جسر: رأيكم:
يحزنني القول بأن في كل بيت سوري وبدون استثناء حكاية أليمة ،أبطالها شباب خطفها الموت بعمر الورود أو أطفالٌ يتامى أصبحوا رجالاً في عمر الندى . عشر سنوات حربٍ عشناها ولكل واحد منا أُمنية ولكن القدر لم يشأ أن نحيا مع أُمنياتنا حتى وصل بنا الهلاك إلى نهاياتٍ لا متوقعة ومازال الحبل يشدنا إلى المجهول حتى يكفي بنا القول “تعددت الأسباب والموت واحد ” تماماً نواسي أنفسنا ” كل الطرق تؤدي إلى روما” .وهذا يدل على اليأس من الإصلاح وانعدام الامان وغياب العدالة، وسبات الحماية وانعدام النتائج في نفس الوقت.
وفي هدوء نسبي وبعيد عن الحرب الطاحنة في سوريتي الثكلى (عامة) وفي عفرين الجريحة (خاصة) تحدث الكثير من الجرائم – ان صحّ التعبير –
الغامضة الأسباب والدوافع من قبل جميع الفئات الساكنة في عفرين الجريحة. ولم يعلم السكان حتى اللحظة الأسباب الخفية اللا واضحة لهذه الأفعال . والأرجح هو غياب الثقة والمصداقية في التعامل مع سكان المنطقة الاصليين (الأكراد) . وهذا لا يعني أبداً أنهم لم يجدوا تفسيراً لهذه الظواهر المدهشة، بل لا يستطيع أحد أن ينطق بكلمة واحدة أو ناشطاً حقوقياً يحرك قلمه فتكسر الأيادي البيضاء قبل الاعلان. فيكون شعار ” البقاء للأقوى” هو العنوان المتصدر بالخط العريض على جدران المنازل .
أما حكايتنا الآن… حكاية مثل باقي الحكايات التي يبقى الشر منتصراً حتى يأتي سوبر مان لينقذ المدينة من الشر. في ليلة العشرين من شهر آب الماضي كان ذاك النبيل (مختار ناحية راجو خليل بكر الملقب أبو ابراهيم ) جالساً على الكرسي في شرفة منزله المستعار من أحد أصدقائه في ناحية راجو -بعد هدم منزله ذو الطابقين-التابعة لمنطقة عفرين التي هي تحت سيطرة حزب المعارضة السورية. وفي تمام الساعة التاسعة مساءً، طُرق الباب، فرّحب النبيل بالضيوف الكرام الذين جاؤوا إليه ليأخذوه دون أي سابق انذار أو ورقة إثبات أو ..
بضحكتهم اللا صادقة يقولون: أنت معزوم على فنجان قهوه على حساب الشرطة العسكرية في راجو وأكيد مارح تطول عنا، يعني شغلة بسيطة ورح ترجع ع بيتك.
قسماً برب العزة ما دار في مخيلتي في هذه اللحظة كأني أتحدث عن المدينة الفاضلة التي طالما حلمنا بالعيش فيها.
على كل حال لا نسعى كثيراً وراء أحلامنا في حين أن حقوقنا أصبحت أحلاماً.
حكايتنا لم تنتهي بعد وفنجان القهوة انتهى مفعوله، ومازالت الزوجة تنتظر رجوع زوجها، والأطفال لا ينامون حتى يقولوا لأبيهم: تصبح على خير يا بابا !
وتتكرر مأساة تلك الليلة كل ليلة والجميع ينتظرون رجوع النبيل إلى بيته حتى اللحظة.
انتهت الحكاية، لكن لم تنته بعد المأساة، ولم يرجع الأب إلى بيته.، ولم تحل المشكلة بعد. وكل يوم في عفرين حزن ومأساة للمدنيين، لا أمان ولا أمل ولا غدٌ قريب. وهذه إحدى علامات أزمة عدم الثقة التي يعيشها المجتمع المدني الكردي في عفرين. كما أن محاسبة الأكراد المدنيين من قبل السلطات العسكرية في عفرين بدافع تاريخهم السابق، ليس من الإنسانية، لأنهم دائماً مأمورون من قبل السلطات العسكرية في المنطقة، بغض النظر عن الزمان و نوع السلطة الحاكمة.
من يتحمل المسؤولية؟
أين القانون الذي يحمي الجميع؟
لماذا كل هذه السرية في تحقيق العدالة؟
لماذا نخاف من العيش بكرامتنا؟
هل بتنا في زمان الحق أصبح باطل والباطل أصبح حق؟
أقول هل الحق مرٌ وعلقمٌ لهذه الدرجة؟
نطالب بفتح الملفات والتحقيقات علناً، فالواثق من نفسه لا يعيبه ولا يخيفه شيء. والمتهم بريء حتى تثبت إدانته. ومن حق المتهم أن يدافع عن نفسه وأن يبدي رأيه ويبرر أفعاله. وليس من العدل سكوت السياسيين عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الأكراد، كما نطالبهم بالتعاون من أجل تحقيق العدالة. كما أنه لا يجوز فعلياً الاعتقال في ظل غياب الأسباب الحقيقية والموجبة، ويمكن للموقوف أو المتهم أن يحرر تحت المراقبة، وليس زجّه في زنزانة، دون توجيه سؤال له على الأقل.
نناشد قاضي الشرطة العسكرية في عفرين القاضي صلاح السليمان، بأن يفصح عن خلفيات الاعتقالات بشكل عام، وخلفية اعتقال مختار ناحية راجو، خليل بكر الملقب بـ ( أبو إبراهيم) بشكل خاص ، حيث أنه من حقه أن يكلف محامياً بالنيابة عنه في أسوأ الحالات. رغم أنه حتى الآن لم يتم إدانته بشكل مباشر. كما أن للعائلة شكوك بإقحام المختار في قضايا هو بعيد عنها، نظراً لتعدد الخلفيات والثقافات لسكان عفرين.
على السلطة المعنية إجراء التحقيقات حسب الأصول القانونية، وليس لدينا تاريخ أسود حتى نعيش في ظل الخوف .
نموت أو نحيا بكرامتنا. قلبي على عفرين و حزني على أهل عفرين بدون تصنيف.