الحجة “مريم الخليفة” تطهو للمقاتلين والجرحى في الرقة على الحطب
محمود الدرويش
في مطبخها المتواضع الذي لا يحوي حتى جرة غاز كانت تعد الطعام، على موقد وحطب وباستخدام بعض الأدوات القديمة، تخرج بين الحين والآخر إلى بستان مجاور فيه خضروات لجلب مستلزمات “الطبخة”، وعند علمها أن هناك “إعلام” يود مقابلتها نظرت بثبات لتقول “أنا لا أخاف إلا من الله وحده”.
الحجة مريم الخليفة (60عام) أو كما تحب أن ينادوها الحجة خليفة، بإمكانياتها الفردية المتواضعة وفقر حالها، أخذت على عاتقها مهمة إعداد طعام مقاتلي الجيش الحر والجرحى في المشفى الميداني بالطبقة.
تطوعت الحجة خليفة في هذا العمل عندما شاهدت شاباً عشرينياً مقتولاً قرب فرع الأمن الجوي في مدينة الطبقة، فلفته بعباءتها، ونادت بعض المقاتلين لدفنه، وعند ذلك شعرت أنه من واجبها ألا تبقى مكتوفة اليدين، ويجب أن تقدم شيئاً لدعم الثورة، بحسب تعبيرها.
يقول المتطوع في المشفى الميداني أسعد ابراهيم “باشرت الحجة بالعمل بشكل فردي وعلى نفقتها الخاصة، فبدأت بالطهي للمشفى الميداني”، ويضيف “عندما بدأت الحجة بجلب الطعام لنا اعترضنا على عملها كونها فقيرة الحال، ولكنها أصرت على ذلك، فبتنا نرسل لها المعونات التي كنّا نتلقاها لتقوم بتحضيرها”.
الحجة خليفة ليست وحدها من تطوع في العمل (بعد حصولها على موافقة زوجها)، فثلاثة من أبنائها يعملون أيضاً بشكل طوعي في المشفى الميداني الوحيد بالطبقة، وتوصيهم دائماً بالقول “لا تمدوا أيديكم على أموال الثورة مهما كلف الثمن، فعملنا كله في سبيل الله”.
تقوم الحجة بالطبخ على سخانة كهرباء (عند توفرها)، وتستعين بالحطب في بعض الأحيان نظراً لعدم توفر مادة الغاز، كما تملك بستاناً صغيراً تزرع فيه بعض الخضروات والنباتات لتستخدمها عند الطهي.
ورغم أن عملها قد لاقى قبولاً من قبل المقاتلين إلا أنها تصر دائماً على أن تقوم بجولة على المراكز التي تطهو لها كل فترة، لتسأل عن جودة الطعام، قائلة “يا ولادي خاف أكلي ما عما يعجبكم” فتطمئن عندما تسمعهم يشكرون ويحمدون، وباتت الآن تتعامل مع فرق من الهلال الأحمر وبعض الكتائب الذين يزودونها بالمواد اللازمة.
تتحدث الحجة خليفة عن الأيام العصيبة التي تمر بها الطبقة حيث تقوم قوات النظام بقصف المدينة بالطيران الحربي وبالمدفعية المتمركزة في مطار الطبقة العسكري فتقول “في كل صلاة لي أدعو الله تعالى أن ينصر مقاتلي الجيش الحر على قوات النظام، التي ظلمتنا كثيراً، وقتلت الكثير من أبنائنا”.
رغم جميع الصعاب التي تتعرض لها المدينة إلا أن الحجة خليفة مستمرة بعملها التطوعي، ولم تغادر منزلها، فهي تعتبر هذا العمل “نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله وخدمة لهذا الوطن”، وتعبر عن أملها ويقينها بأن النصر قادم لا محالة.