كبير “أمراء الأمبيرات” في سوريا

كبير “أمراء الأمبيرات” في سوريا

كبير “أمراء الأمبيرات” في سوريا

كبير “أمراء الأمبيرات” في سوريا

كبير “أمراء الأمبيرات” في سوريا

كبير “أمراء الأمبيرات” في سوريا

كبير “أمراء الأمبيرات” في سوريا

شارك

كبير “أمراء الأمبيرات” في سوريا

كبير “أمراء الأمبيرات” في سوريا

إياد الجعفري

في خريف العام 2020، أصدرت محافظة دمشق نفياً رسمياً لشائعة تم تداولها على نطاق واسع، في ذلك الحين. مؤكدةً أن لا صحة لتلك الأنباء التي قالت إن أحد أثرياء الحرب سيستثمر في قطاع الكهرباء، عبر بيع “الأمبيرات” لسكان العاصمة. يومها، كانت ثاني أكبر المدن السورية، حلب، تَئن تحت وطأة هذه التجربة، تلوثاً واستنزافاً لموارد السوريين المتواضعة، وخضوعاً لرحمة “أمراء الأمبيرات” فيها، الذين كانوا يردون على أي معترضٍ حيال تسعيراتهم المتصاعدة، بأنه يستطيع أن يشتكي لمن يريد، في إشارة إلى أنهم يحظون بدعمٍ لا تجرؤ المؤسسات الحكومية، على تحديه.

وبعد أقل من ثلاث سنوات، تحققت الشائعة في دمشق. وأصبحت “الأمبيرات” أمراً واقعاً فيها، بترخيص رسمي، من المحافظة ذاتها. فيما وقفت وزارة الكهرباء، على الحياد. بل وصرّح أحد مسؤوليها، بأن الوزارة غير معنية بالأمر. ويمكن فهم كيف حدث ذلك؟ إذ أن قطاع الأمبيرات، قطاع مغرٍ للغاية. ففي حِسبَةٍ قدّمها فارس الشهابي، رئيس غرفة صناعة حلب، قبل نحو عام، ينفق سكان المدينة، نحو 35 مليار ليرة سورية، شهرياً، لقاء شراء الأمبيرات. أي نحو 47 مليون دولار سنوياً. وها هي العاصمة تتجهز لتكون سوقاً جديدة، ضخمة، لهذا القطاع، ولأمرائه، ولكبيرهم.

بطبيعة الحال، تتحفظ محافظة دمشق على أسماء المستثمرين الذين منحتهم رخص تشغيل مولدات الأمبيرات في عدد من أسواق العاصمة وأحيائها. فيما تقول مصادر إعلامية معارضة، إن هؤلاء المستثمرين، على صلة بضباط في الفرقة الرابعة، التي يقودها، ماهر الأسد، شقيق رأس النظام. وهو ما يمثّل استنساخاً للتجربة الحلبية بهذا الصدد، إذ لطالما رُبط ملف تشغيل المولدات في المدينة، بمتنفذين مرتبطين بالفرقة الرابعة هناك.

لكن اللافت في الأمر، كان تبرؤ وزارة الكهرباء من تشغيل المولدات في العاصمة. وقد لا يكون هذا التبرؤ أمراً جديداً، فقد حدث ما يشابهه في طرطوس، حينما عجزت صحيفة مقرّبة من النظام –”الوطن”-، قبل عام ونيف، عن الوصول إلى الجهة الرسمية التي تمنح رخص تشغيل المولدات الكهربائية، في المدينة. إلا أنه مع وصول هذه السوق –الأمبيرات- إلى دمشق، بات التساؤل أكثر جدية. لماذا تمتنع وزارة الكهرباء عن شرعنة هذا القطاع؟ الجواب لدى مسؤولي الوزارة، بأن الأمر مؤقت، وسينتهي حالما تتوافر الظروف الملائمة لتحسّن التغطية الكهربائية الحكومية. وهي ظروف ترتبط بحصول استثمارات مالية ضخمة في سوريا، لتوليد الكهرباء التقليدية أو تلك المُنتجة من الطاقات المتجددة. إذ تنتج سوريا الآن 2000 ميغاواط، فيما يبلغ العجز الكهربائي 4500 ميغاواط. وحتى لو تحققت خطة الحكومة الطموحة لتوليد 2000 ميغاواط أخرى من مشاريع الطاقات المتجددة حتى العام 2030، فهذا يعني أن ثلث حاجة سوريا من الكهرباء، لن يُغطى. الأمر الذي يُبقي سد العجز الكهربائي في سوريا، رهناً بتمويل أجنبي ضخم، يتعلق برهانات سياسية، لا تلوح في الأفق أي مؤشرات لتحققها، حتى الساعة.

وهذا بالضبط، قد يكون سرّ التوقيت في تراجع محافظة دمشق عن تعهدها القديم، بمنع تمدد كهرباء الأمبيرات المكروهة شعبياً، إلى العاصمة. فالنظام لا يتوقع قريباً، أي انفراجة تشي باستثمارات خليجية قادمة، تنهض ببنية البلاد التحتية المدمّرة، كما كان يروّج منظّروه، قبل أسابيع فقط. لذا، أسلَم العاصمة لأمراء الأمبيرات. لكنه لم يشرعنها من جانب الحكومة. وأبقى شرعيتها، مؤقتة، من جانب المحافظة. وهذه نقطة تتطلب التوقف عندها ملياً.

إذ حينما أصدر رأس النظام، بشار الأسد، في تشرين الأول/أكتوبر الفائت، القانون رقم (41) الخاص بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء، فسّر محللون بعض بنوده، بأنها تمثّل شرعنة لـ “الأمبيرات”. وهو ما نفاه وزير الكهرباء، يومها، مشيراً إلى أن القانون سمح للمستثمرين ببيع الكهرباء على التوتر المتوسط لدعم الصناعيين، بينما تباع كهرباء “الأمبيرات” على التوتر المنخفض. وفي الرد على ذلك، قرأ محللون، بصورة خاطئة، الفقرة الأخيرة من التعديلات التي تجيز للمستثمر بعد حصوله على الترخيص أن يبيع المشتركين على التوتر المنخفض باستخدام شبكات خاصة، من دون أن ينتبهوا إلى أن هذه الفقرة تخص محطات توليد الكهرباء اعتماداً على مصادر الطاقات المتجددة، وليست تلك المُنتجة من مشاريع التوليد التقليدية.

أي أن النظام لم يُشرعن كهرباء الأمبيرات، في القانون المشار إليه. مما يجعل نشاط هذا القطاع مؤقتاً، بالفعل، كما قال مسؤولو وزارة الكهرباء، في أكثر من مناسبة. فماذا يعني ذلك؟

الجواب يتعلق بالمستفيدين من هذا القطاع، وهم بصورة رئيسية، مرتبطون بالفرقة الرابعة، وشبكة اقتصادها، التي يتربع على رأسها، ماهر الأسد. وفيما يوغل هذا الأخير في الإمساك بكل مصادر الثروة غير الشرعية والمرتبطة باقتصاد الحرب والفوضى، في البلاد، من تجارة المخدرات مروراً بقطاع الترفيق والمعابر ونشاطات التهريب، وليس انتهاءً بقطاع المحروقات على ضفة الفرات، حيث شارك آل قاطرجي في احتكارهم هناك.. يحاول شقيقه، بشار الأسد، الحفاظ على نقاط قوته المتمثّلة في سلطته الرسمية، على الحكومة، كي يُبقي اقتصاد شقيقه في الحيز غير الشرعي، والمؤقت.

وهكذا، يمثّل دخول الأمبيرات إلى دمشق، خضوعاً مؤقتاً لمعادلات الشقيق القوي، على الأرض. أو هكذا يأمل، بشار الأسد، الذي يوحي تغيّر خطاب إعلامه في الأيام القليلة الماضية، أنه وطّن نفسه على انتظارٍ بعيد الأمد، لتلك الانفراجة الاقتصادية التي راهن عليها، بعيد الانفتاح الإقليمي عليه.

المصدر: المدن

شارك