كانت جان دارك فتاة ريفية بسيطة، تعملت على يد والديها الأعمال الزراعية ورعي الأغنام ، وكانت أسرة جان دارك محافظة على ولائها للتاج الفرنسي ، على الرغم من إحاطة أراضي البورغنديين حلفاء الإنجليز بها ، وقد تعرضت قريتهم إلى عدة غارات خلال طفولة جان أدت إحداها إلى حرق القرية .
توجهت “جان دارك” وهي في سن السادسة عشر إلى قرية فوكولينج ، لتطلب من قائد حاميتها الكونت روبر دو بودريكور أن يسمح لها بالذهاب للبلاط الملكي ، كونها تنبأت بحدوث انسحاب عسكري ولكن الكونت سخر منها .
تحققت نبوءة جان دارك وانسحب الإنجليز من بعض الأراضي لذلك سمح لها الدوق بالذهاب ، فعبرت أراضي البورغنديين وهي متنكرة في زي رجل ، وحين قابلت ولي العهد شارل السابع ، أثارت إعجابه .
طلبت جان منه إرسالها مع بعثة إغاثة أورليان ، وحين ذهبت جان حولت الصراع الفرنسي الإنجليزي إلى حرب دينية ، وكان مستشارو الملك قلقين من أن تكون جان دارك زنديقة ، مما يعطي فرصة للأعداء باتهامهم أنهم هدية من الشيطان ، فبعث الملك لجنة لتتحقق منها ، فأرسلت اللجنة للملك أنها لا غبار عليها ، وأبلغوا الملك أنه من الجيد إضفاء الطبيعة الإلهية على مهمة جان دارك .
سارت جان مع الجيش حتى حقق العديد من الانتصارات انتهت بهدنة ، وقد تم منح جان وعائلتها شرف النبالة ، ولكن سرعان ما انتهت الهدنة مع الإنجليز ، وتوجهت جان إلى كومبين لمساعدتها ضد الحصر الإنجليزي البورجندي ، وبعد اشتباكات بين الطرفين ، وقعت جان دارك في الأسر .
وكانت من المعتاد دفع فدية للإفراج عن الأسرى إلا أن الملك شارل السابع لم يتدخل للإفراج عن جان ، قدمت جان دارك إلى محاكمة كنسية بتهمة الهرطقة ، ومع ذلك كانت جان ثابتة واثقة أثناء محاكمتها كما أنها أظهرت ذكاء ولباقة عند المحاكمة
وبالرغم من ذلك أدينت بتهمة الهرطقة سنة 1431م لأنها كانت عادة ما ترتدي زي الرجال ، وهو ما كان محرمًا في الكتاب المقدس ، وحُكم عليها بالإعدام حرقًا بالنار ، وفي يوم 30 مايو 1431م وهي مازالت في التاسعة عشر من عمرها ، ربطت بعمود طويل الساق بساحة السوق القديم بمدينة روان ، وقد طلبت من كاهنين أن ينصبا صليبا مقابلًا لها ، وتم حرق جثتها مرتين وإلقاء الرماد بنهر السين حتى لا يتبقى منها أي أثر يتخذه الناس للتبرك .
وقد أعيدت محاكمتها عام 1455م بناءًا على طلب من والدتها ، وبعد أن قام فريق من اللاهوتيين بتحليل شهادة 115 شاهدًا ، وفي يونيو عام 1456م تم اعتبار جان دارك شهيدة ، وفي عام 1920م تم اعتبارها قديسة وهي أحد القديسين الشفعاء لفرنسا، كما أنها أصبحت مصدر إلهام للعديد من الأعمال الأدبية والفنية .