جسر: تقارير:
يبدأ “محمد حاج ابراهيم”، عمله التطوعي بشكل يومي برفقة زملائه الذين يقضون ساعات طويلة في التردد على تجمعات النازحين، بهدف مساندة بعض العائلات المحتاجة في ريف حلب الشمالي، محاولين تعويض العائلات وسد النقص الحاصل بسبب الظروف المعيشية الصعبة، التي يمر بها قاطنو المخيمات في الشمال السوري.
ويقول ”حاج إبراهيم”، في حديثه لـ “جسر”، إن “القصص الإنسانية المؤثرة دفعته إلى العزوف عن العمل في مجال التقارير المصورة لوكالات الأنباء المحلية، وبدأ بالعمل في المجال الإغاثي والإنساني، لمساعدة السكان ممّن شاهد أوضاعهم المعيشية الصعبة عن كثب خلال زياراته المتكررة في سياق عمله الإعلامي السابق”.
ويضيف “لم تفارقني المشاهد التي كنت التقطها، حتى بعد عرضها في الوسيلة الإعلامية التي أعمل بها، وذلك لشدة قساوة هذه التفاصيل التي تسببت بتغيير حياتي بشكل جذري، مع أهمية نقل الإعلام لهذه الحالات المؤسفة كان لا بد من التنفيذ العملي للوعود التي يعول عليها النازحون، عندما يتعاملون معنا كفريق اعلامي جاء لينقذهم، وليس فقط مجرد إعلاميين بنقلون معاناة ما”.
رمضان ذروة النشاط
يسعى الفريق التطوعي الذي يحمل اسم “القلوب البيضاء”، للتخفيف من معاناة النازحين في المخيمات في ظل شهر رمضان، وذلك ضاعف من نشاطه مستهدفاً عدداً أكبر من المخيمات التي يزورها بشكل متكرر، قبيل وقت الإفطار لتزويد العائلات والأسر القاطنة في الخيم بوجبات الطعام والشراب، وفقاً لحديث مدير الفريق “محمد حاج إبراهيم”، الذي ينحدر من بلدة جرجناز جنوب إدلب.
ويعزو مدير الفريق”حاج ابراهيم” الدافع الرئيسي وراء هذا تأسيس هذا الفريق، لكثرة ما رآه من “قصص بتبكي”، خلال نشاطه الإعلامي السابق، والإغاثي الحالي، ويعتمد في تمويله اليسير على بعض الشبان في أوروبا، ممن يرسلون حوالات، وبعض الأشخاص في الداخل السوري.
ويستفيد “حاج ابراهيم” وفريقه من علاقاته الاجتماعية المختلفة التي نتجت عن مزاولة مهنة الصحافة والإعلام لعدة سنوات، في الوكالات والمواقع المحلية، لينتقل إلى العمل في المجال الإنساني ورصد الحالات التي تستوجب المساعدة وتقديم المعونة الغذائية اللازمة لها، عبر الفريق التطوعي.
ومنذ نشأته عمل الفريق التطوعي على مساعدة السكان، وشملت تلك المساعدات الإنسانية عدد من الأيتام والأرامل والمحتاجين، وتقديم الدعم المادي واللوجستي (خيام – أثاث منزلي – خزانات المياه – مدافئ) بحسب حديث مدير الفريق لـ “جسر”، مشيراً إلى أن آلية عمل الفريق تعتمد على الوصول إلى العائلات الأكثر عوزاً ومساعدتها.
نازحون يعيلون نازحين
يتألف الفريق من خمسة شبان جميعهم نازحون وغالبيتهم من ريف معرة النعمان الشرقي، وبعض الأعضاء المتطوعين من المحافظات السورية المختلفة، ممن تعرضوا للتهجير القسري نحو الشمال السوري، وبينهم طالب جامعي فرع طب الأسنان ويخصص من وقته للنشاطات الإنسانية ضمن الفريق.
يخفي معظم أعضاء الفريق هويتهم ويجولون في الشمال السوري، بحثاً عن المحتاجين ويقول بعضهم ممن تحدثوا لـ “جسر”إأن نشاطهم المتزايد بسبب إحساسهم بالمعاناة التي يكابدها المهجرون قسراً عن منازلهم، ويرجع ذلك إلى كونهم من المهجرين عن مدنهم وقراهم.
كثيرة هي القصص المؤثرة التي يتذكرها الفريق خلال نشاطاته اليومية، ومنها مصادفة رجل عجوز يقوم بالرغم من كبر سنه بمسح السيارات والعمل الشاق المضني برفقة طفل، وبسؤاله: لماذا تمتهن تلك المهنة؟ أجاب أنه لا يملك ثمن رغيف الخبز، ويهدف من العمل الحالي أن يشتري حاجيات العيد لأطفاله، وتأمين متطلبات معيشتهم الضرورية.
وحتى خارج أوقات النشاط الجماعي يستمر عمل الفريق في رصد الحالات التي يمكن مساعدتها، ويقول أحد أعضاء الفريق إنه صادف رجلاً فاقد للبصر لديه ثلاثة أطفال، لا يوجد لديه معيل بعد تعرضه للتهجير من ريف إدلب، ليقوم بأخذ عنوانه، ويصار إلى تقديم المساعدات الإنسانية له، وغيرها كثير من المواقف المؤلمة.
ونزح أكثر من مليون و41 ألفاً و233 شخصاً بسبب الحملات العسكرية الأخيرة، التي شنتها قوات النظام السوري المدعومة بحليفها الروسي، في الفترة مابين تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2019 الفائت و 5 من آذار/ مارس الماضي، بحسب إحصائيات فريق “منسقو استجابة سوريا”.
