جسر – تقرير
عبرت عدة شاحنات تجارية تحمل مواد إغاثية يوم أمس، معبر “ميزناز – معارة النعسان” قادمة من مناطق سيطرة النظام، يوم أمس الاثنين 29 آب/ أغسطس.
هذه الخطوة أثارت ردود أفعال مختلفة، وربما يمكن القول، أنّه وللمرة الأولى تتباين الآراء حول هذه القضية، إذْ كان الرفض هو الموقف المسيطر في وقت سابق.
صفحات التواصل الاجتماعي، وغرف “الوتس آب” حفلت يوم أمس بالآراء المتباينة حول هذا الموضوع، ففي الوقت الذي اعتبرها البعض خطوة أصبحت ضرورية، فيما اعتبرها البعض الآخر خطوة ترويجية ترمي للتطبيع مع النظام في وقت لاحق.
المؤيدون لهذه الخطوة لهم وجهات نظرهم التي تدعم الرأي الذي يتبنونه، فهم يرون أنّ الوضع الاقتصادي المتردي لدرجة كبيرة، في مناطق الشمال السوري، بات يتطلب مثل هذه الخطوة، خصوصاً في ظل اعتماد المناطق الخارجة عن سيطرة النظام على أنواع ضرورية من السلع يتم التزود بها من مناطق النظام، وعلى رأسها الأدوية التي تشكل نسبتها ما يقارب 65 % من أنواع الأدوية المتداولة في الشمال السوري.
كما يستند المؤيدون للفكرة، إلى أنّ معابر التهريب لم تنقطع، ما يزيد عبء التكاليف على المستهلك الذي هو بالأساس في حالٍ سيء، ويرون أنّه من الأفضل أنْ تكون هذه المعابر رسمية ما يساهم في انخفاض السلع وعلى رأسها الأدوية والمنتجات الزراعية.
من ناحية ثانية يستند المؤيدون لفتح المعابر إلى وجود نصف العائلات في المناطق التي يسيطر عليها النظام، إنْ كان بحكم العمل أو الدراسة، وهؤلاء يضطرون إلى الدخول والخروج تهريباً من وإلى تلك المناطق، بكلفة تقارب الألف دولار أمريكي عن الشخص، إضافة إلى المخاطر التي يمكن أنْ يتعرضوا لها، ويطالب هؤلاء بتغليب الحالة الإنسانية على الموقف السياسي، خصوصاً أن من بين النازحين منْ يحتاج الدخول إلى تلك المناطق لمتابعة شؤون إدارة أرضه الزراعية التي يمكن أنْ تتحول إلى بوّار، خصوصاً بعد السماح لفلاحي بعض المناطق المهجرة بمتابعة أعمالهم الزراعية وإنْ كان بشروط.
أمّا المعارضون لتلك الخطوة فيغلبون الرأي السياسي في تدعيم موقفهم، ويرون في هذه الخطوة تمهيداً لتطبيع قادم مع النظام بموجب اتفاقيات عقدت تحت الطاولة، ويعتقدون أنّ هذه الخطوة جاءت بناءً على اتفاق مسبق أدى إلى تمديد عمل معبر باب الهوى من قبل مجلس الأمن الدولي.
كما يرى هؤلاء أنّ فتح المعابر من الممكن أنْ يكون نافذة تفتح للنظام، خصوصاً أنّه بدأ يشعر بالاختناق بعد تضييق قانون “قيصر” عليه.
وعلى ما يبدو أنّ الوضع المعيشي الصعب وارتفاع إيجار البيوت في مناطق الشمال السوري، جعل أغلب النازحين من المناطق التي سيطر عليها النظام على جانبي طريق M5 من مؤيدي هذه الخطوة، أملاً بأنْ تكون خطوة أولى تمهد لعودتهم إلى مدنهم وفق أي صيغة باتت تعتبر مقبولة بالنسبة إليهم.
ولابد من الإشارة إلى أنّ أغلب النازحين من تلك المناطق، يعتمدون بشكلٍ كلي على الزراعة، وحين فقدوها فقدوا معها مصدر رزقهم، وبدأ الجوع يلاحقهم بعد نفاذ بعض المدخر من المال لديهم، وذلك بالتزامن مع ارتفاع أسعارٍ خرافي في مناطق الشمال السوري، حيث أصبح بدل إيجار المنزل يعادل مرة ونصف بدل إيجار منزل في مدينة اسطنبول التركية.
الملاحظ أنّ المرات السابقة التي كانت تثار فيها فكرة فتح المعابر كانت تحظى بموقف رافض شبه جماعي، أمّا اليوم وبسبب المتغيرات الكبيرة وأهمها العامل الاقتصادي فتبدو الفوارق واضحة في التعاطي مع هذه القضية، وربما يكون واقع الحال، أنّ غالبية سكان الشمال وبشكلٍ خاص النازحون باتوا في عداد المؤيدين لفتح المعابر.
الجدير بالذكر، أنّ المعابر التي تصل مناطق سيطرة النظام في سوريا، مع المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة، لم تغلق من بداية أحداث الثورة، إذْ أنّها استمرت بالعمل لسنوات، وسمحت بالتبادل التجاري بين المناطق، كما سمحت بتنقل السكان بين تلك المدن، باستثناء المطلوبين أمنيّاً.