جسر: متابعات:
منذ أن بدأ فيروس كورونا ينتشر في سوريا، لم يتعاطَ إعلام النظام السوري بشفافية مع الموضوع، فحاول أن يتكتم على الانتشار الهائل للفيروس في مناطق سيطرة النظام حيث باتت الإصابات اليومية بالمئات، بينما يسعى للتستر على عجز منظومته الصحية في احتواء الجائحة.
وبدلاً من أن يسعى لنشر برامج تسد نقص التوعية الصحية، وبدلاً من فرض اجراءات وقائية تسهم بشكل فعلي بالحد من انتشار الجائحة، ساهم النهج الذي اتبعه النظام بزيادة انتشار الفيروس بشكل كبير وسريع، لتصبح العاصمة دمشق بؤرةً لاحتضان الفيروس.
المشافي الأساسية في العاصمة تحولت إلى مراكز لحجر المصابين بفيروس كورونا، وامتنعت تلك المشافي عن استقبال المرضى العاديين غير المصابين بالفيروس، ولم تعد تقدم الخدمات الأولية من إسعاف وطبابة للمرضى.
وشمل الأمر المستشفيات التخصصية، كمشفى الباسل المتخصص بأمراض القلب ومشفى البيروني المتخصص بمعالجة امراض السرطان. وقال مصدر طبي لموقع “المدن”، يعمل في مشفى المواساة، إن “أغلب مستشفيات الدولة تحولت إلى مراكز حجر صحي، الأمر الذي جعل المشافي ترفض استقبال بعض الحالات الإسعافية كمرضى غسل الكلى ومرضى القلب وحتى الحروق والكسور، وباتت المشافي تحوّل المصابين إلى مستوصفات بديلة؛ إلا أن تلك المستوصفات لا تغطي عجر المستشفى لصغر حجهما وعدم قدرتها على استيعاب أعداد كبيرة، وعدم مناوبتها ليلاً، بجانب انخفاض جودتها، وعدم وجود أغلب الآليات الطبية”.
أما في ما يتعلق بالتعامل مع المصابين بفيروس كورونا، فإن الرعاية الصحية التي تقدمها تلك المشافي بدائية إلى حد كبير، علاوةً على رفضها استقبال أغلب المصابين. ويشرح المصدر كيف يتم التعامل مع المصابين في مستشفى المواساة قائلاً: “المشكلة الأساسية أن أغلب المشافي لا تملك عدداً كافياً من اختبارات فيروس كورونا، ووزارة الصحة لا تقوم بإمدادنا بالعدد والمستلزمات الكافية؛ لذلك نعتمد في تشخيصنا للفيروس على الصورة الصدرية للمريض، ونقارن بين وضع الرئة الطبييعة ورئة الشخص المصاب بالفيروس. أما الرعاية الطبية للمصابين فهي تقتصر على المصابين المحتاجين الذين يعانون من قصور في الجهاز التنفسي، فيما يُطلب ممن تبقى من المصابين الحجر طوعاً في منزلهم لمدة أسبوعين”.
وأضاف أن “الكادر الطبي في سوريا غير مؤهل للتعامل مع الجائحة، وهناك تقصير كبير في توزيع المواد الأساسية التي تحمي الكادر أثناء قيامه بواجبه المهني، كالكمامات والبدلات العازلة. لذلك رفضت العديد من الممرضات تقديم الرعاية للمحجورين خوفاً من العدوى؛ الأمر الذي نتج عنه عدد كبير من الوفيات بسبب إهمال الرعاية الطبية، وخاصةً خلال المناوبات الليلية، التي يغيب فيها الأطباء. ولهذه الأسباب، فإن الرعاية المنزلية للمريض أفضل بكثير من الرعاية الصحية في المشفى”.
وحتى اليوم، لا تعمل وسائل إعلام النظام على توعية المواطنين حول انتشار الفيروس بشكل جدي، وإنما تتكتم عن الأعداد الحقيقية، وتكتفي بنشر رقم ثابت يومي عن الإصابات، يتراوح ما بين 10 إلى 19 إصابة يومياً، في حين يبلغ عدد الوفيات التي أعلنت عنها 22 حالة فقط.
ويوضح المصدر الأرقام الحقيقية مشيراً إلى أنه “خلال الأيام الأربعة الماضية فقط، سجلنا ما يقارب 200 إصابة يومية مؤكدة، ومعدل الوفيات فيها هو 25 شخصاً يومياً”.
ورغم الانتشار الكبير لا يعمل النظام على فرض أي تدابير وقائية، فأعاد افتتاح المساجد والمحلات التجارية وجميع الأنشطة الاجتماعية بشكل كامل، من دون أي حرص على تطبيق قواعد الأمان ومسافات التباعد الاجتماعي، وليس هناك أي إلزام أو رقابة على ارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة، الأمر الذي يساهم في انتشار أكبر للفيروس، دون أي قدرة على مواجهته.