“نفاق الممانعة” إلى العراق

“نفاق الممانعة” إلى العراق

“نفاق الممانعة” إلى العراق

“نفاق الممانعة” إلى العراق

“نفاق الممانعة” إلى العراق

“نفاق الممانعة” إلى العراق

“نفاق الممانعة” إلى العراق

شارك

“نفاق الممانعة” إلى العراق

“نفاق الممانعة” إلى العراق

جسر: متابعات:
قبل أن تُطفئ الضربات الإسرائيلية على “الحشد الشعبي” شمعة شهرها الكامل، بدأت إيران في تحويلها إلى فرصة لاقتناص الفرص الداخلية. لم يزجوا البلاد في الصراع العربي-الإسرائيلي، ولم يُطلقوا صواريخهم باتجاه تل أبيب، ربما لتجنب ضربات جوية مكلفة لعديدهم وعتادهم. فلهؤلاء مهمة داخلية أكثر الحاحاُ وأهمية لهم ولطهران من خلفهم.

بيد أن نائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي” جمال جعفر آل إبراهيم الملقب بـ”أبو مهدي المهندس”، أعلن أول من أمس تشكيل “مديرية القوة الجوية”، وكُلف “صلاح مهدي حنتوش” الخاضع لعقوبات أميركية منذ 2012، بإدارتها ولو “بالوكالة”. لماذا يُشكل الحشد قوة جوية؟

بالتأكيد لن تتولى هذه القوة الجوية، ضرب القوات الأميركية، أو قطع مئات الكيلومترات جواً لقصف الجانب الاسرائيلي. لهذه القوة هدفان. الأول هو مواصلة تقويض نفوذ الدولة العراقية، ومشروعها برمته. السبب هو أن إيران ترى قيام دولة عراقية تهديداً لمصالحها وأمنها، تماماً كما ينظر النظام السوري إلى محاولات تعزيز الدولة في لبنان. وتأسيس قوة جوية للحشد يُعزز الثنائية القائمة اليوم في العراق، والتي تحرم الدولة المركزية من احتكار السلاح، وتُصادر تدريجياً القرار باستخدامه.

الهدف الثاني للقوة داخلي، إذ أنها تبعث رسائل لمن يعترض على الحشد وديمومته في الساحة العراقية، وتُعيد رسم توازنات داخلية على أساس ترسانة السلاح، تماماً كما حصل في لبنان خلال العقد الماضي.

ومشهد الأسابيع الماضية في العراق، لافت في نسخه بعض النماذج المشرقية من الممانعة، إذ بات هناك مرادف عراقي لـ”شيعة السفارة”، مع التشهير بأسماء صحافيين وباحثين مناوئين لبعض ممارسات الحشد، وتخوينها باسم الصراع مع اسرائيل. هنا تحديداً أهمية “القوة الجوية”، وهي تُبنى بإسم مواجهة العدو الاسرائيلي لتؤدي لاحقاً مهمة داخلية ذات أغراض محددة، لا مجازية (مثل تحرير فلسطين).

ذلك أن استخدام قضية مواجهة إسرائيل والصراع معها، لأغراض داخلية لا علاقة لها البتة بفلسطين أو قتال الاحتلال، من “عدة النصب” المعروفة لهذه القوى. ومن المفيد دوماً عند الحديث عن مفارقات الممانعة، حتى لا نقول “نفاقاً”، تذكر “المعلم الأكبر” في هذا المجال: النظام السوري. أمضى الأب المؤسس، الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، أربعة عقود في حكم سوريا بالقمع حيناً وبالمجازر حيناً آخر تحت رايات العروبة، ثم أورثها لإبنه. لكن العائلة الحاكمة، ولحظة شعورها بالخطر، أبلغت الاسرائيليين علناً بأنهم سيخسرونها لو سقط النظام. ولا بد أن تُسجّل هذه اللحظة في تأريخ الممانعة: عندما قال رامي مخلوف، ابن الخال والمؤتمن على الأموال، لانطوني شديد مراسل “نيويورك تايمز” إن استقرار اسرائيل رهن استقرار سوريا. هو قالها على سبيل التذكير، كون الطرف الآخر يعلم جيداً هذه الحقائق. منذ دخول الأسد الأب وزارة الدفاع في ستينات القرن الماضي وحتى وفاته، خسرت سوريا الجولان، وفتتت المخابرات السورية الفصائل الفلسطينية، وساعدت في تصفيتها مباشرة وبالوكالة، وقاتل الجيش السوري في صفوف التحالف الدولي ضد العراق البعثي. يشهد تاريخ هذا النظام على سلسلة طويلة من الخدمات في سبيل البقاء بأي ثمن. من أجل بقاء هذا النظام، قاتلت الفصائل العراقية المنادية اليوم بمواجهة اسرائيل والولايات المتحدة.

وعلى العراقيين، وحين يُواجهون هذه النسخة الرديئة من الممانعة على أراضيهم، أن يتذكروا الدروس المشرقية الأخرى جيداً، ويضحكوا عالياً عند سماع هذه الشعارات الفارغة.

المدن ٦ أيلول/ سبتمبر ٢٠١٩

شارك