للسوريين والأتراك: عفوا!

للسوريين والأتراك: عفوا!

للسوريين والأتراك: عفوا!

للسوريين والأتراك: عفوا!

للسوريين والأتراك: عفوا!

للسوريين والأتراك: عفوا!

للسوريين والأتراك: عفوا!

شارك

للسوريين والأتراك: عفوا!

للسوريين والأتراك: عفوا!

سناء العاجي الحنفي

إحساس العجز أمام أوجاع السوريين واليمنيين يسكن الكثيرين منذ سنوات.. منذ أن انطلقت هذه الكوارث السياسية التي تدمر حياة الملايين، أحياءً، وترسل الآلاف منهم للعالم الآخر.

لكن الزلزال الذي حدث في كل من تركيا وسوريا هذا الأسبوع، كان عنوان مأساة جديدة يقف أمامها المرء عاجزا مشلولا.

بداية، لا يسعنا إلا أن نقتسم مشاعر التعازي والمواساة مع الشعبين السوري والتركي، وأن نعتذر لهم من القلب، وبصدق، لوقوفنا عاجزين أمام هول هذه المأساة الإنسانية.

كنت، خلال الأيام الأولى للكارثة، أتابع بعض التفاصيل الموجعة على حسابات الأصدقاء السوريين وأصدقاء من جنسيات مختلفة مقيمين بتركيا. لم أستطع حتى أن أتخيل نفسي في موضع الضحايا وعائلاتهم. لم أستطع حتى أن أتخيل وجع السوريين البعيدين في المنافي القصية، وهم يتابعون أخبار موت أقاربهم وجيرانهم وأصدقائهم. كيف يكون القدر غير منصف لهذا الحد؟ أبعدَ الحربِ والتقتيل، يأتي الزلزال ليكمل بقية الوجع والقتل والظلم؟

لكن الحرب والكوارث الطبيعية لا تكفي في رقعنا الجغرافية. لا بد أن يكتمل المشهد بكثير من الجهل ومن القسوة ومن العنف، حتى نكون أوفياء لتخلفنا المزمن!

في عدد من التعليقات لمواطنين عاديين، لكن أيضا لمن يسمون أنفسهم “رجال الدين”، المتحدثون باسم السماء، قرأنا وسمعنا آيات قرآنية تبرر الزلزال وتفسره! قرأنا وسمعنا مذهولين مصدومين عبارات من قبيل: “إن الله يعاقب الأتراك لأنهم علمانيون”. “إن الله يعاقب الناس بالزلازل والبراكين والأعاصير لأنهم مذنبون”. “إن الله يعاقب الخطائين ليريهم علاماته”، وهلم تخلفا وجهلا… وقسوة!

كيف يمكنك أن تشاهد صور الدمار والناس الذين ضاع أهلهم والأطفال الذين فقدوا حياتهم أو فقدوا أسرهم، وأن تكتفي بتعليق أو تبرير يطفح منه الظلم والقسوة والجهل، بكل هذه الكميات المهولة؟

لنوجه سؤالا بسيطا لحملة خطاب الكراهية والجهل هذا، والذين، حتى وهم يقدمون لك العزاء، لا يترددون في نشر سموم جهلهم: هل يفرق الزلزال بين المؤمنين المتدينين وبين الملحدين أو “الخطائين” أو الأشرار بشكل عام؟ هل يختار الزلزال “المذنبين” ويجنب “الصالحين”؟ هل تميز الكوارث الطبيعية بين “المحسنين” وبين “الخطائين”؟ هل تختار الكوارث الطبيعية كنيسة أو مسجدا أو معبدا بوذيا لتحميهم، بينما تعرض بيوت الضالين والكفار لغضبها حتى تبلغهم غضب الرب؟

ثم، ما ذنب الأطفال والرضع والحمقى، مادام الله، يفترض ألا يحاسبهم؟ ما ذنب أي شخص، مهما كانت أخطاؤه ومعاصيه، حتى ينام في ليلة معينة، بأحلامه أو أحزانه وبرامجه اليومية وتطلعاته، لكي يموت مدفونا أو لكي يعيش ويفقد كل ما يملك… وكل من يحب؟ أي قسوة يجب أن تكون في قلب الشخص لكي يتصور أن هناك من، بسبب خطاياه، يستحق كل هذا الوجع؟

ثم، وبلغة العلم والعقل، ألم تكن الزلازل والبراكين والأعاصير وكل الظواهر الطبيعية موجودة حتى قبل أن يوجد الإنسان على وجه الأرض؟ فهل كان الله يعاقب الديناصورات الخطاءة؟ أم أنها كانت أشكال عقاب تجريبية يجهزها الله قبل أن يكون الإنسان، أساسا؟

رجاء.. كفوا عن الحديث باسم الله. كفوا عن تحديد الخطائين والصالحين ومن يعاقبهم الله ومن يهديهم. كفوا عن نشر سموم الجهل والكراهية، حتى أمام مآسي الغير!

أمام الكوارث الطبيعية وأمام الحروب المدمرة. أمام كل المآسي الإنسانية، لا شيء مطلوب منا غير الدعم الإنساني للضحايا وأسرهم، والدعم المادي لمن استطاع إلى ذلك سبيلا.

المصدر: الحرة

شارك