لا حائط ليسند السوري ظهره إليه

لا حائط ليسند السوري ظهره إليه

لا حائط ليسند السوري ظهره إليه

لا حائط ليسند السوري ظهره إليه

لا حائط ليسند السوري ظهره إليه

لا حائط ليسند السوري ظهره إليه

لا حائط ليسند السوري ظهره إليه

شارك

لا حائط ليسند السوري ظهره إليه

لا حائط ليسند السوري ظهره إليه

بسام يوسف

صبح السوريون اليوم “مكسر عصا” لكل من يريد، فهم مستباحون، ودمهم مهدور، ولا فرق في هذا بين كل تسمياتهم، وتصنيفاتهم ومناطق وجودهم، والسوريون كلُّهم يواجهون يومياً السؤال الذي سيظل عالقاً بلا إجابة ممكنة، وهو كيف سيكون غدهم؟ لأن أقصى ما يستطيعون معرفته هو لحظتهم الراهنة، أما ما بعدها فهو غامضٌ، ومفتوحٌ على احتمالات تكاد تكون بلا أي أمل.

لماذا نحن هكذا، ولماذا وصلنا إلى ما نحن عليه؟

ربما لأننا خضعنا طويلاً لطاغية مثل حافظ الأسد، وسكتنا عن الظلم الشديد الذي كان يطولنا واحداً بعد الآخر، وكنا نطمر رؤوسنا في الرمل، كي لا نسمع صراخ السوريين المظلومين في البيوت، والسجون، والشوارع والساحات، كان الظلم يجتاحنا مثل طاعون، لكنّنا كنا نصم آذاننا، ونغمض عيوننا، وكل منّا يحاول أن ينجوَ وحيداً.

وربما لم يكن هذا الذي وصلنا إليه نحن السوريين اليوم، لولا أننا لا نزال، وبعناد قُدَّ من صخرٍ، نصرُّ على محاولة النجاة الفردية، والأدهى من كل هذا أننا قتلنا بأيدينا من صرخوا بنا أن لا نحاول النجاة كأفراد، وأن لا نذهب إلى طوائفنا، وعشائرنا، وقومياتنا ومذاهبنا وكل ما يفرقنا، وتوسلوا إلينا أن نكون سوريين، فقط سوريين.

اليوم لا يأتي ذكر للسوريين دون موت، ودون قهر، وأصبح موت السوريين، وتشرّدهم، وجوعهم وبردهم هو الخبر الوحيد الذي يلتصق بهم، كأنّ هذا الشعب منذور للموت، وكأن حياة السوريين لم تعد تهمّ أحداً في هذا العالم، بما في ذلك السوريون الآخرون.

ما يزيد على مئة وثلاثين ألف سوري، عالقون في الحرب الدائرة بين طرفين عسكريين سودانيين يطحنان السودان من أجل السلطة، يمدّون أيديهم إلى الفراغ لأنه ما من أحد في هذا العالم سيهتم لصراخهم، وعندما تقوم السعودية بإجلاء عشرات منهم فقط، تهرع “حكومة العار السورية” لكي تتباهى بما فعلته السعودية، وكأن هؤلاء ليسوا سوريين، وليست هي المسؤولة عنهم، وعن حمايتهم وأمنهم، وليست هي أساساً من شرّدهم وهجّرهم، وهي من تمنعهم من العودة إلى وطنهم!

المأساة التي تطغى اليوم على المشهد السوري، هي ما يحدث في لبنان، حيث يعيش ما يزيد على مليون سوري في مهب الريح، فالحملة العنصرية المتخمة بالكراهية والكذب تصل اليوم إلى ذروة جديدة، وقطعان الفاشيين اللبنانيين تزداد ضراوة، فتنهش في لحم السوريين المحاصرين والعاجزين، والمثير للسخرية أنه كلّما تفاقمت الأزمة في لبنان، سارع مسؤولوه لتحميلها على كاهل اللاجئين السوريين، وراحوا يجترّون لطمياتهم، ويندبون، ويلعنون الجغرافيا التي جعلتهم جيراناً لهم، مُتناسين أنهم كل المشكلة في لبنان، وأنهم أغرقوا لبنان بفسادهم، وطائفيتهم وارتهانهم، قبل وجود اللاجئين السوريين وسيظلون هكذا بعدهم.

كل الوقائع، والحقائق والتصريحات التي يطلقها مسؤولون في الجهات الدولية المختصة، لا تمنع بعض المسؤولين اللبنانيين من مواصلة كذبهم الصفيق، ومن تهييج الكراهية والعنصرية البغيضة عند أتباعهم، الأمر الذي يترجم في الشارع إلى ممارسات بشعة، ويكون ضحيتها دائماً سوريون محاصرون، وضعفاء وعزّل.

في تصريح واضح أعلن مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات “يانيز لينارتشيتش”، خلال مؤتمر صحفي، عقده نهاية شهر آذار الفائت، في مقر بعثة الاتحاد: (لنكن واضحين أن الأزمة الحالية في لبنان فيما يخص الوضع المالي والتضخم ليست بسبب اللاجئين السوريين)، وفي تحقيق أجرته وكالة رويترز، كشفت أن البنوك في لبنان “ابتلعت” ما لا يقل عن 250 مليون دولار من أموال المساعدات الإنسانية الأممية المخصصة للّاجئين والمجتمعات الفقيرة، في البلاد التي تعاني من أسوأ أزمة اقتصادية وسياسية في تاريخها الحديث.

لا أحد ينكر أن وجود اللاجئين السوريين سبب مشكلة في لبنان، كما في كل الدول التي تستقبل أعداداً كبيرة من اللاجئين، لكن لماذا يتم تغييب الأسباب الحقيقية لهذه المشكلة، والتي يتحمل لبنان بشكل أو بآخر جزءاً مهماً منها، ولا تزال أطراف رئيسية فيه، سبباً رئيسياً في الكارثة السورية، ولماذا تُطمس حقيقة نهب جهات لبنانية سياسية ومصرفية لنسبة كبيرة من المساعدات الممنوحة للاجئين السوريين، ولماذا لا يعترف اللبنانيون بأن السوريين اليوم يضخّون كثيراً من المال في عجلة الاقتصاد اللبناني المتهاوي، ولماذا لا يعترفون بأن السياسة في لبنان هي التي تفعل في ملف اللاجئين أكثر مما تفعله الظروف الاقتصادية، والأهم من كل هذا لماذا يتعاملون مع اللاجئين السوريين كما يريد النظام السوري – الذي لا يرى في السوريين كلهم إلا عبيداً بلا أي حقوق – لا كما تقتضيه مصلحة لبنان، وكما تقتضيه حقوق اللاجئين، وحقوق الإنسان وكل الأعراف الدولية؟

في إجراء هو الأكثر وحشية وانتهاكاً لكل الحقوق والقيم، وبما يشبه الحملة الهيستيرية قررت الحكومة اللبنانية: “تسليم مطلوبين للنظام السوري، إذ طلبت اللجنة الوزارية التي تتابع ملف عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، من وزير العدل اللبناني، البحث في إمكانية تسليم الموقوفين والمحكومين للدولة السورية بشكل فوري، مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة، وبعد التنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية”.

مدير عام مركز سيدار للدراسات القانونية والمدافع عن حقوق الإنسان، المحامي “محمد صبلوح”، قال: (وصل الجنون الرسمي اللبناني إلى طرح الحكومة اللبنانية تسليم السجناء السوريين، رغم إقرارها أن تهمة 90 في المئة منهم معارضة النظام السوري، ما يعني أنها تناقض وتدين نفسها، إذ كيف ترحّل معارضا مهددا في بلده، هذا فضلا عن مخالفتها الجسيمة للاتفاقيات الدولية التي صدّق عليها لبنان، لا سيما اتفاقية مناهضة التعذيب، وإذا ارتكبت الحكومة هذه المخالفة سيُثار الأمر دولياً، لمحاسبة أي مسؤول ساهم في تعريض حياة السجناء للخطر).

المعتقلون السياسيون المعارضون لنظام الأسد، والمحتجزون في سجون لبنان، والذين يصل عددهم إلى ما يقرب من 400 معتقل، أصدروا بياناً أوضحوا فيه أنهم هربوا “من بطش نظام الأسد، ومن أسلحته الكيماوية، ومن أقبية التعذيب وحفر الموت”، لكنهم اعتقلوا في لبنان واتهموا “بتهم مختلفة، وباطلة، تحت مسميات عديدة وحجج ضعيفة”.

تدرك الجهات اللبنانية جيداً، أن تسليم أي معارض للنظام السوري للجهات السورية يعني الحكم عليه بالموت، واليوم أقرأ خبر انتحار شاب سوري، قررت السلطات اللبنانية تسليمه للسلطات الفاشية السورية.

إلى متى سيظل السوريون مستباحون وبلا حقوق؟

المصدر: تلفزيون سوريا

شارك