كأن أوكرانيا تحيي بصيص أمل سوري

كأن أوكرانيا تحيي بصيص أمل سوري

كأن أوكرانيا تحيي بصيص أمل سوري

كأن أوكرانيا تحيي بصيص أمل سوري

كأن أوكرانيا تحيي بصيص أمل سوري

كأن أوكرانيا تحيي بصيص أمل سوري

كأن أوكرانيا تحيي بصيص أمل سوري

شارك

كأن أوكرانيا تحيي بصيص أمل سوري

كأن أوكرانيا تحيي بصيص أمل سوري

جسر – صحافة

أوحى البيان الذي أصدرته الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، قبل يومين، في ذكرى الثورة السورية ومن أجلها، أن ثمة اعترافاً متأخراً بالخطيئة التي ارتكبها الغرب تجاه الشعب السوري وثورته، وأن هذه الخطيئة بالذات هي التي سمحت لفلاديمير بوتين في تماديه بطموحاته الامبراطورية. يقول البيان “ما حدث في سوريا وما يحدث الآن في أوكرانيا يبرز سلوك روسيا المدمّر”.
الربط بين أوكرانيا وسوريا، بين حلب وماريوبول، بهذا الوضوح في بيان رسمي لهذه الدول في ذكرى الثورة السورية: “يسلط الضوء على سلوك روسيا الوحشي والمدمّر في كلا النزاعين” (السوري والأوكراني)، لا يعني بالضرورة أن التصميم الذي يبديه “العالم الحرّ” اليوم في دعم أوكرانيا ومحاصرة روسيا، سيكون هو نفسه تجاه القضية السورية. إذ لا تعويض ممكناً عن 11 عاماً من الخذلان والتخلي المخادع. وإن كان يحيي بصيص أمل بتحول مستقبلي للمصير السوري.

انتبهت أوروبا والولايات المتحدة الآن أن سياسة ترك “الدب” الروسي يفترس ضحية بعيدة عن ديارهم شجعته أن يقتحم سياج الحديقة الأوروبية، وأن السكوت عن التدمير المنهجي للمستشفيات في سوريا أباح القصف المتعمد لمستشفيات أوكرانيا..  وأن أوكرانيا اليوم تدفع ثمن النشوة العسكرية التي انتابت بوتين في سوريا.
أكثر من ذلك، أظهر الغزو الروسي أن بوتين المتحول إلى ديكتاتور كامل الأوصاف، يحمل بقناعة راسخة مشروع تقويض الديموقراطيات، التي أظهر تجاهها احتقاراً متزايداً خصوصاً في الخطب التي رافقت الغزو. فهو يطمح بإصرار إلى تكثير أمثال رمضان قديروف رئيس الشيشان، وألكسندر لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا.. وبالطبع، أمثال بشار الأسد. ويقترن هذا الطموح مع ازدراء كامل لإرادة 44 مليون أوكراني أو 22 مليون سوري، وقبل ذلك إرادة الشعب الروسي نفسه. بهذا المعنى، ينظر الغرب اليوم إلى الحرب في أوكرانيا لا بوصفها “نزاعاً حدودياً” إنما هي صراع سياسي عالمي، وأيديولوجي إلى حد بعيد. وهذا ما يربط سوريا بأوكرانيا، أو يحيي ذاك الأمل الضئيل بأن الأمر لم يستتب للأسد ولقاعدة حميميم.
في الأيام الأولى للغزو، كان رد فعل السوريين إحساسهم بالمصير المشترك مع الحرب الأوكرانية. الموالون الذي أملوا نصراً روسياً سريعاً، بحماسة لم يبدها المواطنون الروس أنفسهم، أرادوا بهذا النصر الموعود تدعيم نموذجهم الأسدي. أما المعارضون فقد تصوّروا أن ما حل بهم سيصيب الأوكرانيين، على ما كتب الزميل عمر قدور تحت عنوان “وداعاً أوكرانيا وداعاً سوريا وداعاً أيها الكوكب”: ” ليس من التشاؤم القول أن السفاح سيحقق أهدافه المعلنة وغير المعلنة..”.

حماسة الموالين الساذجة، والتي تدل ضمناً عن يأس من تحصيل الطمأنينة لنظامهم، يوازيها أيضاً الإحباط العميق لمناوئي النظام، وهم يرون المشهد السوري التدميري يتكرر في المدن الأوكرانية، كما في قوافل مئات ألوف اللاجئين نحو غرب أوروبا.

ما يعزي أبناء الثورة السورية، أن العالم أيضاً رأى تلك المماثلة بين المشهدين، وبكثير من مشاعر الذنب تجاه السوريين الذي تُركوا وحدهم يقاومون الوحشية الأسدية-البوتينية.
لذا، في ذكرى الثورة، ثمة التفاتة أوروبية أميركية بإلهام من القضية الأوكرانية، نحو سوريا. أمام مجلس النواب الأميركي مشروع قرار “لتكريس الاعتراف بالثورة السورية والتأكيد على أن سياسة واشنطن تدعم جهود السوريين للوصول إلى الدولة الحرة والديموقراطية”. القادة الأوروبيون كرروا مراراً أنهم لن يسمحوا لبوتين أن يقترف بأوكرانيا ما اقترفه بسوريا: “هذه المرة لن نسمح له بالانتصار”. وثمة خطاب غربي عام يوحي أن موقف المواجهة هذا، هو بمفعول رجعي سيطال ما حدث في سوريا أيضاً. باتت أوكرانيا مناسَبة لمراجعة سياسية أخلاقية تجاه خطيئة التخلي في سوريا.

مع ذلك، ليس الأمر بديهياً أو حتمياً. فالفارق بين أوكرانيا وسوريا ليس فقط في أوروبية الأولى ومجاورتها الحميمة للغرب، بل في أن الإرادة الوطنية الأوكرنية متوائمة جداً مع نظامها السياسي وقيادتها. هنا حكومة وجيش ورئيس يدافعون عن الشعب والأرض، عن الاستقلال والحرية والديموقراطية. هنا دولة منبثقة من ثورة مدنية منتصرة. أما في سوريا، فإضافة إلى كارثية المعارضات المسلحة أو المدنية، فالدولة “الوطنية” هي عينها الاحتلال، الذي استجلب احتلالات كثيرة.
بصيص الأمل السوري يكمن بالإصرار على هذا الربط الموضوعي بين ماريوبول وحلب. والأمل هو دحر البوتينية في السهوب الأوكرانية، وديمومة الروح القتالية المستجدة في “العالم الحرّ”.

المصدر: موقع المدن

شارك