سماحة السيد هاني فحص لـ “جسر”:
ولاية الفقيه مسألة فرعية وليست دينية، وتدخُّل حزب الله ليس قانونيا
حاوره رئيس التحرير
بعد التدخل المباشر والمعلن والمحتفى به لحزب الله في القضية السورية، ما هو موقفكم من هذا التدخل، وما موقف المرجعيات الدينية الشيعية في لبنان، وما مدى تمايزها عن موقف حزب الله المعلن؟
* موقفي سلبي ومنسجم مع مسلكي الشخصي وموقفي الرافض لمساندة الأنظمة الاستبدادية تحت أي ذريعة، لأن كل الذرائع سوف تكون مفتعلة، خاصة إذا ما انتقلت هذه الأنظمة إلى مرحلة ارتكاب المجازر في حق البشر والعمران والمصير. أما المرجعيات الشيعية في لبنان، فليس عندنا مرجعيات بالمعنى الاصطلاحي، وإن كان هناك مرجعيات هامشية تقع تحت النفوذ الإيراني وتخدم حزب لله الذي يؤمن لها منافع معروفة من دون أن يكون مقتنعاً بأهليتها للمرجعية، خاصة وأن هناك إلحاحاً على حماية مرجعية المركز الإيراني (المرشد) مع هامش ضئيل لأصوات وشخصيات ثانوية جداً ولكنها في بيت الطاعة. هذه النوعيات لا تستطيع أن تعترض، أما المعترضون فهم يمثلون مرجعيات بالمعنى الفكري لا الفقهي وإن كانت أهلياتهم الفقهية غير متدنية، ولكنها لا ترقى الى مستوى المرجعية العامة (مرجعية التقليد) وهي على تواصل مع مرجعية النجف.
-هل تعتقد أن التجييش الطائفي الذي أحدثه حزب الله سني /شيعي سيتطور؟ أم أن هناك فرصة للعقلاء لنزع فتيل التأزم ومنعه من الانفجار وكيف؟
* دائماً كان هناك خوف، وما زال، من أن يتفاقم الخطأ، ودائماً كانت هناك حاجة أن ينهض العقلاء للقيام بدور علاجي ووقائي ملحّ. الأمران في سباق، ولكن يبدو أن وتيرة تنامي الأخطاء أسرع من وتيرة تعاون العقلاء، وإذا ما طالت المدة وكثرت الممارسات الفتنوية، فقد يتضاءل عدد العقلاء ويتراجع دورهم. عليهم أن يعجّلوا قبل فوات الأوان، أي قبل الانفجار الشامل الذي تجعله المبررات الدينية المختلَقة أوسع وأعمق وأعصى على الحل والصلاح.
-ماهي مدى معارضة الشيعة في لبنان والعالم عموماً لتوجهات حزب الله الأخيرة؟
* الشيعة في لبنان تُركوا لإيران وحزب الله بعد الاحتلال الاسرائيلي للبنان من قبل العرب، وكذلك أهملتهم الدولة، فسرح فيهم حزب الله وإيران ومرحا بالمال والدين والمقاومة، فأصبح حزب الله حاكماً قوياً وشبه وحيد بصرف النظر عن عمق الولاء له. وترسخت سلوكيات شعبية ومخاوف ومصالح تجعل الاعتراض الشيعي الشعبي على سلوكيات الحزب في منتهى الصعوبة؛ ومن يعارضون حزب الله لا يقدمون ضمانات أو إغراءات كافية للاعتراض الشعبي الواسع. يبقى أن هناك عدداً كبيراً، وليس أكثرية، من القوى الشعبية الشيعية، ومن القيادات الدينية والمدنية والفعاليات، تعترض علناً وبعمق، ولكنها تقدم شهادة للتاريخ لا أكثر، ولا تجد مشروعاً عربياً يمكن الاتّكال عليه لتحويل المعارضة الشيعية الى مؤسسة فاعلة.
-هل يمكن لنهج حزب الله الطائفي الصدامي أن يكون عنوان المرحلة القادمة لعموم الشيعة؟
* النهج الطائفي نهج مشترك بين حزب الله والإسلام السياسي السني، بل وحتى عند قسم من الليبرالية السنية المسكونة بالعصبية المذهبية كالكثير من الجماعات الليبرالية الشيعية، ما يعني أن الصراع الطائفي الواسع والبشع في انتظارنا. ولماذا لا نقول إنه متحقق فعلاً ويتفاقم يوماً بعد يوم. لا نُعفي حزب الله وإيران من المسؤولية، ولكن ليس هناك من أبرياء حقيقيين سوى أناس أو جنود مجهولون متمسكون بالقيم والأفكار الجامعة من المتدينين والعلمانيين، علماً بأن جرثومة الطائفية قد تفشت حتى في المجال العلماني أو المدني أو اليساري، فضلاً عن المجال الفقهي. وقد نزل الانقسام الى تفاصيل حياة الناس الذين كانوا دائماً هم الذين يصنعون العيش المشترك.
– من موقعكم المؤثر، ماذا فعلتم أو تحاولون فعله لمنع حدوث انفجار صراع مذهبي واسع في المنطقة؟
* موقعي مؤثر جزئياً في أمثالي من زملائي وأصدقائي والمتأثرين بأفكاري، ولكنهم قلة، ونوعية وفاعلة في العمق أكثر من السطح، وربما في الغد أكثر من اليوم؛ وأنا لا أستهتر بهم، لأننا نشتغل في المكان الأعمق من الواقع والتاريخ، مؤمنين أن الأفكار الاعتدالية والوسطية هي المآل الحتمي للحراك الاجتماعي مهما اضطرب. عملنا كثيراً ونشرنا مفاهيم وأفكار وقيم الحوار والتقريب وصنعنا جزيرتنا التي نصرّ على تحصينها حتى لا يخربها الإعصار، ونعتقد أن دورنا، وإن تعثر بسبب طغيان التوتر على التعقل، فإنه آت، خاصة إذا – لا سمح الله – وقعت الكارثة وسقط الهيكل على رؤوس الكهنة والتجار والناس أي أهلنا جميعاً. ويبقى أن غلبة العقل والمشهد الاعتدالي والإصلاحي في إيران يمكن أن يشكل شروعاً في الخروج من هذا البلاء، وحينئذ يتحول الفدائيون، الذين هم نحن، إلى ضرورة على طريق التسوية والخروج من المأزق بإحياء الحوار وتفعيله.
-مؤخراً أعدم حزب الله ناشطاً شيعياً معارضاً لسياسة الحزب أمام السفارة الايرانية، هل يعاني معارضو حزب الله الشيعة في لبنان من التهديد أو الترهيب؟ وبرأيكم، ما موقف السيد محمد الأمين من مجمل القضية السورية وتطوراتها الأخيرة؟
* كل الإسلاميين أو الإسلامويين أو حملة السلاح والإسلام السياسي يمارسون الإعدام من دون مرجع شرعي أو قانوني، ويأخذون حقوقهم المدّعاة أو الباطل بأيديهم، لأنهم لا يستطيعون أن يكونوا تحت سقف القانون والحق في الحرية والتعبير والحق في ارتكاب الخطأ والمعصية تحت طائلة المحاسبة بمعناها الشرعي والقانوني المسؤول. أنا لا أقول بأني لا أخاف، ولكني عاقل وخوفي خوف العقلاء وليس جزعاً أو رهاباً، وأنا حذر جداً، ومشغول بالنقد العميق والجدي وليس بالعداوة والقسوة، ولا أعتقد بأن حزب الله قد وصل الى حد الاضطرار لتهديد أمثالي، غير أن هناك سفهاء يمكن أن يرتكبوا الحماقة، وحزب الله مضطر أن يغطيهم ويبررهم، لأنه، في حالة الفتنة، بحاجة إلى السفهاء أكثر من العقلاء. وفي الوقت المناسب، سوف نتوارى لنستمر في موقفنا. نرجو ألا يحدث ذلك، لأننا نخاف أيضاً أن لا يكون لنا مكان يحمينا، إذ يبدو بأن المطلوب أن تكون قطيعتنا حتى مع أهلنا الذين نختلف عنهم أو معهم. والسيد محمد حسن الأمين شريك أساسي، معني بهذا الأمر مثلي، ولا أظن أن موقفه أو كلامه يختلف إلا في تفاصيل التفاصيل.
-حضرتك كنت مستشاراً ثقافياً للإمام الخميني عند قيام الثورة الاسلامية في إيران. ما موقفكم من نظرية “ولاية الفقيه”؟ هل كنت مؤمناً بها؟ وما هو موقفك الآن؟
* لم أكن مستشاراً للسيد الخميني. بل كنت لمدة طويلة جزءاً من فريق عمله من عام 1972 الى خريف 1985، من دون تميز أو امتياز إلا عن رعيلي اللبناني من المشايخ الذين كانت قلة قليلة منهم توافق على سلوكي في دعم الثورة الإيرانية قبل انتصارها؛ أما مسلمو ما بعد الفتح فقد تكاثروا كما يتكاثر البقل. ولقد تركّز شغلي في إيران على منظمة إعلام الحوزة في قم، حيث كان بعض شغلي الإشراف على مجلة “الفجر” البحثية، كما كنت مسؤولاً ثقافياً في مكتب الاتصال بعلماء المسلمين في العالم، وعضو اللجنة العلمية (مع السيد محمد خاتمي وغيره من العلماء) لمؤتمر أئمة الجمعة والجماعة. كان رئيسنا الرسمي رئيس الجمهورية السيد علي خامنئي وكان مكتبنا في الرئاسة، وكانت علاقتي بخامنئي أقدم من تاريخ هذا العمل عام 1983، والواقع أنني كنت مستشاراً للرئيس ياسر عرفات في الشأن الإيراني والشيعي العام، وقناة الاتصال بين حركة فتح والثورة الإيرانية. كنت متحمساً لولاية الفقيه ولكني تراجعت، كما تراجع المؤصل الأول لهذه المسألة الشيخ حسين منتظري، ومروجها الأول الشيخ يوسف صانعي. ولاية الفقيه مسألة فرعية، وتبقى كذلك مهما حاول المتوترون الإيرانيون تحويلها الى أصل عقدي يترتب الكفر على عدم القول به، وهذا ضد التاريخ وضد الدين. وقناعتي أن المسألة ليست دينية؛ هناك دولة وطنية إيرانية، تستثمر التشيع والإسلام، كما يستثمر غيرها أموراً أخرى، ولكن ولاية الفقيه هي التكييف الفقهي لموقع الشاه أو السلطان في النقطة المركزية من بنية دولة، ولذلك فالدولة الإيرانية هي دولة حديثة بذريعة دينية وتكييف فقهي. وهذا تقرير وليس مديحاً لأن الحداثة لا تعني الديموقراطية دائماً. والديموقراطية أساساً هي من مصنوعات الشعوب لا السلطات التي تكون ديموقراطية قليلاً أو كثيراً، أو استبدادية، كالسلطة الإيرانية بضغط من شعبها الحيوي والمميز.
-ماهي آخر التطورات في الخلاف العقائدي بين مرجعيات قم ومرجعيات النجف التي يقودها السيستاني اليوم؟ وما موقعكم من هذا الخلاف؟
* أنا من محبي السيستاني الذي أظن بأنه يحبني، وأنتمي إلى خطه الذي يميز بين الديني والسياسي، وبين الدين والدولة، وبين المرجعية الدينية والمرجعية السياسية، وأحترم إعلانه وصمته، وأعرف أسبابه وأدرك بلاغته. وأعلم أن شهوات السلطة لدى الإسلاميين، والمعممين منهم خاصة، جارفة وقد لا ترى مصلحتها إلا في تهميش المرجعية المعتدلة، والتظاهر بالانسجام معها، تحت طائلة إضعافها واستضعافها، تماماً كما فعل صدام حسين ونظامه والشاه ونظامه. أما مرجعيات قم الحقيقية، أي المؤهلة علمياً من دون غذاء سلطوي أو منشطات كيماوية، فهي منسجمة مع النجف وأكثر حماساً لإعادة الاستقلالية للشأن الديني والعلمي وإنتاج المعرفة بعيداً عن إملاءات السلطة، حتى لا تبقى الحوزة تحت خطر مصادرة السلطة لها وإلزامها بإنتاج الفقه التبريري، فقه السلاطين وفقهاء السلاطين.
-ما هو موقف الشيعة من الثورة السورية؟ هل هناك حالة داخلية مؤيدة للثورة السورية غير منظورة أو غير مُعبَّر عنها بشكل كاف؟
* نعم هناك حالة شيعية مؤيدة للثورة السورية، ولكنها تتراجع عدداً ونوعاً أمام مشاهد الفعل الإرهابي من طرف المتطرفين، وأمام اللغة المذهبية التي تهيمن على جزء كبير من خطاب الثورة في الظاهر أو في العمق. وليس سراً أن الشيعة المناصرين للشعب السوري هم أقرب الى التيارات المدنية الدينية أو العلمانية من غيرها. إذ هم يخافون من الطائفية أو الأصولية، بصرف النظر عن نعتهما المذهبي، ولا يريدون أن ينتقلوا من “تحت الدلفة إلى تحت الميزاب”، أي من السيء الى الأسوأ.
-ما هو موقف عموم أبناء الطائفة الشيعية في لبنان من المشاركة العسكرية في العمليات داخل سوريا؟ وما هو الحكم الفقهي من وجهة نظركم في “التكليف الديني” بهذا الخصوص؟ وماهي تقديراتكم لحجم ونسبة الأطراف المختلفة حول هذا الأمر؟
* لقد تكلمنا سابقاً، هنا وفي غير مكان، عن الموقف الشيعي من المشاركة المحرجة في سورية. أما الحكم الفقهي، فأي حكم فقهي؟ نحن الفقهاء ندير الحكم على هوانا وهوى حكامنا، ونحوّل الرذائل الطائفية إلى مقدسات. وما كان حراماً هنا نجعله حلالاً هناك أو واجباً. أنا لا أريد أن أدخل إلى الحدث من المدخل الفقهي، بل من المدخل القانوني، لأنه انتهاك لسيادة سورية لصالح نظام انتهك سيادة لبنان دائماً. لا أريد أن أؤصّل فقهياً أموراً كالديمقراطية أو الدولة المدنية، ويمكن أن أجد لها أصلاً. ولكن فقيهاً آخر، أقوي مني أو أفقه أو أغنى أو من حزب قوي، يجد أصلاً للدولة الاستبدادية. ويبقى الالتباس بين الحق والباطل قائماً ومن دون حل. أنا مرجعيتي مختلفة، وليس في الدين الإسلامي وصف للدولة. الدولة من ضرورات المجتمع، والقانون هو قوام الدولة. قانونياً تدخُّل حزب الله في سورية سواء كان شيعياً أو سنياً ليس قانونياً. أما الحرام والحلال فأمر يمكن اللعب عليه دائماً، وكما حصل دائماً.
-ما هو تصوركم لتأثير ما يحدث الآن في سوريا على الحالة العراقية؟ هل سيؤدي الاستقطاب المذهبي الذي يحدث بسبب الثورة السورية إلى تغيرات ما في الداخل العراقي؟
* أثر سورية على العراق جارٍ، وأثر العراق على سورية جارٍ، وإن كان ضمير البعض يتحمل مناصرة النظام السوري ضد الشعب، بعدما قدم وثائق دامغة على جرائم الإرهاب التي ارتكبها النظام السوري في حق الشعب العراقي والشيعة خصوصاً. المستجد هو انتصار الاعتدال الإيراني، ما يحتمل أن يكون أثره محموداً على العراق وسوريا، من دون مبالغات أو أوهام.
-ثمة نظرية تقول بأن إيران تدفع باتجاه استقطاب حاد داخل الشعوب العربية سني/شيعي، لتصبح هي، بطريقة ما، دولة الشيعة الناطقة باسمهم. إلى أي مدى ترى أن هذه الفكرة دقيقة؟ وباعتقادك، ما هو موقف الشيعة العرب من إيران؟
* إيران لها ذاكرة إمبراطورية حية، وقوة حاضرة في تفكير وحياة عدد كبير من أهلها ومفكريها ومثقفيها وزعمائها من كل العهود حتى الآن، وخاصة الآن؛ أي بعد نجاح الثورة وإقامة دولتها واستشعار القوة أمام مظاهر الضعف في محيط إيران، وعودة تركيا الى المنافسة. تقوم هذه الذاكرة على أن الإيرانيين حكموا ثلثي آسيا، ولكن الأتراك، وهم أقل أهلية حضارية وثقافية منهم ، سرقوا الكنز ، وأقاموا إمبراطورتيهم وتوجهوا فاتحين غرباً وشرقاً، فقامت الدولة الصفوية التي شيّعت ايران، بالقوة وغيرها، كمميز ديني وأساس عصبي في مقابل سنيّة العثمانيين وخلاصهم من المساحات الشيعية في الأناضول. واستطاعت الدولة العثمانية أن تحصر الطموح الإيراني وتحاصره في إيران. حتى أن النفوذ الصفوي والقاجاري في العراق كان يمر بالإرادة العثمانية التي تكون موافقة مرة ومعارضة مرة أخرى، ما جعل الحروب والمجازر مسألة متبادلة، إلى أن تم التصالح على أن يكون الولاء العراقي العام للسلطة العثمانية، مع السماح بقناة نفوذ للسلطة الإيرانية والمجتمع الإيراني في الوسط الشيعي الشعبي والحوزوي، دون السياسي. وقد وجدت إيران فرصتها، بعد الثورة والحرب العراقية – الإيرانية المجنونة والغبية، في جنوب لبنان وفلسطين عندما ترك العرب لها جنوب لبنان وفلسطين الانتفاضة، فدعمت المقاومة والتحرير بوضوح وطموح وطمع قومي وشيعي، وأصبح لها دور مميز في قضية العرب الأولى وقضية السنّة الأولى. وعاد العرب والسنّة للتصرف غير الدقيق في العراق مفسحين المجال لشراكة إيرانية أميركية في العراق، كما في أفغانستان؛ كأن إيران قد أغراها ذلك بأن تستعيد دورها الإمبراطوري بشكل حديث من خلال معادلة مفهوم الكثرة السنيّة والعربية بالقوة الإيرانية والشيعية، وعبر الشيعة والاختراقات في صفوف السنّة معاً، ومن خلال الأنظمة والشعوب والمنظمات الشعبية معاً كحماس، الجهاد، وغيرهما، بل وحتى اليسار والأحزاب القومية.
-المؤتمر العام لحزب الله اللبناني مؤجل منذ سنتين، لماذا؟ هل للثورة السورية علاقة بذلك؟
* لا أدري. وأعتقد أن هناك مشكلة تتعلق بانحصار الأمانة العامة فعلياً في السيد نصر الله، ما يقتضي إعادة بناء القانون الأساسي ونظام الحزب على صيغة تحفظ زعامة نصر الله وقيادته الى الأبد، خاصة وأنه أصبح من المستحيل إنتاج قائد بديل. لا أدري، ولا متابعة لدي لتفاصيل الشؤون الداخلية في الحزب. عقلي ليس استخباراتياً. أنا أراقب أحداثاً ووقائع ليس إلا، ولا أنجّم ولا أقرأ الطالع.
-هل تعتقد أنه يوجد، كما يشاع، خلاف داخلي في حزب الله بين الجناح الأمني العسكري، والجناح السياسي حول طريقة التعاطي مع الأزمة السورية؟ وكيف؟
* قد يكون هناك خلاف، ولكن الحزب حديدي. والخلاف لا يتبلور، في هذه الحالة، إلا عند المنعطفات الدرامية الكبرى. إذ يتحول الاختلاف إلى خلاف، والخلاف إلى انشقاق، والانشقاق إلى صراع، والصراع إلى قتال شرس. والإطار المرن إذا عطب يمكن إصلاحه، أما الصلب فإنه يتشظى ويتصدع ويصعب رأبه. لا تسامح في عقل الشموليات؛ ولنقرأ تاريخ البعث والشيوعية والبلاشفة والمناشفة، وتاريخ الصين والثورة الثقافية المشؤومة، وتاريخ إيران في محطة حسين موسوي ومهدي كروبي، وهما من بناة الدولة في الظروف الصعبة. وهناك معلومات أن أحمد الخميني قد تم اغتياله.
-لماذا نبيه بري صامت؟!
* نبيه بري براغماتي أصلي وذكي، ويعلك أو يمضغ على فكين لا واحد، ويتربص. وينجح عادة في مراهناته السرية لأنه يلعب من خارج حلبة السباق (بارولي). أما إذا خسر هذه المرة فلن تقوم له قائمة، ولن يكون له مكان في المشهد الطائفي الحاد والحار. وإذا ربح فسوف يمضي إلى ربه، بعد عمر مديد، حاملاً صورة المنقذ الوطني؛ لأهليته أو لقلة الرجال؛ لا أدري؛ بل للأمرين معاً، وهذه الصورة سوف تكون محواً، لا أدري إلى متى، لكل أخطائه ودوره المساعد على تقويض الدولة.
– هل تعتقد أن وصول الشيخ روحاني إلى سدة الحكم في ايران يعني تغيراً حقيقياً في السياسة الخارجية لإيران؟ خاصة في الملف السوري؟
* أتوقع خيراً وتغييراً عميقاً ومميزاً، نوعاً لا كماً، في كل شيء في إيران، من دون مبالغة أو تسرع أو أحلام وردية. المسألة أعقد من عواطفنا ورغباتنا. وضمانة إيران هي حيوية شعبها.