أطلق مقتل ٤ جنود اميركيين في منبج موجة اهتمام اعلامي واسعة النطاق لمواكبة الحدث، وتمت ملاحقة ردود فعل مختلف الأطراف لحظة بلحظة، في هذه الاثناء كانت أسر الضحايا السوريين تدفن أشلاء أبنائها بصمت مطبق، وبعيداً عن أضواء الكاميرات أو اهتمام الجهات السياسية، التي اشارت إليهم عرضا في بياناتها كرقم، بل وتضاربت الأرقام، ولم يكترث أحد بذكر حصيلة مؤكدة.
أحد كبار المسؤولين السياسيين في الولايات المتحدة، وهو السيناتور الأميركي الشهير ليندسي غراهام، الذي زار منبج في وقت سابق، قال في تصريح له أن المطعم الذي حدث فيه التفجير قد يكون ذاته الذي تناول فيه الطعام في زيارته. لقد تذكر حجارة المطعم ومذاق الأطعمة السورية بكل تأكيد، لكنه نسي وجوه أولئك البائسين الذين صادفهم في الاسواق، وقد انهكتهم عقود الاستبداد، و سنوات من حروب الآخرين على أرضهم، ولم يذكرهم ولو بإشارة.
المؤلم أكثر، أن ما من وسيلة إعلامية سورية، أو حتى صفحة فيسبوك، في منبج أو غيرها غيرها، رصدت أو غطت تشييع أي من الضحايا، واقتصر عمل
تلك الوسائل على ترديد الاتهامات التي تتقاذفها أطراف الصراع السياسية، كل حسب اصطفافه، فمنهم ممن كان يسعى لإثبات أن تركيا وراء التفجير للضغط على ترامب وتعجيل الانسحاب، ومنها ما قال أن قسد وراءه لمنع الأمريكيين من الانسحاب، وبين هذا وذاك يمررون بعض الأرقام والاسماء عرضا، لإخوتهم السوريين الذين لا علاقة لهم بالسياسة غالباً، وكان مرورهم في السوق في تلك اللحظة مصادفة مأساوية، يمكن لعائلة أي منا أن تقع في براثنها.
المحزن أكثر، أن الصورة الوحيد التي تم تداولها بكثافة هي للانتحاري الذي ارتكب هذه المجزرة الدموية، وهو على ما يشاع سوري، من احدى البلدات المجاورة لمنبج. ورغم تبني داعش لعمليته ونعته القاتل بأحد جنودها، إلا أن وسائل الاعلام السورية، الكبيرة منها والصغيرة، انهمكت في تحليل هذه المعلومة، إما لإثبات أن تركيا وراء الحادث، كون الانتحاري قدم من منطقة تسيطر عليها قوات موالية لها، أو لاثبات أن قسد وراءها، باعتبار أنها تدقق في هوية أي شخص يدخل مناطقها، بل وتطلب أن يكفله شخص من أبناء المنطقة.
لقد أرسلت دول وأطراف كثيرة التعازي للولايات المتحدة ولقسد، وحدهم السوريون لم يعزهم أحد، مع أن الضحايا، والجاني والأرض لهم ومنهم، بل لم يعزوا بعضهم أو يقفوا إلى جانب اشقاءهم في مصابهم، في الوقت الذي يطالبون فيه العالم بالنظر إلى مأساتهم وحلّ قضيتهم.
“جسر”، وعلى الرغم من عدم وجود مراسل لها في منبج، حاولت من خلال الاتصالات الهاتفية وعبر صفحات التواصل الاجتماعي، تقصي المعلومات، وهويات وصور بعض الضحايا، ننشرها هنا، مع حزننا وعزاؤنا البالغ لأسرهم وذويهم واحبتهم. ومطالبتنا للقوى المتصارعة، وسلطات الأمر الواقع، وعلى رأسها الإدارة الاميركية، بتعويض منصف للأسر المنكوبة، والتكفل بعلاج المصابين.
الشهداء:
١-الطفلة سحر جمعة ملحم: ١٧ سنة، طالبة في الصف الثاني الثانوي، من قرية شعينة.
٢-رعد الكردي: من قرية حاج عابدين جنوب منبج.
٣-السيدة فادية عبود: والدة الطفلة سحر ملحم من قرية شعينة.
٤-المدرس حسين علي الهنكوري: مدرس ودير مدرسة أم جلود شمال منبج.
٥-ياسر أحمد منير الخلف: من قرية القرعة جنوب منبج.
٦-محمد الأحمد: عامل في المطعم الذي حدث فيه التفجير، من شارع السندس في منبج.
٧-ياسر قول اغاسي: نازح من منطقة الباب
٨-حمزة شيار : من قرية بلنك في عين العرب/كوباني.
٩-ويسو فارس: من قرية خراب زر.