وتناقل السوريون أنباء مقتل البغدادي في غارة أميركية على قرية باريشا بمحافظة إدلب، شمال غربي سوريا، كما تناقلوا مقاطع فيديو، نشرتها وسائل إعلام أميركية من بينها شبكة “سي إن إن” للمعارك التي دارت ليلاً في المنطقة، مع تعليقات مكثفة حول مصير إدلب في الفترة المقبلة.
وتعززت تلك المخاوف بالنظر إلى تعليقات صفحات وحسابات موالية للنظام السوري، تحديداً، والتي امتلأت بالتهديدات من عملية “تطهير” للمنطقة بوصفها “منبعاً للإرهاب”.
وكان السؤال الذي فرض نفسه على نقاشات السوشيال ميديا، مرتبطاً بسبب تواجد البغدادي أصلاً في إدلب، التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً)، وهي تنظيم جهادي على خلاف مع تنظيم “داعش”. وتساءل المعلقون السوريون في “فيسبوك” و”تويتر” عن الجهة التي سمحت للبغدادي بالوصول إلى إدلب. أما الإجابة عن ذلك السؤال فكانت مرتبطة بالخلفيات السياسية للمعلقين أنفسهم، والتي ترتبط أصلاً بالنظرة العامة لتنظيم “داعش”، وعلاقاته مع القوى الفاعلة في المشهد السوري منذ سنوات.
وفيما قال البعض أن النظام السوري هو من سهّل تنقل البغدادي وصولاً إلى إدلب، كتمهيد لعملية عسكرية إضافية هناك، والدفع بسردية احتضان المحافظة للإرهاب بمختلف أنواعه، أشار آخرون إلى ارتباط التنظيم والبغدادي نفسه بجهات أخرى، كالناشطين الأكراد الذين تحدثوا عن علاقات التنظيم بتركيا التي تشن حملة عسكرية ضدهم شمال شرقي البلاد، كما تلقى الأكراد بدورهم اتهامات مماثلة من الناشطين المحسوبين على تركيا. بينما تحدث آخرون عن الدور الروسي الخفي وصولاً لفكرة تلاعب الولايات المتحدة بفكرة الإرهاب العالمي لمصلحتها مثلما تريد، بعقد مقارنة مع مقتل قادة إرهابيين في الماضي.
وهنا أشار المعلقون إلى أن توقيت مقتل البغدادي يتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، في وقت يعاني فيه الرئيس دونالد ترامب من ضغوط مختلفة بسبب سياساته الجدلية في قضايا مثل أوكرانيا وسوريا وإيران. ويصبح مقتل البغدادي بالتالي نصراً كبيراً للرئيس الذي وعد بالقضاء على الإرهاب وإثباتاً لسياسته القائمة على الانسحاب من الشرق الأوسط، مثلما كان الحال مع مقتل زعيمي تنظيم القاعدة السابقين، أسامة بن لادن في حقبة الرئيس السابق باراك أوباما، وأبو مصعب الزرقاوي في حقبة الرئيس جورج دبليو بوش.
وتسيطر على محافظة إدلب فصائل تندرج تحت راية فصيلي “الجيش الوطني السوري” و”هيئة تحرير الشام”، اللذين يعلنان بشكل دوري عن عمليات تستهدف ما يصفانها بخلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”، وازدادت وتيرتها بعد إعلان نهاية التنظيم في شرقي سوريا، في 23 من آذار/مارس 2019، فيما لا تملك الولايات المتحدة، أو التحالف الدولي لمحاربة “داعش”، الذي تقوده واشنطن، نفوذاً في محافظة إدلب، علماً أن وزارة الدفاع “بنتاغون” نفذت في السابق عمليات لاستهداف قادة في تنظيم “القاعدة” في إدلب.
المصدر: المدن/ ٢٨ تشرين الأول ٢٠١٨