مصطفى دحماني
العلمانية…جدال أم تنظير؟
منذ أكثر من قرن من الزمن، والنقاش لم يهدأ في الفكر العربي المعاصر حول موضوع العلمانية، ومنذ عشرات السنين والسجّال مُستعّر في إشكالية الدين والدولة، بين التيارات الفكرية والسياسية التي تتقاسم خريطة الإيديولوجيا العربية المعاصرة؛ أي منذ منتصف القرن التاسع عشر وبداية ما سمى بعصر النهضة العربية إلى غاية ما يطلق عليه بالربيع العربي في بداية الألفية الثالثة، والكلام لم يتوقف عن الحدود الفاصلة بين الزمني والروحي.
ومن البديهي القول إن الخطاب العربي الحديث والمعاصر هو خطاب سياسي بالدرجة الأولى؛ فقضايا السلطة والدولة والدستور والحكومة والبرلمان والحزب والبرلمان، كانت الشغل الشاغل للفكر العربي منذ أن اكتشف الدولة الحديثة سواء عندما جاءته غازية أو عندما سافر إليها، والجزء الأكبر من كلامه في السياسة، هو كلام في إشكالية الإسلام والسياسة، الدين والدولة، وبالضبط منذ أن كتب بطرس البستاني سلسلة مقالات في مجلة “نفير سوريا” عن الوطن والوطنية وعن الجماعة الوطنية عقب الفتنة الطائفية في لبنان عام 1960، مرورًا بالمناظرة الشهيرة بين مفتي الديار المصرية الشيخ محمد عبده والأديب اللبناني فرح أنطون إلى غاية الحوارات الدائرة بين الباحثين العرب في الندوات والملتقيات والبرامج، التي تحاول الإجابة عن الأسئلة الحرجة المتعلقة بالثنائيات التالية: الرابطة الوطنية والرابطة الدينية، الدين والدولة، الإسلام والسياسة، الزمني والروحي.
ولهذا لا نجانب الصواب، إذا قلنا إن موضوع العلمانية هو من أكثر المواضيع التي نالت حصة الأسد من النقاش والسجال ومن المناظرات، كما أن مفهوم العلمانية هو من أكثر المفاهيم استخداما في الخطاب العربي المعاصر،معنى ذلك أن هناك شيء ما في الواقع التاريخي/الإجتماعي السياسي يستدعى الموضوع ويدعو إلى توظيف المفهوم،سواء على مستوى الخطاب السياسي أو الخطاب الفكري أو الخطاب الديني. وثمة ملاحظة في هذا الصدد،و هي أن النقاش السياسي والفكري حول العلمانية،حتى في الدول الأكثر تمدناً والأكثر علمانية، لم يتوقف ولن يتوقف،بل أن حدة النقاشات إزدادت حول موقع الدين في الفضاء العام، كما أن الدراسات والأبحاث المتعلقة بالعلمانية، تكاثرت في السنوات الأخيرة في أوروبا وفي أمريكا وحتى في الصين وروسيا، هذا بالتوازي مع ظهور وانتشار الأصوليات الدينية، حيث يلاحظ انتشار الرموز الدينية في المجال العام في كل مكان في العالم، كما لا يخفى على أحد المعارضات التي تبديها المؤسسات الدينية في الغرب، وخاصة مؤسسة الكنيسة تجاه بعض القضايا الأخلاقية/الاجتماعية، وبالإضافة إلى العودة القوية لظاهرة التدين في كافة أرجاء المعمورة؛ معنى ذلك أن مقولة حتمية العلمنة الكونية بات يساورها الشكوك، كما أن تزعزع الاعتقاد السائد عند البعض من أن العلمانية أصبحت أمرًا مقضيا، وأن الحداثة والتحديث قد قضت قضاءً مبرمًا على ما كان للدين من حيز في المجال العام.
ما جعل الكثير من العلماء والفلاسفة يعيدون النظر في مسلمات الحداثة وينتقدون فلسفة التنوير، ويشككون في حدود المعرفة والعقل، وهذا شيء طبيعي في تاريخ الأفكار. هذا على المستوى العالم الغربي، أما على المستوى العربي/ الإسلامي، فالمسألة تبدو أكثر تعقيدًا، بالنظر إلى التأخر التاريخي، حيث تشابك الدين بالسياسة والدولة، بالإضافة إلى الاستقطاب الحاد الذي قسم الساحة الفكرية/السياسية العربية إلى قسمين؛ أحدهما يُقدس العلمانية والآخر يدنسها، كما أن حدة الشجار بين تيارين متناقضين، ضاعف من حجم غموض الفكرة وزاد في التباس المفهوم بسبب كثرة التشويش الذي يتعرض له من طرف قوى وتيارات ومؤسسات، بل ودول هدفها الرئيس كبح جماح الفكر التقدمي، وبالتالي هذه القوى الماضوية لديها القدرة على إجهاض أي مشروع نهضوي !
أما اللغط والثرثرة في إشكالية السلطة السياسية والسلطة الدينية، وفي تاريخ العلمانية وفي المعنى اللغوي للمفهوم، هل العلمانية بكسر العين وأم بفتحها، فحدث ولا حرج، خاصة في وسائل الإعلام. ولكن رغم هذا الضجيج الإعلامي، هناك كتابات ودراسات وأبحاث جادة، حاولت أن تُقارب المسألة من منظور مختلف ومن زاوية موضوعية وبرؤية عقلانية وبقراءة نقدية. وقد بدأ هذا النوع من الدراسات يشق طريقه في الساحة الفكرية العربية في السنوات الأخيرة، محاولاً النبش في جذور المفهوم وتعمل على الكشف عن السياقات التاريخية التي تشكل فيها، وعن السيرورة العلمانية وتطبيقاتها المختلفة في فرنسا وإنكلترا وأمريكا، بعيدًا عن الصخب السياسي وضوضاء المناظرات في الفضائيات التي تشبه صراع الدِيكة. ولا نغالي إذا قلنا إن هناك فعلاً اتجاها في الفكر العربي المعاصر، أكاديمي يتسلح بالمناهج الحديثة ويمتلك أدوات المعرفة الفكرية والفلسفية، ويروم القبض على حقيقة ما جرى في التاريخ الأوروبي الحديث، وخاصة فهم وإدراك والوعي بالتجربة النهضوية الأوروبية التي تحققت على أرض الواقع من خلال الحداثة والتنوير والعقلانية، وفهم تلك الثورات التي قطعت مع النظام المعرفي للعصور الوسطى، من قبيل الثورات الكبرى التي شهدها أوروبا، فالثورة العلمية قطعت مع المعرفة اللاهوتية والثورة الفكرية قطعت مع طريقة تفكير القرون الوسطى والثورة السياسية قطعت مع النظام السياسي السلطاني والثورة الاجتماعية قطعت مع النظام الاجتماعي/ الإقطاعي. وبالفعل هناك محاولات لاكتساب وعي معرفي بالواقع العربي وبالتاريخ الإسلامي، والعمل جاهدًا على بناء نظرية علمانية تناسب الواقع التاريخي والاجتماعي والخصوصية الثقافية، والهدف هو تفكيك النظام المعرفي اللاهوتي وكذلك لإيجاد صيغة مناسبة لترتيب العلاقة بين الدين والدولة من جهة، وبين الدين والسياسة من جهة أخرى، رغم الضغوطات والتهديدات والمناخ الثقافي الفقهي الغالب، ورغم الجو الماطر والإعصار! وهذا ما قام الشيخ علي عبد الرازق (1966-1888) في كتابه “الإسلام وأصول الحكم” وطرح فيه فكرة بسيطة، وهي أن الإسلام دين وليس دولة، الإسلام قدم مشروعا دينيا، ولم يقدم مشروعا سياسيا.
ولا يختلف اثنان على أن المقاربة الأكاديمية؛ أي الدراسات العلمية الرصينة، باتت مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى؛ لأنها المقاربة الأجدر للقيام بمهمة إزالة الغموض الذي يكتنف العلمانية، مفهوما وموضوعًا؛ لأن السِجّال الحاصل في الحواضر العربية حول العلمانية، في الدراسات الفكرية وفي وسائل الإعلام والصحافة، لم يزد الموضوع إلا تعقيدًا، بل وألقى عليه هالة من الضبابية عند عامة الناس وخاصتهم.
ولا شك في أن السجّال والجدال والنقاش يُنشّطون الفكر ويرفعون من منسوب الحس النقدي، لكن السجال بلا هدف، قد لا ينتج نظرية ولا يفرز رؤية علمية، وكل ما أنتجه الجدال هو عبارة عن طروحات وطروحات مضادة؛ فالطرف الأول في الجدال الدائر في الساحة السياسية ينادي بصوت عالٍ: الإسلام هو الحل! والطرف النقيض يرد عليه: العلمانية ضرورة حضارية[4]! الطرف الأول يرفع شعار: العلمانية هي من الحلول المستوردة، وقد جنت على أمتنا! والطرف الثاني النقيض يرد عليه: العلمانية هي الحل! والطرف الأول يرى أن العلمانية شكل من أشكال التغريب- occidentalisation – ويأتيه الرد سريعا من الطرف الثاني، أن العلمانية هي فقط جانب من جوانب عقلنة المجتمع. وفي هكذا نوع من الجدال، تغيب المعرفة، ويضيع الفهم الصحيح وتضؤل مجالات بناء تصورات عقلانية وعلمية حول هكذا نوع من القضايا المثيرة للجدل.
الرابطة…وطنية أم دينية؟
ولهذا لم يكن طرح فكرة العلمانية وليد الصدفة في الفكر العربي الحديث والمعاصر، بل كان طرحًا عن وعي بأهمية الفكرة من الناحية السياسية والاجتماعية والثقافية. وكان بطرس البستاني أول من طرح الفكرة، عن قناعة بضرورة البحث عن حل للاقتتال الطائفي بين الدروز والمارونيين الذي جرى عام 1860؛ فالتمدن عنده مشروط دائما بمبدأ الفصل بين مجال الدين ومجال السياسة وفي هذا الصدد يقول: “.. ما دام قومنا لا يميزون بين الأديان التي يجب أن تكون بين العبد وخالقه والمدنيات التي هي بين الإنسان وبين وطنه، أو بينه وبين حكومته، والتي عليها تبنى حالات الهيئة الاجتماعية والنسبة السياسية بين هذين المبدأين المتميزين طبعا وديانة، لا يؤمل نجاحهم في أحدهما ولا فيها جميعا..”. ومن هذا المنطلق، يرى البستاني أنه لابد من “وضع حاجز بين الرئاسة؛ أي السلطة الروحية والسياسة أي السلطة المدنية؛ وذلك لأن الرئاسة تتعلق ذاتًا وطبعا بأمور داخلية ثابتة لا تتغير بتغير الأزمان والأحوال. بخلاف السياسة، فإنها تتعلق ذاتًا وطبعا بأمور خارجية غير ثابتة وقابلة للتغيير والإصلاح حسب المكان والزمان والأحوال. لذلك كان المزج بين هذين السلطتين المتميزين طبعا والمتضادتين في معلقاتهما وموضوعهما من شأنه أن يوقع خللا بينًا وضررًا واضحًا في الأحكام والأديان، حتى لا نبالغ إذا قلنا إنه يستحيل معه وجود التمدن وحياته ونموه.
إنه خطاب واضح ومحدد، خطاب يفصل الدين عن الدولة، ويرى ذلك شرطًا أساسيًا من شروط النهضة والتمدن؛ لأن وظيفة الدين في نظره تختلف وتتمايز عن وظيفة الدولة، الدين يهتم بالجانب الروحي والدولة ترعى الشؤون الزمنية. أما شبلي شميل، فيتناول فكرة الفصل بين الدين والدولة، انطلاقا من مبدأ أساسي من مبادئ الليبرالية هو مبدأ الحرية؛ إذ يرى أن الحرية ضرورية لتأسيس الإرادة العامة، والإرادة العامة للشعب أو للمجتمع هي التي تستهدف الخير العام ولا يمكن بناء الاتفاق أو بالأحرى التوافق على مفهوم الخير العام، وإذا لم تتوافر الحرية وبالأخص حرية الفكر وفي نظر هذا الطبيب، لا وجود لإرادة عامة داخل المجتمع من دون وحدة اجتماعية وللوصول إلى هذا الهدف، لابد من فصل الدين عن السياسة؛ أي فصل التصورات والمفاهيم اللاهوتية/ الميتافيزيقية/ الغيبية عن المجال السياسي الدنيوي الواقعي، والسبب في ذلك هو أن الدين عنصر أساسي في التفرقة بين الناس وفي انقسام المجتمع، ليس الدين بعينه هو الذي يفرق الناس ويقسم المجتمع، ولكن رجال الدين الذين يمسكون بالسلطة الدينية، مما يؤدي إلى إضعاف الشعوب والأمم، والدليل القاطع على ذلك أن الدول الأوروبية أصبحت قوية، في ظرف تاريخي وجيز، عندما حطم الإصلاح الديني بزعامة مارتن لوثر وجان كالفن سلطة الإكليروس على المجتمع، كما أن هذه الأمم صارت متقدمة عندما قضت الثورات السياسية وخاصة الثورة الفرنسية –وهي أول ثورة لائكية في التاريخ – قضاءً مبرمًا على رجال الدين “الكهنوت” وقوضت سلطة الكنيسة وعلى العكس من ذلك، الأمة الإسلامية والشعوب العربية أضعفها رجال الدين، يقصد بذلك الفقهاء والأئمة والدعاة ومؤسسو المذاهب الفقهية أي الذين احتكروا “.. تأويل وتفسير الحقيقة الدينية وأسسوا العلوم زائفة، والتي انبثقت عنها شرائع وأنظمة حكم زائفة، حيث تجاوز الحكم الديني والنظام الاستبدادي، وهما نظامان ليس فقط فاسدين، بل هما غير طبيعيين وغير صحيحين..”.
ومن البديهي القول في هذا الصدد، أن نظام الحكم الديني يؤسس لنظام طبقي بامتياز، حيث يصبح النظام الاجتماعي تراتبيًا؛ وذلك طبقا لمشروعية دينية، كما أن السلطة الدينية تشكل عائق حقيقي أمام نمو وتطور العقل الإنساني والتطور هو قانون الطبيعة والكون. ولهذا، فالنظام المدني هو نظام طبيعي؛ لأنه يترك الإنسان أن يعيش وفق الطبيعة وقوانينها وهي أن كل الاشياء وكل الكائنات في تطور مستمر والتطور يتحقق بالصراع من أجل البقاء، وبالتالي على حسب نظرية التطور، البقاء دائما للأصلح والأفضل!
وفي نفس السياق، يذهب الأديب النهضوي فرح أنطون (1874-1922) إلى أن أهم أسس التقدم تكمن ليس بتكريس الارتباط بين الدين والدولة- وهذا ما كان سائدا طوال التاريخ العربي / الإسلامي منذ اجتماع سقيفة بني ساعدة- ولكن بالفصل بينهما، وليس بالدعوة إلى الجامعة الإسلامية- التي كان يدعو إليها جمال الدين الأفغاني، ولكن بالتأكيد على الروابط الوطنية، وليس بالتشبث بالدين، وإنما الأخذ بالعلوم والمعارف الإنسانية، وليس التفكير بالعواطف الدينية، بل التفكير العقلاني الحر. وبالتالي شروط النهضة العربية عنده، واضحة المعالم ومحددة بدقة، في ثلاثة مفاهيم/مفاتيح هي العلم والعقل والعلمانية، كما أن أسس المجتمع المدني كان يراها مُجسّدة في مبادئ العلم والعقل والتسامح والعدالة والحرية، وهي مبادئ كونية إنسانية، لا يمكن أن ترى النور على أرض الواقع من دون مبدأ أساسي هو مبدأ الفصل بين الدين والسياسة، أولا ثم الفصل بين الدين والدولة ثانيًا. وفي بداية القرن العشرين، قام الشيخ محمد عبده (1849- 1905) بالرد على فرح أنطون، فيما يخص مسألة الإسلام والسلطة السياسية؛ إذ نفى الشيخ نفياً قاطعاً وجود سلطة دينية في الإسلام، وميِّز في سياق الرّد بين السلطة المدنية في الإسلام والسلطة الدينية؛ ففي اعتقاد الشيخ لا يجوز الجمع بين السلطتين. وعليه يؤكد أن الإسلام المعياري (إسلام النصوص) لا يسمح: “.. أن يَخْلِطَ الخليفة عند المسلمين، بما يسميه الإفرنج ثيوقراطياً أي سلطاناً إلهيًا، فإن ذلك عندهم هو الذي ينفرد بتلقي الشريعة عن الله، وله حق الأثرة بالتشريع، وله في رقاب الناس حق الطاعة لا بالبيعة، وما تقتضيه من العدل وحماية الحوزة، بل بمقتضى الإيمان، فليس للمؤمن ما دام مؤمناً أن يخالفه، وإن اعتقد أنه عدو لدين الله، وشهدت عيناه من أعماله ما لا ينطبق على ما يعرفه من شرائعه..”[12] هكذا يُسَّاجل الشيخ محمد عبده بحرارة ضد فكرة وجود سلطة دينية في الإسلام، وينكر جَمْعَ السلطتين الدينية والسياسية في يد شخص واحد، ويكاد يجزم أن الإسلام ليس فيه: “… تلك السلطة التي كانت للبابا عند الأمم المسيحية، عندما كان يعزل الملوك ويحرم الأمراء، ويقرر الضرائب على الممالك ويضع لها القوانين الإلهية ..”. ويذهب الشيخ بعيداً في خطاب التبرير مؤكدا على مقولة أن الخليفة عند المسلمين، ليس خليفة الله، بل خليفة الرسول وهذا المنصب هو منصب سياسيّ وليس دينيّ، قائلا إن : “..الخليفة عند المسلمين ليس بالمعصوم ولا هو مهبط الوحي ولا من حقه الاستئثار بتفسير الكتاب والسنة ..”. وغني عن البيان القول إن طرح فكرة الفصل بين الزمني والروحي في دنيا العرب في العصر الحديث، أملته عدة اعتبارات سياسية وحركته عدة دوافع ثقافية، والحقيقة أن ملف العلاقة بين الدين والسياسة، بين الدين والدولة وضع على طاولة المفكر العربي النهضوي، له أسباب نزول نجملها في ثلاثة عوامل؛ العامل الأول عندما اندلعت الاشتباكات بين الملل والنحل في منطقة الشام، عام 1860، والعامل الثاني هو فكرة الجامعة الإسلامية التي طرحها السيد جمال الدين الأفغاني، والعامل الثالث هو سفر المثقف النهضوي إلى أوروبا والعيش هناك ردحًا من الزمن واحتكاكه مباشرة بالدولة العلمانية الحديثة.
العلمانية.. دفاع أم هجوم؟
ما يميز الفكر العربي هي طرح ومناقشة وترديد نفس الموضوعات ونفس الإشكاليات ونفس القضايا منذ أكثر من مائة وخمسين سنة؛ فبعض الموضوعات قد تختفي فترة من الزمن لكنها تعود لتطرح من جديد، وهذا حال موضوعة العلمانية، فقد عادت السجّالات في إشكالية الدين والسياسة، والسبب الأول في ذلك يرجع إلى الواقع السياسي العربي، الذي يعيش حالة استقطاب حادة وغير مسبوقة، منذ منتصف القرن العشرين، بين دعاة الدولة الإسلامية أو بعبارة أصح الدولة الدينية وهم الأكثر عددًا والأكثر صخبا، وأنصار الدولة الوطنية العلمانية، وهم وإن كانوا نخبة وقلة قليلة، لكنها قلة موجودة بقوة في قطاعات حساسة مثل الجيش والإدارة والثقافة.
أما السبب الثاني، فهو أن المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج، إن كانت تتميز بشيء، فهي تتميز بظاهرة تبدو غريبة على العصر وعلى العالم، هي ظاهرة “تسييس الدين وتديين السياسة” التي لازمت التاريخ العربي/الإسلامي منذ انفجار مشكلة الخلافة وحتى اليوم، وهي في الحقيقة ظاهرة لا تخفى على عين الملاحظ، منذ قيام الخلافة الأموية التي تبنت إيديولوجيا الجبر وتكرست مع الخلافة العباسية التي كان فيها الحاكم خليفة الله في الأرض، وازدادت المسألة حدة مع الخلافة العثمانية السنية، واستمرت بشكل مكثف مع نشوء الدولة الوطنية. وما ينبغي الإشارة إليه أنه في إطار الدولة الوطنية الناشئة بالتزامن مع الحقبة الليبرالية العربية في عشرينيات القرن الماضي، قام بعض المفكرين العرب بتجديد الدعوة للحل العلماني، طبعًا في اتجاه العقلانية والتنوير، بالدفاع بحماسة عن مبدأ الحرية وما يلزمها من التفكير الحر وحرية التعبير حرية الاعتقاد، وكانوا يعتقدون أن العرب إما يدخلون التاريخ بالعلمنة أو يخرجون نهائيا من التاريخ بفكرة الإسلام دين ودولة، نذكر منهم أحمد لطفي السيد(1872- 1961) وعلي عبد الرازق(1888- 1966) وسلامة موسى (1888- 1958) وطه حسين(1889- 1973) وزكي نجيب محمود(1905- 1993)، واستمر الطرح مع الفكر اليساري العربي، مع ياسين الحافظ(1930- 1948) وغالي شكري(1935- 1998) وسمير أمين(1931- 2018) وعبد الله العروي والنفس العلماني تواصل مع كتاب ومفكرين، منهم صادق جلال العظم(1934- 2016) وناصيف نصار ونصر حامد أبو زيد(1943- 2010) وفرج فودة (1945- 1992) وعبد الإله بلقزيز وعزيز العظمة وعبد المجيد الشرفي. وهناك من الباحثين العرب، من تناول الفكرة من منظور البحث في شكل العلاقة التي كانت في التاريخ الإسلامي بين الدين والسياسة، نذكر منهم العلاَّمة حسين مروة (1910- 1987) في كتابه الضخم “النزعات المادية في الفلسفة العربية-الإسلامية” والمؤرخ هشام جعيط (1935- 2021) في كتابه السردي “الفتنة ..جدلية الدين والسياسة” ومحمد عابد الجابري في كتابه “العقل السياسي العربي” وعبد الاله بلقزيز في مشروعه الفكري بجزئيه “النبوة والسياسة” و”الفتنة والانقسام”. وغني عن البيان القول إن طرح العلمانية في الفكر العربي الحديث والمعاصر كان تعبيراً عن أزمة حقيقية، طرحها ميلاد الدولة الوطنية؛ إذ طرح سؤال مكان الدين في الاجتماع والسياسة وفي المجال العام، خاصة بعد نشوء ما يسمى بالدولة الوطنية؛ إذ فشلت النخب الفكرية والسياسية في إيجاد الصيغة المناسبة للعلاقة بين الدين والدولة، بين الفرد والمجتمع. وعلى الرغم من أن الفكر العربي الحديث كان هجوميًا في عرض فكرة العلمانية، باعتبارها شرطا لا مناص منه، بل ومن أهم شروط النهضة والتقدم، لكنه رَكَن للدفاع فيما بعد، تاركًا الساحة لدعاة مقولة “الإسلام دين ودولة” وهو الشعار التي رفعه مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا عام 1928. ولهذا تميز التيار العلماني العربي في النصف الثاني وحتى نهاية القرن التاسع عشر، بالاندفاع والهجوم وعدم التحرج في القول إن العلمانية هي الحل، ثم تحول فكر هذا التيار إلى فكر دفاعي، يرافع عن براءة العلمانية من تهمة الإلحاد، والقول إنها لا تتناقض مع الإسلام وإنها لا تعادي الدين. ولا ننسى كذلك أن الخطاب العربي الحديث والمعاصر بدأ سجاليًّا فيما يتعلق بالمسألة العلمانية، وظل كذلك طيلة القرن العشرين، ولم يبرح موقع السجًّال، إلا فيما ندر ومع قلة من الباحثين خاصة في السنوات الأخيرة، هذه القلة تحاول كما ذكرنا سابقًا الانتقال من إشكالية العلمانية من موقع السجّال والشجّار إلى موقع الدراسة الأكاديمية الرصينة، قصد التأسيس الفلسفي والتنظير العلمي وبهدف تبيئة المفهوم وإدماجه في الثقافة العربية/الإسلامية. وقد تنوعت مقالات العلمانيين العرب التي تناولت إشكالية الدين والدولة في الربع الأخير من القرن العشرين، بين التبرير والدفاع أحيانا والهجوم ونقد الخصوم أحيانا أخرى، لذا اكتفى بعضها باختيار خندق الدفاع وانتهج نهج التبرير، فيما قاد بعضها هجوما حادا على عدة جبهات ضد خصوم العلمانية من الأصوليين والعقلانيين، ولكن تحسب للمفكر العربي العلماني روح البطولة في الكتابة والشجاعة في الطرح والجرأة في القول، إلى درجة أن بعضهم دفع حياته ثمنا بسبب موقفه العلماني، ومن بينهم الكاتب فرج فودة الذي اغتيل عام 1992 والمفكر نصر حامد أبو زيد الذي تعرض لكافة أنواع المضايقات من بينها محاكمته ونفيه وتطليقه من زوجته. ومن بين مقالات العلمانيين العرب، التي تستحق أن نتوقف عندها، مقالات المفكر القومي الماركسي، ذي الأفق الليبرالي – ياسين الحافظ، ومقالة المفكر العقلاني -النقدي فؤاد زكريا (1925-2010) والباحث في حفريات التراث نصر حامد أبوزيد.
يرى ياسين الحافظ أن المجتمعات العربية متأخرة تاريخيا وجاهزة للهزيمة داخليا بالحروب الأهلية، الحرب – الأهلية اللبنانية (1975- 1989) نموذجًا- وخارجيا، بالقابلية للاستعمار. فهذه المجتمعات تعاني من الانقسامات الاجتماعية الحادة على المستوى العمودي، انقسام عصبوي وعرقي ولغوي وديني وطائفي، وبالتالي ولاء الأفراد والجماعات للطائفة والعشيرة والقبيلة؛ لأن الدولة الوطنية في العالم العربي فشلت فشلا ذريعًا في تحقيق الاندماج الوطني، وفي توجيه ولاء المواطنين نحو الدولة. ولهذا يرفع ياسين الحافظ شعار، أنه لا حل إلا من خلال الديمقراطية والعلمانية، والعلمانية التي يقترحها هي “.. العلمنة الشاملة التي تطال مجموع بُنى المجتمع وقطاعاته في كليتها غير القابلة للفصل…علمنة اجتماعية وثقافية تضع حدا للأسباب التي تنجب الطائفية السياسية…و هكذا فالعلمانية عند ياسين الحافظ، هي علمانية راديكالية وقاطعة ولا تقبل أقل من التعبير عن نفسها في المجالين الأكثر حيوية وحساسية: الاجتماعي والثقافي…إنها العلمانية التي تؤدي إلى الاندماج القومي…إنها بهذا المعنى ليست ما عنته في موطنها الأصلي كنضال ضد الكنيسة وضد السلطة الدينية من أجل تحرير الفرد والمجتمع من استتباعهما لهما، بمقدار ما هي نضال من أجل الديمقراطية والمواطنة التي تحرر الناس والمواطنين من علاقات استتباع سياسي باسم الانتفاع الطائفي تصادر مواطنيتهم في الدولة، وتذرر المجتمع وتهتك نسيجه الداخلي…”.
أما فؤاد زكريا، فقد أنتج فكر علماني شديد الوضوح، وقدم خطاب علماني ملفوف في بطانة عقلانية/ تنويرية، في ظرفية تاريخية تعج بالحروب الطائفية والعصبوية، سياق تاريخي ارتفعت فيه أسهم مفهوم الثورة، كما أنه خطاب تشكل في خضم الصراعات الإيديولوجية بين القوى الفكرية/السياسية في الداخل العربي، بين اليمين واليسار، وصراعات القوى الوطنية مع القوى الخارجية الإمبريالية/الاستعمارية. ولو لا هذه الظروف والمعطيات التاريخية، ما كان ليكون هناك خطاب علماني يدعو صراحة إلى فصل الدين عن السياسة أولا وفصل الدين عن الدولة ثانيا، كما أنه خطاب يمتلك نفسا حجاجيا، وجاء في سياق سنوات الغليان، وتمت صياغته ضمن مناخ سياسي واجتماعي ثقافي بالغ السوء، وكل شيء فيه يشير إلى الانحطاط والتراجع.
وقد صاغ فؤاد زكريا مقالته الداعية إلى العلمانية باعتبارها هي الحل لأوضاع التأخر التاريخي ولمجتمعات مريضة بدينها، ولذلك فهاجس التخلف والتأخر والتراجع كان هو محرك الدعوة عند صاحبنا؛ فالعلمانية بالنسبة إليه ليست مجرد فكرة أو مشروع يناقض المشروع الأصولي، بل إنها حل تاريخي للمأزق تاريخي. إنها ليست مسألة تقنية لحل مشكلة العلاقة بين الدين والسياسة، بين الدين والدولة، بل إنها حل حضاري.
أما نصر حامد أبوزيد، فقد تناول الفكرة من زاوية الرد على الشيخ الخطيب عبد الصبور شاهين القائل إن العلمانية تعادي الدين، وهي الإلحاد بعينه، فيكتب قائلا دفاعا عن العلمانية إنها: «.. ليست نمطا من التفكير معاديا للدين، بل هي تعادي التأويل الكنسي –تأويل رجال الدين- الحرفي للعقائد، وتناهض محاولة الكنيسة فرض تأويلها من أجل هيمنتها وسيطرتها. إنها نمط من التفكير يناهض الشمولية الفكرية والانطلاقية العقلية للكنيسة؛ أي لرجال الدين، على عقول البشر حتى في شؤون العلم والحياة الاجتماعية…العلمانية هي مناهضة حق “امتلاك الحقيقة المطلقة” دفاعا عن النسبية وعن التاريخية والتعددية وحق الاختلاف، بل وحق الخطأ………” ولا يكتفي نصر حامد أبوزيد بالدفاع عن العلمانية، بل ويقوم بهجمة مرتدة يبين فيها مزايا العلمانية قائلاً: “..و في ظل العلمانية ازدهرت الأديان وتحرر أصحابها من الاضطهاد والمطاردة والمصادرة…العلمانية ليست بالضرورة مضادة للعقيدة، بل إن الإسلام هو الدين العلماني بامتياز؛ لأنه لا يعترف بسلطة الكهنوت….”[18] ولهذا ففصل الدين عن السياسة عنده ليست قضية من القضايا التي لا يمكن ترحيلها إلى المستقبل أو تأجيلها أو تركها لمكر التاريخ يفعل فيها ما يشاء، بل هي قضية وجودية، فإما العلمانية أو الكارثة[19]. وسوف يتدفق سيل الكتابة في موضوعة العلمانية مع سرديات ونصوص تنحو منحى الدراسة والبحث؛ أي تأليف كتاب كامل عن المفهوم والمصطلح والسياقات التاريخية التي تشكلت فيها العلمانية في التاريخ الأوروبي الحديث، ونذكر منها في هذا الصدد، وهذا على سبيل المثال وليس الحصر “الأسس الفلسفية للعلمانية” لعادل ضاهر والعلمانية من منظور مختلفʺ لعزيز العظمة والدين والعلمانية والديمقراطية ʺ للتونسي رفيق عبد السلام والدين والعلمانية في سياق تاريخي ʺ لعزمي بشارة. ودون أن ننسى طبعا كتابات جيل كامل من المفكرين العرب، تجمع بين الطرح الموضوعي والمنهج العقلاني –النقدي والطرح السجالي، وهم كثر نذكر من بينهم وجورج طرابيشي (1933-2016) ومحمد أركون (1930-2010) وعبد الإله بلقزيز وعبد الوهاب المسيري وكمال عبد اللطيف. ولكن ما يلاحظ، هو أن بعض المفكرين العرب يرفضون حتى طرح الفكرة للنقاش، ومنهم المفكر المغربي صاحب مشروع نقد العقل العربي، محمد عابد الجابري (1935- 2010) الذي كان موقفه من العلمانية واضحا كل الوضوح؛ إذ يرفضها من كل النواحي، من حيث الشعار واللفظ والمعنى والأغراض، ويقترح استبدال شعار العلمانية بشعار العقلانية والديمقراطية. وهكذا يرفض الجابري فكرة الفصل بين الدين والدولة بحجة أن “الإسلام ليس كنيسة كي نفصله عن الدولة”؛ لأن شعار العلمانية في نظره شعار مزيف ومُلتبس قائلا: ʺ.. مسألة العلمانية في العالم العربي مسألة مزيفة؛ بمعنى أنها تعبر عن حاجات بمضامين غير متطابقة مع تلك الحاجات. إن الحاجة إلى الديمقراطية التي تحترم حقوق الأقليات والحاجة إلى الممارسة العقلانية للسياسة هي حاجات موضوعية، فعلا إنها مطالب معقولة وضرورية في عالمنا العربي ولكنها تفقد معقوليتها وضروريتها عندما يعبر عنها بشعار ملتبس كشعار العلمانية.. وفي رأيي إنه من الواجب استبعاد شعار العلمانية من قاموس الفكر العربي وتعويضه بشعاري الديمقراطية والعقلانية..”.
وبخصوص حجة أن الإسلام ليس كنيسة كي نفصله عن الدولة، يرد عليه الناقد السوري جورج طرابيشي بأن تعريف العلمانية هو فصل الدين عن الدولة، وليس فصل الكنيسة عن الدولة، والإسلام دين، الإسلام إذن يقبل الفصل عن الدولة. وفي نفس سياق الرفض يرى حسن حنفي، أن فكرة العلمانية فكرة دخيلة مستوردة، المسلمون والعرب لسنا في حاجة إليها، فالإسلام في نظره لا يحتاج إلى علمانية غربية، فالرفض هنا مؤسس بحجة أن المفهوم مأخوذ من العجم؛ أي مرفوض بدعوى أن هذا المفهوم ليس مفهوما عربيًا/إسلاميا؛ لأنه مترجم عن اللغة اللاتينية؛ أي إنه دخيل على اللغة العربية وغريب عن السياق التاريخي العربي وأجنبي عن الثقافة الإسلامية.
خلاصة واستنتاج
ما نخلص إليه هو أن هذه النصوص والمقالات التي ترفض أو التي تقبل العلمانية، ساهمت بقدر كبير في الرفع من منسوب النقاش في الفكر العربي، في هذه المسألة المثيرة أصلا للجدل، كما زادت من نسب الاهتمام والمتابعة عند جيل من المثقفين، وشجعتهم من عبور حالة التردد والدفاع، والتي كانوا عليها في الماضي، إلى حالة الهجوم التي بدأت في السنوات الأخيرة. البعض منهم وظف في دراساته المنهج السوسيو- التاريخي من أجل معرفة المسار التاريخي الذي عرفته العلمانية، سواء في أوروبا الغربية أو في العالم العربي والمنطقة الإسلامية، وهذا النوع من الدراسات يتطلب من الباحثين العودة إلى التاريخ وعرض بعض الأحداث، سواء في تاريخ المسيحية أو تاريخ الإسلام، كما أن بعض الدارسين استخدم المنهج التحليلي النقدي في قراءة سيرورة العلمنة. كما قام ثلة من الدارسين بتوظيف كل ما من شأنه الحفر والتنقيب في إشكالية العلمنة، من مناهج ومفاهيم ومقولات العلوم الإنسانية؛ لأنها وحدها القادرة على مقاربة قضايا وهموم ومشكلات المجتمعات العربية. ولسنا في حاجة لشرح كبير للقول إن هذه الكتابات والنصوص في موضوع العلمانية قد ساهم في الدفاع عن العقلانية والاستنارة من ناحية، وفي صد هجوم خصوم الحداثة. لكن تبقى المكتبة العربية تعاني من نقص في هذا النوع من الدراسات، وهذا عكس ما هو موجود في اللغات الأوروبية خاصة الفرنسية والإنكليزية والألمانية، علما أن موضوع العلمانية، كما هو معروف موضوع في حد ذاته يتسم بالصعوبة والتعقيد، فالعلمانية كما لا يخفى على أحد، موضوع يتشابك مع التاريخ والدين ويختلط فيها العلم والفلسفة، بالإضافة إلى أن مسار العلمنة في أوروبا منذ ظهور المسيحية وتأسيس الكنيسة، ثم التداخل الزمني والروحي ومرورا بعصر النهضة وحركة الإصلاح الديني والثورة الفرنسية إلى غاية تشكيل الدولة العلمانية، كل ذلك يعد مسارا طويلا ومعقدا ومليئا بالأحداث الجسام. ولهذا من الصعوبة بمكان الإلمام بجميع التفاصيل والقبض على جميع الأجزاء التي يتركب منها تاريخ العلمنة، سواء على مستوى التاريخ الأوروبي أوعلى مستوى التاريخ العربي/الإسلامي. وفي هذا الصدد، علينا أن نتذكر أن العلمانية ليست موضوعا غربيا محض صرف، وليست إشكالية تتوقف عند حدود العالم الغربي كما يتوهم البعض، كما أن مفهوم العلمانية لا يكتمل معناه عند حقبة تاريخية معينة ولا يتوقف فقط بالغرض الأول الذي نشأ من أجله، وهو فصل الكنيسة عن الدولة كما يزعم الكثير من الرافضين للعلمانية.
المصدر: مؤمنون بلا حدود