن دون جدوى».
قرية بلا رجال
من جهته، يؤكد رئيس حزب “التصحيح” كامل الدليمي أنه كان قد زارَ قرية “البوعكاش” الواقعة في ناحية الصقلاوية بمحافظة الأنبار، ووجد جميع سكانها من النساء، بسبب اعتقال الرجال إبان عملية تحرير القرية من سيطرة تنظيم “داعش”.
الدليمي قال لـ”الحل العراق” إنه «أثناء عمليات تحرير ناحية الصقلاوية من سيطرة تنظيم “داعش” قامت قوة أمنية بعزل الرجال عن النساء في هذه القرية، وكان عدد الرجال آنذاك حوالي 690 رجلاً تم اقتيادهم لجهة مجهولة».
لافتاً إلى أن «هناك امرأة في القرية لا تعرف مصير زوجها و7 من أولادها، وأسر أخرى وضعها صعب جداً وانقطعت مصادر رزقهم، وهم يريدون معرفة مصير أبنائهم، إن كانوا أحياءً أو تمت تصفيتهم فليسلموا لهم الجثث كي يتم دفنها بإكرام».
وأضاف أنه «الحكومة العراقية شكّلت لجنة للنظر بملف المغيبيين ونحن ما نزال ننتظر الحلول داخلياً، ولكن في حال استعصى الحال فسنلجأ لتدويل القضية، إذا لمسنا تسويفاً ومماطلةً في هذه القضية من قبل الحكومة».
مساعٍ لتدويل الملف
رئيس تجمع القوى الرافضة للتوسع الايراني، عبد الرزاق الشمري، أكد أن أبناء قرية “البوعكاش” تم اختطافهم من قبل قوة في الحشد الشعبي وتحديداً “كتائب حزب الله” أثناء عمليات التحرير.
الشمري بيَّن لـ”الحل العراق” أنه «حسب المعلومات المتوفرة لديه، فإن المختطفين من أبناء الصقلاوية تم نقل بعضهم إلى منطقة المزرعة في الفلوجة، والبعض الآخر تم نقله إلى بلدة جرف الصخر».
«الحكومة العراقية شكلت لجنة تحقيقية، وشخصت الجهة التي قامت باختطاف رجال المكون السني المختطفين، لكن حتى اللحظة لم تقم بالتحرك لمعرفة مصيرهم، لذلك فقد قمنا بالتحرك نحو المجتمع الدولي للكشف عن مصير الآلاف الذين غُيبوا منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا».
ظروف إنسانية صعبة
الناشط المدني من الأنبار ،عبد الرحمن العيساوي قال إن «عوائل المغيبين في قرية “البوعكاش” ويعيشون ظروفاً إنسانية صعبة جداً».
العيساوي أكد لـ”الحل العراق” أن «أغلب منازل المختطفين تمَّ تدميرها خلال الحرب الأخيرة على “داعش” ولم تقم الحكومة العراقية بتعويضهم حتى اللحظة».
لافتاً إلى أن «سكان هذه القرية يعتمدون على الزراعة في معيشتهم، وبسبب عدم وجود الرجال فقد تركوا هذه المهنة، والأهالي من باقي القرى يقدمون لهم المساعدات الإنسانية لكنها لا تتناسب مع الدمار الكبير الذي تعرضت له القرية على يد “داعش” من جهة، والمليشيات التي قامت بحرق المنازل أثناء عمليات التحرير، من جهة أخرى».
المصدر: موقع الحل العراق