كفرنبل… مدينة التين

كفرنبل… مدينة التين

كفرنبل… مدينة التين

كفرنبل… مدينة التين

كفرنبل… مدينة التين

كفرنبل… مدينة التين

كفرنبل… مدينة التين

شارك

كفرنبل… مدينة التين

كفرنبل… مدينة التين


تقرير|| عبيدة العمر
تضرّرت الزراعة ككل قطاعات الحياة الأخرى في الوطن السوري شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، وتقطعت السبل بين المناطق الزراعة، وصعب التواصل بين الزراعيين والتجار فغلت الأسعار، وحُرمت مناطق كثيرة من خيرات بعضها البعض، فبات زيتون عفرين حلماً للحسكاويين، وبصل عامودا من ذكريات سوق الخضرة في دمشق، أما الفستق الحلبي في ريف حماه فلم يعد يخرج من مناطقه إلا تهريباً وبشقّ الأنفس، وكذلك الأمر بالنسبة للفواكه السورية الشهيرة، كالتفاح والرمان التمر التدمري الذي يعد من أفخر أنواع التمر في العالم، إذ جفت المياه، وانقطعت الطرق إلى غابات النخيل التي شهدت معارك عنيفة، وقصفاً من قبل قوات النظام.. الحرب التي دمرت الأخضر واليابس جاءت على زراعة التين في كفرنيل، فحصل معها ما حل مع المنتجات الأخرى، لتعاني هذه الزراعة من ويلات الحرب، وبطش آلة النظام العسكرية ..
منذ القدم ونحن نعرف أن لكل مدينة عنوان فتلك حمص الوليد وحماة أبي الفداء ومن رحم إدلب الخضراء ولدت “كفرنبل التين” قبل آلاف السنين..
كفرنبل مدينة وناحية إدارية تابعة لمنطقة معرة النعمان في محافظة إدلب في سوريا، تقع غرب معرة النعمان بـ10 كم. يقترب عدد سكانها من الأربعين ألف نسمة.. المدينة تعود لعصور تاريخية قديمة فيها الكثير من الشواهد الأثرية، وتشتهر بزراعة الأشجار المثمرة ومن أهمها التين والزيتون والفستق الحلبي وهي الأكثر إنتاجاً في كفرنبل إضافة لزراعات أخرى.
تقوم المدينة على أطلال مدينة قديمة وتطالعك الآثار في أماكن عديدة وتحيط بكفرنبل آثار عدة مدن بيزنطية هامة مثل ربيعة، شنشراح وسرجيلا والبارة وغيرها.
اللفظ المحلي للمدينة (باللهجة العامية) تقلب النون ميماً فيصبح اللفظ كفرمبل.
وبحسب إحصائيات 2004 : – القرى التابعة لمدينة كفرنبل : حاس, معرتحرمة, كفرعويد, الفطيرة, حزارين, بسقلا, جبالا, معرتماتر, معرزيتا, سفوهن, كوكبة, كرسعة, قوقفين, ترملا, الفقيع, راشا الشمالية, فليفل, دار الكبيرة, الشيخ مصطفى, الملاجة, معرتصين, كفرموسى, شورلين, لويبدة, أم نير.
و قد تعرضت مدينة كفرنبل لقصف عنيف من طائرات الجيش العربي السوري ضمن الحرب السورية بتاريخ 17 10 2012 أدى لسقوط20 شهيد فيما عرف بمجزرة كفرنبل وأيضاً تعرضت هجمات عديدة أدى لسقوط عدد كبير من الشهداء وتدمير نسبة لا تقل عن 60 % من بيوتها حتى تاريخه وبرغم كل هذه الحصار فقد كانت كفرنبل من أولى المدن التي أبت أن تستقل وتتحرر من عدوان الأسد الهمجي فقام ثوارها بتحريرها على فترة خمسة أيام
يعمل معظم الأهالي بالزراعة والتجارة، لا يوجد بيت فيها إلا وفيه طالب جامعي على الأقل؛ فأهلها مشهورون بالذكاء والدهاء. حملت كفرنبل راية الثورة مبكراً؛ حيث كانت من أوائل المدن التي خرجت فيها مظاهرات بمحافظة إدلب.
لابدّ أن يُسحر الناظر لدى دخوله إلى كفرنبل بكثافتها أشجار التين فيها ولذة ثمرها، فلدى وصول كاميرا “جسر” إلى أحد تجار التين في مدينة كفرنبل ويدعى “أبو محمود” كان قد تجمع عدد كبير من الناس حوله وبجوارهم كمية كبيرة من التين وكل منهم يريد أنت يبيع حصته من التين لهذا التاجر.
سألنا “أبا محمود” عن إنتاج كفرنبل من التين فأجاب: لقد كان إنتاج التين في كفرنبل يتجاوز ألفاً وخمسمائة طن سنوياً قبل الثورة، أما الآن فقد قل الإنتاج كثيراً ومع ذلك لم نستطع تصريف وتسويق إنتاج المدينة من التين؛ وذلك بسبب غياب التجار المصريين والأتراك الذين كانوا يأتون إلينا في كل عام ويشترون كل إنتاج المدينة من التين.
نذهب بصحبة أبي محمود إلى منزله فنرى كميات كبيرة من التين، نسأله عن قصتها فيقول: لقد اضطر معظم الأهالي لتخزين التين؛ بسبب غياب التجار، وعند التخزين تحدث مشكلات كبيرة حيث يصبح التين عرضة للحشرات التي تعشش فيه، وقد كان سعر الكيلو غرام من التين قبل فترة قصيرة قرابة المائة ليرة سورية؛ أما الآن فسعره قرابة الثلاثمائة ليرة سورية؛ وهذا ما جعل التجار يترددون في شراء تين كفرنبل.
في كفرنبل يعتبر التين هو الموسم الأساسي للأهالي؛ فمن ثمنه يضعون مؤونة الشتاء الطويل ويشترون المازوت إن وجد!.
مع كثرة أنواع التين (الأبيض، الأسود، الشتوي…) تكثر معاناة الأهالي؛ فها هو فصل الشتاء قد دق الأبواب ونحن نعلم أحوال المناطق المحررة؛ لا محروقات ولا كهرباء فما الحل لمجابهة البرد القارس؟ إنها شجرة التين!… هكذا قال لنا العم أبو محمد الذي يبلغ من العمر ثمانين عاماً.
(هل يوجد أحد يقتلع قلبه بيده؟! نعم نحن لا نملك ما نجابه به البرد إلا شجرة التين التي نقطعها من الأرض كي نتدفأ عليها! أليس هذا حرام؟)
هنا في كفرنبل لقد عشنا حياتنا مع شجرة التين جنباً إلى جنب؛ تمرض لمرضنا وتفرح لفرحنا، ولنا ذكريات كثيرة معها، ففي شجرة التين نبع البركة وضعه الرحمن الرحيم.
لقد أصر العم أبي محمد أن يكتب مراسل جسر هذه الأبيات من الشعر عن حياته مع شجرة التين، وقد قال هذه الأبيات يصف فيها مدينة كفرنبل وتينها:
أعروس ذي الجبل الأشم تدللي وإلى جوارك كم هناك تدلل
كم كنت كالعصفور بين خمائل فوق الغصون أحط ثم أنقل
من تينة أسعى لأخرى باحثاً عن يانع بين المطارف يؤكل
التين والزيتون غرس رابح رب الأنام أجله أفيخذل!
أنهى شعره ودمعته واضحة لنا حاول إخفاءها لكن دون جدوى! وبدأ بالدعاء على النظام والدعاء بالفرج وإصلاح الأحوال، إذا للمرة الأولى تتعرض شجرة التين لخطر الانقراض من مدينة كفرنبل؛ فلم يدخر الأهالي جهداً في قطعها واستخدام حطبها في التدفئة!. هذا التين الذي يوصف بأنه الأجود في العالم قد يصبح في خبر كان؛ إذا لم تتدخل الجهات المعنية، فهل ستفقد كفرنبل عنوانها القديم وتصبح بلا عنوان

شارك